في ظل التأجيل المتكرر.. ما مصير خطة السلام الأميركية؟

JERUSALEM, ISRAEL - MAY 22: (ISRAEL OUT) In this handout photo provided by the Israel Government Press Office (GPO), US President Donald J Trump (L) and White House senior adviser Jared Kushner meet with Israel Prime Minister Benjamin Netanyahu (R) at the King David Hotel May 22, 2017 in Jerusalem, Israel. Trump arrived for a 28-hour visit to Israel and the Palestinian Authority areas on his first foreign trip since taking office in January. (Photo by Kobi Gideon/GPO via Getty Images)
ترامب ونتنياهو يواجهان انتخابات قد تؤدي إلى تأجيل إعلان خطة السلام (غيتي)

محمد المنشاوي-واشنطن

جاءت أخبار عزم إدارة الرئيس دونالد ترامب تأجيل طرح الشق السياسي لخطة السلام الأميركية -المعروفة إعلاميا بصفقة القرن- في انتظار تشكيل حكومة إسرائيلية بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لتثير تساؤلات في واشنطن حول جدوى تقديم الخطة.

ومنذ تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة مطلع 2017، تعهدت إدارته بعرض رؤيتها للسلام في الشرق الأوسط خلال أشهر قليلة، إلا أنه بعد مرور عامين ونصف العام لم تخرج الصفقة للعلن، ولم تعرَف تفاصيلها.

وأرجأت واشنطن طرح الشق السياسي من صفقة القرن عدة مرات، وكانت السياسة الداخلية في إسرائيل وانتخاباتها -فضلا عن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس- مبررا للتأجيل عدة مرات.

ترحيب بالتأجيل
ورحب بعض الخبراء -ممن لم يتحمسوا بالأساس لفكرة صفقة القرن- بالتأجيل الأخير، وقال مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى روبرت ساتلوف في تغريدة "تأجيل طرح خطة سلام الشرق الأوسط خطوة حكيمة، أما إلغاؤها كليا فسيكون أكثر حكمة، حيث يمكن إتاحة المزيد من الوقت لتصحيح الاختلال بالخطة، ومن ثم خلق فرصة لإقناع الفلسطينيين بالقبول بها".

وترى دراسة صدرت عن مركز أبحاث الكونغرس عن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أنه على الرغم من "تعبير الرئيس ترامب وكبار أركان إدارته عن رغبتهم الكبيرة في التوسط للوصول لاتفاق سلام نهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن الكثير من مواقفهم وسياساتهم تطرح شكوكا حول توقيت وفاعلية أي مبادرة دبلوماسية أميركية".

ويعتقد الباحث في معهد بروكينغز خالد الجندي -في تغريدة له- "أن الخطة ربما لا تعلن، لكنها يتم تطبيقها بالفعل".

وقد بدأت إدارة ترامب باتخاذ خطوات عملية تمهيدا للإعلان عن الخطة، ومن ذلك الاعتراف بمدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها في مايو/أيار 2018.

وتلا ذلك خفض ترامب المساعدات المالية المقدمة للسلطة الفلسطينية، ووقف المساهمة الأميركية المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، ثم إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

مؤتمر البحرين
وجاء قرار البيت الأبيض -الذي كشف عنه موقع إيكسيوس أمس- بعدم دعوته وزير المالية الإسرائيلي موشيه كاهلون أو أيا من المسؤولين الإسرائيليين لمؤتمر البحرين، بمثابة مفاجأة من العيار الثقيل في واشنطن.

ورآها كثير من الخبراء تراجعا لرؤية البيت الأبيض لمؤتمر البحرين الذي لا يضم الآن طرفي الصراع الأساسيين، وقبل ذلك أعلن البيت الأبيض نيته دعوة الجانب الإسرائيلي، وروج الكثيرون لاحتمال أن يشهد المؤتمر خطوات تطبيعية واسعة بين إسرائيل ودول خليجية.

وغرّد ساتلوف معلقا على خبر عدم دعوة مسؤولين إسرائيليين بالقول "إذا لم تكن اجتماعات البحرين تتعلق بالتكامل الإقليمي بين العرب والإسرائيليين، وإذا كان الفلسطينيون سيقاطعونها، فهذا يعني أنه لن تكون هناك خطط لتنمية الضفة الغربية، فلماذا إذن تعقد ورشة العمل؟ ما الهدف؟".

من جانبه، اعتبر الجانب الفلسطيني أن عدم دعوة إسرائيل يمثل إنجازا للجانب الفلسطيني وحملته لمقاطعة المؤتمر.

وذكر مسؤولون إسرائيليون أنهم قد أبلغوا من البيت الأبيض سابقا بأنه سيتم توجيه الدعوة لهم لحضور مؤتمر البحرين بعد ضمان مشاركة الدول العربية، وأنه بعد الإعلان عن مشاركة كل من مصر والأردن والمغرب، زادت آمال إسرائيل في المشاركة.

وبرر مسؤول أميركي لموقع إيكسيوس عدم دعوة إسرائيل بالقول إن "هدف واشنطن من المؤتمر هو تقديم رؤيتها الاقتصادية لتحسين أوضاع الشعب الفلسطيني. ولهذا نريد أن نركز على الشق الاقتصادي وليس الشق السياسي".

واعتبر آرون ديفيد ميلر المسؤول السابق بوزارة الخارجية والباحث بمعهد ويلسون، أن "من المزعج جدا إلغاء دعوات المسؤولين الرسميين الإسرائيليين لحضور ورشة عمل البحرين، إذ تُظهر حجم حدود ما يمكن أن تقدمه الدول العربية لصفقة القرن دون الفلسطينيين".

في حين اعتبر المسؤول السابق والباحث بمركز الأمن القومي الأميركي الجديد إيلان غولدبرغ أنه "من دون الفلسطينيين ومن دون الإسرائيليين، من الصعب أن يكون هناك انطلاقة قوية لخطة السلام".

عائق الانتخابات
وتجرى الانتخابات الإسرائيلية في 17 سبتمبر/أيلول، وسيستغرق تشكيل الحكومة شهرين على الأقل، وبعد ذلك بشهرين تبدأ دورة الانتخابات الأميركية التمهيدية بولاية آيوا في 20 فبراير/شباط 2020، ولن يكون مناسبا ولا مفيدا للرئيس طرح خطته وسط الحملة الانتخابية؛ من هنا يستبعد بعض الخبراء طرح صفقة القرن خلال النصف الثاني من عام 2019.

ويرى ديفيد ماكوفسكي من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن إعادة الانتخابات في إسرائيل يمثل "خبرا جيدا وخبرا سيئا لصفقة القرن. فهي جيدة على المدى القصير من حيث كونها مبررا مقبولا لعدم طرح الشق السياسي للصفقة في وسط شكوك دولية كبيرة. إلا أنها أيضا تمثل خبرا سيئا حيث لن يتم تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) القادم مع بدء دورة الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020".

وذهب غولدبرغ لاعتبار أن إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل ينهي عمليا خطة كوشنر-ترامب للسلام في الشرق الأوسط، إلا إذا فاز ترامب بفترة رئاسية ثانية.

المصدر : الجزيرة