منذ شهور.. عائلات مئات الشهداء الفلسطينيين بلا مخصصات

جانب من اعتصام ذوي الشهداء المقطوعة رواتبهم في غزة الأسبوع الماضي
جانب من اعتصام ذوي الشهداء المقطوعة رواتبهم في غزة الأسبوع الماضي (مواقع التواصل)

الجزيرة نت-رام الله/غزة

سيدة في الثمانين من عمرها فقدت زوجها في سجون الاحتلال قبل نحو أربعة عقود، وأصبحت تتقاضى مخصصا شهريا من منظمة التحرير الفلسطينية ثم السلطة الفلسطينية كأسرة شهيد، لكنها فوجئت الشهر الماضي ولأول مرة بوقف المخصص.

توجهت السيدة –التي فضلت عدم ذكر اسمها- إلى الجهات المختصة في الضفة الغربية، وأُبلغت بضرورة إحضار مزيد من الوثائق، فتلقت وعدا بصرف مخصصها قريبا على أن تحضر الوثائق المطلوبة.

إذا كانت الحال مع السيدة نقص في الوثائق رغم سنوات الصرف الطويلة، فإن ما لا يقل عن 2700 شهيد فلسطيني آخر -أغلبهم في قطاع غزة- أوقفت بالفعل مخصصات ذويهم لأسباب سياسية.

حماس والجهاد
وأكدت مصادر متطابقة توقيف رواتب مئات الشهداء والأسرى والجرحى خلال الشهور الأخيرة، وأغلبهم ينتمون إلى حركتي الجهاد الإسلامي وحماس وتيار القيادي المفصول من فتح محمد دحلان.

ورفضت السلطة الفلسطينية أواخر فبراير/شباط الماضي تسلم أموال المقاصة (عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل من الموانئ نيابة عن السلطة الفلسطينية) والمقدرة بنحو 194 مليون دولار، بعد أن خصمت إسرائيل منها نحو 11.5 مليون دولار، هي مخصصات الأسرى وذوي الشهداء والجرحى.

وبعد إرجاع المقاصة، قررت السلطة صرف نحو 50% فقط من رواتب الموظفين الحكوميين، وقالت إنها تصرف كامل مستحقات الأسرى والجرحى وذوي الشهداء، لكن المئات منهم لم تصرف مخصصاتهم حتى اليوم.

وأكدت اللجنة الوطنية لذوي الشهداء والجرحى -ومقرها غزة- توثيق 2700 حالة لجرحى وشهداء من مختلف الفصائل، بعضهم استشهد في تسعينيات القرن الماضي، تم وقف مخصصاتهم.

وقال أمين عام اللجنة ماهر بدوي إن المخصصات أوقفت بدافع سياسي، مستبعدا حل المشكلة جذريا في ظل الانقسام، لكنه أشار إلى إعادة مخصصات العشرات منهم شهريا، ووعد بإعادة المزيد خلال الشهور القادمة.

وطالب بدوي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتحييد ملف الشهداء والأسرى والجرحى عن المناكفات السياسية.

وتواصلت الجزيرة نت مع مدير مؤسسة أسر الشهداء بالسلطة الفلسطينية خالد جبارين للتأكد من عدد حالات وقف المخصصات، لكنه اعتذر عن عدم الحديث.

وبدأت سياسة قطع الرواتب بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، وذلك بوقف مخصصات عدد من أعضاء المجلس التشريعي المحسوبين على الحركة في القطاع، ثم قطع رواتب نواب محسوبين على القيادي المفصول من فتح محمد دحلان في الضفة الغربية، ولاحقا تم تقليص رواتب بحق موظفي قطاع غزة.

ويؤكد المدير التنفيذي للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك أن سياسة قطع مخصصات ذوي شهداء وجرحى وأسرى محسوبون على حماس والجهاد ومحمد دحلان لوحظت عام 2018 واستمرت في 2019.

وقال إن سياسة وقف المخصصات مستمرة حتى بعد إعادة المقاصة، مقدرا عدد من قطعت مخصصاتهم بنحو 2700 حالة، ومشيرا إلى أن كثيرا من الحالات لم تتمكن الهيئة من توثيقها.

الدويك: عدد من قطعت مخصصاتهم نحو 2700 حالة (مواقع التواصل)
الدويك: عدد من قطعت مخصصاتهم نحو 2700 حالة (مواقع التواصل)

إجراءات غير قانونية
وإضافة إلى الفئات السابقة، أكد الدويك أنه بعد حل المجلس التشريعي في ديسمبر/كانون الأول الماضي أحيل جميع أعضائه إلى التقاعد، ولم يتقاض نحو أربعين منهم محسوبين على حماس مخصصاتهم التقاعدية.

ويؤكد مدير الهيئة أن مجمل الإجراءات السابقة غير قانونية، مطالبا بتصحيح الوضع وصرف المستحقات المالية بأثر رجعي، وحسب القانون الذي يعتبر أن أي خصم من الراتب يجب أن يكون بموجب حكم قضائي أو بموجب إجراءات منصوص عليها في القانون.

وبشأن ردود فعل الجهات ذات الصلة مع مطالبات الهيئة، قال الدويك إن الرئيس يخصص من وقته ساعة سنويا لتسلم تقرير الهيئة، ويبدي اهتمامه بالقضايا التي تعد مصدر قلق بالنسبة للهيئة، وعلى رأسها التعذيب وسوء المعاملة.

المصدر : الجزيرة