ابتعدوا عن قطر وتركيا.. هذه شروط السعودية لدعم عشائر سوريا

زيارة ثامر السبهان هذه هي الزيارة الثانية للسبهان لسوريا بعد سابقة كانت برفقة مبعوث الرئيس الأمريكي للتحالف بريت ماكروغ
الوزير السعودي ثامر السبهان (يسار) في زيارة سابقة لشرق سوريا (مواقع التواصل)

عدنان الحسين-ريف حلب

وسط احتقان متزايد بشرق سوريا بين العشائر العربية و"قوات سوريا الديمقراطية"، حاولت الولايات المتحدة التدخل لتخفيف التوتر، ثم برزت زيارة وزير سعودي للمنطقة لتقديم وعود بالدعم ولكن وفق شروط خاصة.

وفي زيارة مفاجئة الخميس، ظهر وزير الدولة السعودي ثامر السبهان برفقة نائب وزير الخارجية الأميركي جويل رابيون والمبعوث الأميركي ويليام روباك، في القاعدة الأميركية داخل حقل العمر بمحافظة دير الزور.

والتقى الثلاثة عددا من وجهاء العشائر العربية، وعددا أكبر من قيادات "قوات سوريا الديمقراطية" -التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية- لبحث مستقبل المنطقة بعد القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة لتنمية المجتمع المحلي.

وقالت مصادر خاصة للجزيرة نت إن السبهان أوضح لزعماء العشائر العربية أن السعودية ودول الخليج المرتبطة بها ستدعم المنطقة، عبر إيجاد فرص عمل وإعادة تأهيل القرى المدمرة وتعويض المتضررين وإشراك أبناء المنطقة في إدارة منطقتهم، مقابل عدة شروط.

ومن أبرز الشروط اكتساب تأييد عشائر المنطقة، ووقف الصدام مع الوحدات الكردية، وعدم فتح أي قنوات تواصل مع تركيا وقطر، خاصة بعد قيام تركيا مؤخرا بتنمية دور العشائر في مناطق نفوذها المعروفة بدرع الفرات وغصن الزيتون شرق الفرات.

وتتخوف السعودية من النفوذ التركي بعد أن انحسر نفوذها في سوريا إثر انسحاب فصائل المعارضة المرتبطة بها في الجنوب السوري. 

‪الوحدات الكردية تسيطر على مساحات واسعة شرق سوريا وسط اتهامات بالاستبداد‬ (رويترز)
‪الوحدات الكردية تسيطر على مساحات واسعة شرق سوريا وسط اتهامات بالاستبداد‬ (رويترز)

طابع عشائري
واتخذت زيارة السبهان طابعا عشائريا، فهو ينتمي لقبيلة شمر العربية وتربطه علاقات وثيقة بدير الزور والحسكة، حيث تشهد هذه المناطق احتجاجات عشائرية ومسلحة ضد الوحدات الكردية، نتيجة للصدع الذي أحدثته الأخيرة في البنية المجتمعية.

وبدأ السبهان لقاءته مع أطراف عشائرية عراقية تشكل امتدادا للعشائر السورية، ثم انتقل إلى شرق سوريا ليعطي ضمانات لعشائر المنطقة بعدم تكرار التجربة العراقية، مع وعدها بدور بارز في المرحلة المقبلة.

وتأتي هذه الزيارة بعد فشل المبعوث الأميركي في تهدئة الخلاف العشائري بشرق سوريا، إثر تجاوزات المليشيات الكردية واعتقالها وجهاء عشائر عربية.

وتزامن قدوم السهبان مع تشكيل المليشيات الكردية مجالس عسكرية في المناطق العربية، وهي شكلية وتخضع بالكامل لقيادة كردية، وهو ما يبدو أنه ترجمة لمشروع أميركي بتشكيل حرس حدود من قوات عربية ووضع المناطق العربية تحت سلطة أبنائها، بهدف منع تركيا من إيجاد ذريعة لدخول شرق الفرات.

وبحسب المصادر، فإن الهدف من تشكيل تلك المجالس العسكرية التي تعتمد على أبناء العشائر العرب في قيادتها، يهدف أيضا لبناء قوات عربية في الرقة والحسكة ودير الزور لمواجهة التغلغل الإيراني في المنطقة الشرقية التي تصل سوريا بالعراق، وأيضا لتجاوز أخطاء التجربة العراقية من قبل واشنطن، وسط توقعات بإسناد التدريب للسعوديين والمصريين.

ويقول مراقبون إن السعودية قررت جلب مواطنيها من عناصر تنظيم الدولة الذين أسرتهم قوات كردية شرقي سوريا، وقد تكون هذه الخطوة من أسباب زيارة السهبان الأخيرة.

‪المبعوث الأميركي ويليام روباك يلتقي القادة الأكراد في حقل العمر في مارس/آذار‬ (رويترز)
‪المبعوث الأميركي ويليام روباك يلتقي القادة الأكراد في حقل العمر في مارس/آذار‬ (رويترز)

ثقة مفقودة
ورغم تقديم السعودية العام الماضي دعما يقدر بنحو مئة مليون دولار لإعادة إعمار شرق سوريا، فإن المناطق العربية كانت أقل استفادة منها بسبب التضييق من قبل المليشيات الكردية على المدنيين وفرض ضرائب عليهم، وتقول المصادر إن السبهان وعد بتقديم خمسين مليون دولار أخرى وفقا لشروطه.

ويرى مدير تحرير موقع الشرق نيوز فراس علاوي أن زيارة السبهان تهدف لبناء الثقة المفقودة بين العشائر والمليشيات الكردية، ولبناء قوة عربية سنية تواجه المد الإيراني، ولتهيئة المنطقة في مواجهة محتملة مع إيران.

ويقول للجزيرة نت إنه يجري العمل على إعادة هيكلة المنطقة بعد الفشل السابق وتفرد المليشيات الكردية بالقرار، فبعد تزعزع الثقة بين الأطراف كان لا بد من إعادة بنائها على يد السعودية.

ويقول مدير موقع ديرالزور24 عمر أبو ليلى للجزيرة نت إن الولايات المتحدة ترتكب أخطاء إستراتيجية أخرى عبر التهميش المتعمد للعشائر، وعدم الاستماع لأهمية المكوّن العشائري الذي يستطيع إدارة المنطقة.

ويوضح أن الولايات المتحدة لم تستفد من ملف العشائر منذ 2014 حينما سيطر تنظيم الدولة على المنطقة، واليوم تكرر الأخطاء نفسها بالاعتماد على بعض الشخصيات فقط دون التواصل مع المعارضين للمليشيات الكردية ممن يوجدون في إدلب أو تركيا أو دول أخرى.

ويضيف الصحفي السوري أن الشخصيات التي تظهر بجانب المليشيات الكردية تخضع لإملاءاتها، فضلا عن إقصاء باقي العشائر التي لم تعد تتواجد في دير الزور خشية على حياتها.

ويعد ازدياد النفوذ الإيراني الشيعي بالعراق من الأخطاء التي لا تنوي الولايات المتحدة تكرارها في سوريا، ولذلك اتجهت لتصحيح ارتباطها بالعشائر العربية، ولا يمكن إنجاح هذا المشروع إلا بالتواصل مع كافة الواجهات العشائرية سواء المعارضة لتوجهاتها أو المتوافقة معها.

وتتقاطع المصالح السعودية والأميركية في دعم العشائر العربية، إذ ترى السعودية أنه يمكن أن يكون أبناء العشائر سدا منيعا ضد التمدد الإيراني، بينما تعوّل عليها الولايات المتحدة في استقرار المنطقة.

المصدر : الجزيرة