الانقلاب العسكري الجديد بالسودان.. حقيقة أم فزّاعة؟

Sudan’s military says it foiled fresh coup attempt- - KHARTOUM, SUDAN - JULY 12: A screen grab captured from the statement broadcast live on state-run television shows General Jamal Omar (front), chairman of the ruling military council’s Committee on Security and Defense, declares that it had foiled an attempted coup in Khartoum, Sudan on July 12, 2019.
اللواء جمال عمر (يسار) متحدثا عبر التلفزيون السوداني الحكومي عن إفشال المجلس العسكري الانتقالي لانقلاب (الأناضول)

الجزيرة نت-خاص

للمرة الثالثة منذ إعلانه الانحياز للثورة، يعلن المجلس العسكري الانتقالي إحباطه لمحاولة انقلابية، وهو الإعلان الذي يعتبره ناشطون بالثورة السودانية تذرعا للتنصل عن تنفيذ اتفاق نقل السلطة للمدنيين.

وبينما كانت الأنظار تتجه نحو الخرطوم لمشاهدة توقيع اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين، أعلن المجلس العسكري إفشاله لمحاولة الانقلاب الثالثة في غضون شهرين، دون إعلان لأسماء ورُتب المشتركين في تلك المحاولات.

كما لم يعلن المجلس العسكري عن نية أولئك الانقلابيين، ولم ينشر ما يؤكد أنه قدم أيا منهم للتحقيق ناهيك عن المحاكمة.

وبحسب الخبير الأمني سليمان عوض فضل السيد، فإن ما أعلن إفشاله "لا يمكن أن يكون انقلابا، لأن الانقلاب حال حدوثه يعني تحرك قوات عسكرية للاستيلاء على السلطة أو أحد مراكز القيادات الهامة للجيش".

ولكي يحدث الانقلاب لا بد من توفر جسم سياسي يقف وراء المحاولة الانقلابية، وهو ما لا يتوفر حتى للإسلاميين في ظل الظروف الحالية، إذ يرى فضل السيد أن الشارع "يرفض عودة الإسلاميين للسلطة".

ولهذا يقول الخبير الأمني إن المؤتمر الوطني -الحزب الحاكم سابقا- لا يتصور تورطه في إسناد أية محاولة انقلابية في الوقت الراهن.

مواقف متباينة
من جهته، قال خبير عسكري للجزيرة نت، وطلب عدم الكشف عن اسمه، إن الانقلاب متوقع الحدوث "لأنه كفعل عنيف يمكن أن يقضي على نفوذ الإسلاميين داخل الدولة، وهو ما عجزت عنه قوى الثورة السودانية".

كما يتوقع نجاح قادته في الإمساك بالسلطة "بدليل بقاء قيادات المجلس العسكري الحالي في السلطة، وقد كانوا قبل الثورة من المغمورين".

وعلى حد قوله، فإنه "من المستحيل إلغاء حقيقة وجود عسكريين مغامرين خاصة من فئة الشباب داخل الجيش السوداني".

وكان خبر الانقلاب العسكري مثارا للتعليقات الساخرة من بعض ناشطي الثورة السودانية الذين يعتبرون إعلان المجلس العسكري إفشاله للانقلاب بمثابة شد انتباه قوى التغيير لأهمية وجود العسكريين معهم داخل النظام الجديد، باعتبار أنهم قادرون على توفير الحماية له.

وفي هذا السياق، يصف الصحفي والمحلل السياسي محمد الأسباط إعلان المجلس إفشال محاولة الانقلاب بأنه "عمل دعائي بائس هدفه إثارة الغبار في المشهد السياسي".

ومن وجهة نظره، لا يوجد مبرر لوقوع الانقلاب في هذه المرحلة "لأن الانقلاب لا يستطيع تنفيذه غير الإسلاميين".

ولما كان الإسلاميون "ما زالوا يتحكمون في المشهد ويديرون البلاد من خلف ستار هو المجلس العسكري"، فإنه لا يتوقع انقلابهم على سلطة هي بين أيديهم، على حد قوله.

وعلى رأي أستاذ الحوكمة البروفسور أحمد المصطفى الحسين "ليس المهم ما إذا كان الانقلاب قد كان حقيقة واقعة أم لا، لكن ما هو مهم هو الرسالة التي أراد المجلس العسكري بثها من خلال ذلك الإعلان في لحظة حرجة، وفي أيام صعبة من أيام التفاوض بينه وبين قوى التغيير".

ويريد المجلس العسكري من خلال ذلك الإعلان -على حد عبارة الحسين- "استخدام خبر الانقلاب كتكتيك تخويفي لأجل تليين موقف قوى الحرية والتغيير في ما يختص بسلطات مجلس السيادة".

وما يجعل قادة المجلس يحرصون على حصولهم على أغلبية داخل مجلس السيادة -يقول الحسين- هو "خشيتهم من التعرض للمحاكمات في أشنع مجزرة عرفت في تاريخ السودان القديم والحديث، هي مجزرة فض اعتصام قيادة الجيش في نهاية رمضان الماضي".

حماية الثورة
من جهته، يشكك الصحفي محمد الأقرع في وقوع حادثة الانقلاب، معتبرا ما أعلنه المجلس "محض افتراء لأن الشارع السوداني غير مهيأ لتأييد أي انقلاب عسكري".

ويقول الأقرع "إن أحاديث المجلس المكررة عن إفشال ثلاثة انقلابات عسكرية في وقت وجيز، الغرض منه إرسال رسائل للمجتمع الدولي ولقوى التغيير بأن المجلس العسكري هو من يستطيع حماية الثورة".

ويستبعد الناشط بالمجتمع المدني الدكتور نصر الدين شلقامي وقوع انقلاب بالسودان في الظرف الراهن "لأن هناك رفضا مؤسسيا لفكرة الانقلاب العسكري في الداخل والخارج".

ولكي يتجنب السودان الانقلابات مستقبلا، من وجهة نظر شلقامي، يتوجب على قوى الثورة "وضع قانون صارم لمعاقبة كل من يعمل على تقويض النظام الديمقراطي".

وفي سياق تكذيب ما ورد عن المجلس العسكري، يقول الناشط السياسي عبد الحميد موسى في إفادته للجزيرة نت "ليس هناك داع للانقلاب، إذا كان الإسلاميون ممثلين في كتائب الظل وقوات الجنجويد، هم من يحكمون الآن ومن سيتقاسمون السلطة مستقبلا مع قوى التغيير".

ويدحض إعلان المجلس إحباطه لمحاولات انقلابية عديدة، بقوله إن تصريحات قادة المجلس في هذا الصدد "تُعد دليلا على طموحهم للبقاء في السلطة، بترويج الإشاعات عن قدرتهم على درء مخاطر أمنية يمكن أن يتعرض لها النظام الجديد".

المصدر : الجزيرة