بعد تعليقها للعصيان.. ماذا تحضر قوى التغيير في السودان؟

General strike in Sudan- - KHARTOUM, SUDAN - JUNE 09: A view of closed shops at streets are seen during a general strike after the call of the opposition Sudanese Professionals Association (SPA), in Khartoum, Sudan on June 09, 2019.
قوى التغيير اختبرت العصيان المدني لثلاثة أيام بعد اختبارها سابقا الإضراب السياسي (الأناضول)
انجلت أيام العصيان المدني الذي دعا إليه تحالف قوى الحرية والتغيير، لكن ماذا تبقى من أسلحة بيد قوى الثورة مع توقع استئناف التفاوض مع العسكر على وقع زيارة مسؤول أميركي رفيع لتعزيز وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد؟

وتراجع تجمع المهنيين وحلفاؤه في قوى التغيير عن العصيان المفتوح إلى حين إسقاط المجلس العسكري ونقل السلطة للمدنيين، مكتفين بثلاثة أيام شلت الحياة في الخرطوم وعدد من ولايات البلاد خاصة في اليوم الأول، بعد تطبيق هذه القوى في وقت سابق إضرابا سياسيا استمر يومين أواخر مايو/أيار الماضي.

ويبدو أن طرفي التفاوض المجلس العسكري وقوى التغيير بحاجة إلى تقييم مواقفهما بعد العصيان المدني، قبل لملمة الجراح واستئناف التفاوض حول انتقال السلطة إثر أحداث فض الاعتصام أمام قيادة الجيش الذي أسفر عن نحو 112 قتيلا ومئات الجرحى والمفقودين.

حالة تأهب
ومن الراجح أن المجلس العسكري وقوى التغيير يتأهبان الآن لجولة تفاوض أخرى لتجاوز حالة الانسداد التي يعاني منها السودان حاليا.

لكن قوى التغيير سيكون عليها الحفاظ على أسلحة الشارع بعدما جربت تراجع العسكر عن الاتفاق الذي أبرمه الطرفان الشهر الماضي، فماذا سيكون لديها من أسلحة؟

يقول القيادي في هذه القوى الطيب العباسي للجزيرة نت إن ذات الوسائل التي أسقطت عمر البشير ستكون بحوزتهم، وتتمثل في الحراك الثوري السلمي في الأحياء والخرطوم والولايات تحت راية قوى التغيير.

ويتابع "مثلما كان السقوط الأول للبشير والثاني لعوض بن عوف عبر هذا الحراك، سنكون قادرين على السقوط الثالث للمجلس العسكري إذا لم يضع حدا لحماية النظام البائد ولم يستجب للمستحقات التي طلبتها قوى الثورة".

ووصف العباسي العصيان بأنه "سلاح فتاك وسلمي وحقق نجاحا باستجابة العاملين في القطاعين العام والخاص، مما يؤكد استمرار الثورة وبلوغ غاياتها، بعد الحرج الذي طال المجلس العسكري بانتهاك حرم الاعتصام".

خيارات أخرى
لكن القيادي في قوى التغيير محمد عصمت يقدم إجابات أكثر وضوحا للجزيرة نت ويقول إن القوى تدرس الآن حزمة خيارات للإبقاء على التعبئة في الشارع.

ويشير عصمت -الذي أطلق سراحه قبل ساعات بعد اعتقاله عقب المفاوضات التي أجراها وفد قوى  التغيير مع رئيس الوزراء الإثيوبي في الخرطوم- إلى أن من هذه الخيارات استمارات تتعلق بتلمس آراء عضوية وأنصار قوى التغيير للتغلب على إجراءات القمع التي تتخذها سلطات المجلس العسكري.

ويضيف أن قوى التغيير تدرس أيضا تنظيم لقاءات مفتوحة ومباشرة مع قواعدها في الساحات العامة بغية تبادل الآراء والتنوير بما يستجد من مواقف.

