عائلات تتحكم بالاقتصاد وتهدد الثورة.. تصريحات السفير الأوروبي تهز المشهد التونسي

في حوار أجراه مع صحيفة لوموند الفرنسية، قدّم السفير الأوروبي بتونس باتريس بيرغاميني قراءة سلبية لاقتصاد مهد الربيع العربي، وقال إن الثروة تتركز في أيدي عائلات معينة ترفض المنافسة وتوشك أن تقضي على مكتسبات الثورة.

وجاء في الحوار الذي نشر الثلاثاء الماضي، أن عائلات بعينها تتحكم في مفاصل الاقتصاد الوطني التونسي، بالإضافة إلى أن هناك مجموعات احتكارية تعوق المنافسة العادلة والشفافة.

واعتبر السفير الأوروبي أن الانتقال الاقتصادي في تونس لم يتحقق بعد، وأن الثروة تزداد تركزا في أيادي عائلات دون غيرها، وأنها توشك على الإجهاز على ما حققه الانتقال الديمقراطي سياسيا.

ووردت في تصريحات السفير مفردات من قبيل غياب المنافسة والاحتكار والفساد والسوق السوداء.

وتحدث السفير عن دور "ألاليكا" (اتفاقية التبادل الحر) في القضاء على احتكار هذه المجموعات الاقتصادية وسيطرتها على اقتصاد البلاد والقضاء على الفساد والسوق السوداء.

وبدت تصريحات السفير أقرب إلى قراءة سلبية للواقع الاقتصادي التونسي، واعتبرها البعض مخالفة للقواعد الدبلوماسية، لكنها خلّفت هزة كبيرة في الأوساط السياسية والدبلوماسية التونسية.

وقال المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إن تصريحات السفير غير مفاجئة باعتبار أن هذا الكلام سبق أن قيل من طرف أحزاب ومنظمات مهتمة بالشأن الاقتصادي، لكن "الغريب في الأمر والمفاجئ هو الموقف التونسي".

لكن أكبر منظمة لرجال الأعمال في تونس استنكرت هذه التصريحات، واعتبرها آخرون تدخلا سافرا في الشؤون التونسية، في ظل رغبة في فرض اتفاقية اقتصادية أوروبية، يراها البعض مجحفة وغير عادلة.

تنسيق وتدخل
ورأى الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي أن تصريحات السفير الأوروبي في جريدة بحجم لوموند لا يمكن أن تكون تلقائية، فهناك "تنسيق مع جماعته وربما لديه تعليمات لتسهيل مأمورية خلفه ونحن في مفاوضات وأحبّ أن يوصل لنا رسالة بأنهم غير راضين عن العلاقات".

‪التقارير تشير إلى غبن كبير في توزيع عائدات الثروة التونسية‬ (الجزيرة)
‪التقارير تشير إلى غبن كبير في توزيع عائدات الثروة التونسية‬ (الجزيرة)

واعتبرت صحف تونسية أن تصريحات السفير تشكّل تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد.

ورأت صحيفة الصباح التونسية أن الحديث عن "اللوبيات" العائلية يحمل في طياته إشارات إلى الأسماء الاقتصادية الكبرى التي بدت متحكمة في اللعبة السياسية سواء بانتمائها إلى الأحزاب أو وقوفها وتمويلها لبعض الشخصيات أو الأحزاب.

العوائل الثرية
ومن أهم العائلات الاقتصادية في تونس عائلة إدريس والنابلي بسوسة، ومبروك بالمهدية، وبوشماوي والجريء في الجنوب الشرقي، وميلاد والمدب في القيروان.

كذلك من الأسماء المؤثرة في السوق النائب الطفي علي، المتهم بقضايا فساد تتعلق بشركة فسفاط قفصة، ورجل الأعمال المثير للجدل مروان بن مبروك.

وفي سنة 2014 وردت أسماء سليم الرياحي والمبروك وحمادي بوصبيع على قائمة أثرياء تونس.

ويشار إلى أن تونس تحتل المرتبة 73 في التصنيف العالمي لمؤشر مدركات الفساد من مجموع 180 دولة شملتها دراسة سابقة لمنظمة الشفافية الدولية وأعلنت نتائجها في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.

المصدر : الجزيرة