بحجة منع التوطين.. آلاف السوريين مهددون بالتشرد بعد هدم غرفهم بلبنان
يستكمل اللاجئون السوريون في بلدة عرسال (شرقي لبنان) هدم "الخيم الإسمنتية" بعد قرار السلطات اللبنانية إزالة غرف من الصفيح والحجارة في مخيمات اللاجئين، وأقر مسؤول حكومي بأن الهدف من ذلك هو منع توطين السوريين.
وحذر رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري في حديث للجزيرة نت من مخاطر تأخر تسليم اللاجئين الخيم البلاستيكية والقماشية والأخشاب الضرورية لاستبدال الغرف الإسمنتية بأخرى توافق عليها السلطات اللبنانية.
وحذر الحجيري من أن التلكؤ في تزويد اللاجئين بأعداد كافية من هذه المواد سيؤدي إلى مبيت آلاف اللاجئين في العراء نهاية الشهر الجاري، وهو الموعد المحدد من قبل السلطات للانتهاء من أعمال الهدم في كافة مخيمات عرسال.
وكان الحجيري قال لوكالة الأناضول إن القرار الذي اعتمده المجلس الأعلى للدفاع يقضي بتسليم كل عائلة سورية خيمة من قماش خلال 24 ساعة من هدم غرفتها الإسمنتية، ولكن هذا الأمر لم يتم.
وأشار رئيس البلدية إلى أن العائلات اضطرت إلى هدم غرفها بأيديها قبل عشرة أيام امتثالا لأوامر السلطات، ولكن حتى الآن لم تتسلم جميع العائلات الخيام القماشية الموعودة. وأضاف الحجيري أنه تم هدم نحو 80% من الغرف الإسمنتية المقدرة بنحو 1400 غرفة، لأن الجيش اللبناني مدد المهلة حتى بداية يوليو/تموز المقبل.
وكشف رئيس بلدية عرسال أن هذا القرار صدر بذريعة إزالة مخالفات البناء، لكن السبب المخفي هو محاربة التوطين حتى لا يستقر النازح السوري طويلًا في البلاد، مؤكدا أن النازح السوري لا يستطيع الذهاب إلى مكان آخر لأنه سيلقى الإجراءات نفسها والتضييق نفسه على كامل الأراضي اللبنانية.
كما ذكر الحجيري أنه منذ يومين لم يعد إلى سوريا سوى 150 نازحا، وأن بقية النازحين لا يستطيعون العودة إلى بلادهم، وسيحاولون الفرار إلى أوروبا إذا وجدوا طريقة.
رغبة في العودة
من جهة أخرى، قال مسؤول مخيم النور في عرسال محمد كنعان، وهو نازح من حمص، إن الجيش اللبناني أخبرهم قبل عيد الفطر بضرورة إزالة المخيمات التي تحتوي على غرف مبنية بالإسمنت ومسقوفة بالحديد، فتمت إزالة 16 مخيمًا، وبقيت خمسة أخرى تحتوي على هذه الغرف، من أصل 126 مخيمًا في عرسال يقطنها نحو ستين ألف لاجئ سوري.
وأكد كنعان أن النازحين لا يريدون البقاء في لبنان، وهم ينتظرون أقرب فرصة للعودة إلى بلادهم، لكن منازلهم مهدمة وليس هناك أمل في إيجاد فرص للعمل وإعادة الإعمار حتى الآن في سوريا.
ورصد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أعمال الهدم التي يقوم بها النازحون بأنفسهم امتثالا لأوامر الجيش اللبناني، وذلك بعد سنوات من بنائهم تلك الغرف كي تحميهم من تقلبات الطقس، حيث تغطي الثلوج الكثيفة تلك المنطقة الجبلية في الشتاء وتسطع عليها الشمس الحارقة في الصيف.
ويقول النازح أبو محمد (37 عاماً) للمراسل وهو يهدم غرفته إنها كانت تؤوي أربع عائلات، فيها أكثر من 16 طفلا، مضيفا أنه كان لديه منزل في ريف حمص، وأن الدجاج كان ينام في غرفة أفضل من هذه، بينما أصبح الآن مضطرا للنوم مع أطفاله الخمسة في العراء.
العنصرية والكراهية
وحذرت منظمات حقوقية، مثل منظمة "أنقذوا الأطفال" و"ورلد فيجن"، من خطة السلطات اللبنانية لهدم المساكن، وقالت في بيان مشترك "بالنسبة لطفل لا يأكل سوى القليل، فإن فقدانه مسكنه سيكون صادماً جداً".
وتتصاعد بين الحين والآخر في لبنان حملات العنصرية وخطاب الكراهية ضد اللاجئين، كما أثارت تغريدة مؤخراً لوزير الخارجية جبران باسيل أعطى فيها الأولوية للعامل اللبناني على أي يد عاملة أخرى انتقادات واسعة.
وشهدت بلدة دير الأحمر في البقاع قبل أسبوع توترا عندما امتعض لاجئون سوريون من تأخر سيارات الإطفاء عن إخماد نيران أحرقت بعض الخيام، فتوافد العشرات من سكان البلدة لإحراق المزيد من الخيام وطرد اللاجئين، فقررت السلطات إثر ذلك إخلاء البلدة التي كانت تستضيف ستمئة لاجئ.