وفي اتجاه الانفتاح على الولايات، يفيد محمد عصمت بأن قوى التغيير تعمل الآن -ضمن خطط إعادة الهيكلة- على اعتماد أجسام ممثلة لها في كل ولايات البلاد، دون استبعاد العودة إلى خيارات الإضراب السياسي والعصيان المدني في أي مرحلة قادمة.

اهتمام أميركي
وبعد تعليق العصيان المدني، يزور تيبور ناجي مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية العاصمة السودانية لحث المجلس العسكري وقوى التغيير على استئناف الحوار.

وبحسب بيان صادر عن الخارجية الأميركية، فإن ناجي سيدعو إلى وقف أي هجمات على المدنيين، وسيحث الجانبين على توفير بيئة تمكنهما من استئناف المحادثات.

ويقول الطيب العباسي إن المبعوث الأميركي وغيره من مبعوثي الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية يجدون الاهتمام من تحالف قوى التغيير.

ويقترح ضرورة أن تكون المنظمات التي تمثل المجتمع الدولي جهات ضامنة لأي اتفاق يتوصل إليه الطرفان، حتى يعود السودان إلى منظومة المجتمع الدولي عبر ترسيخ دولة القانون والتداول السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي.

‪قوى التغيير والمجلس العسكري يتأهبان لجولة مفاوضات بعد وساطة آبي أحمد‬ (رويترز)
‪قوى التغيير والمجلس العسكري يتأهبان لجولة مفاوضات بعد وساطة آبي أحمد‬ (رويترز)

إرهاصات عودة
ويبدو أن ثمة تفاوضا غير مباشر يجري بين طرفي الأزمة، إذ منذ نهاية اليوم الأول للعصيان المدني (الأحد الماضي) بدأت إرهاصات وتحركات من قبل الأطراف باتجاه تلمس طريق العودة إلى دهاليز التفاوض.

أول هذه التحركات ما قاله مصدر مطلع للجزيرة نت بشأن تواصل العسكر مع وساطة الشخصيات الوطنية التي تحركت قبل فض الاعتصام لتقريب شقة الخلاف حول عضوية مجلس السيادة ورئاسته.

ويضيف المصدر أن وساطة الشخصيات الوطنية التي تضم الصحفي المخضرم محجوب محمد صالح ورجل الأعمال أسامة داؤود، ردت على العسكر بأن وساطتهم تجاوزها الزمن بعد تدخل وساطة أفريقية يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

ويشير إلى أن العسكر توجسوا خيفة من مآلات التدويل عبر وساطة آبي أحمد وما يترتب عنه بشأن تحقيقات ذات صبغة دولية حول "مذبحة" فض الاعتصام، مما يشير إلى أن "الاعتصام ما زال هاجسا يقض مضاجع العسكر حتى بعدما انفض سماره".

خطوة مباغتة
وبنهاية اليوم الأول للعصيان المدني أيضا، نقلت مصادر في حزب الأمة القومي للجزيرة نت أن قوى التغيير ستباغت المجلس العسكري بتقديم مرشحيها لمجلس السيادة ومنصب رئيس مجلس الوزراء.

لكن ما حملته وكالة رويترز مساء الاثنين الماضي (اليوم الثاني للعصيان) بشأن تقديم قوى التغيير ثمانية مرشحين لمجلس السيادة وتسمية عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء، يشي بأن الخطوة لم تكن فرضا للأمر الواقع أكثر منها إنفاذا لوساطة آبي أحمد.

وطرح رئيس الوزراء الإثيوبي لدى زيارته الخرطوم الأسبوع الفائت مقترحات بمجلس سيادة رجحت فيه كفة المدنيين بثمانية أعضاء مقابل سبعة عسكريين، مع رئاسة دورية.

وأفادت المعلومات بأن حمدوك -وهو خبير اقتصادي في الأمم المتحدة- قبل تولي المنصب بعدما أجرت قوى التغيير اتصالات معه الشهر الماضي.

المصدر : الجزيرة