التهم والأحكام والحراك.. ماذا بعد اعتقال سعيد بوتفليقة والجنرالين توفيق وطرطاق؟

صورة بثها التلفزيون الجزائري لسعيد بوتفليقة في المحكمة العسكرية
سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق وهو يدخل مقر المحكمة العسكرية في البليدة (التلفزيون الجزائري)

إسلام عبد الحي-الجزائر

في مشهد غير مألوف يتابع الجزائريون تطورات اعتقال سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ومستشاره، إلى جانب الرئيسين السابقين لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين المدعو الجنرال توفيق، والجنرال عثمان طرطاق المدعو بشير. ويتطلع الجميع إلى تفاصيل جديدة حول هذه القضية غير المسبوقة وانعكاساتها على الحراك المستمر منذ 22 فبراير/شباط الماضي.

وبث التلفزيون الجزائري فيديو لاعتقال الثلاثي، وبدا أن هدف بثه كان قطعَ الشك باليقين وقطع الطريق أمام التفسيرات التي أحاطت بالقضية، خاصة بعد عدم بث خبر الاعتقال في وكالة الأنباء الرسمية.

وأوضح بيان النائب العام العسكري لدى المحكمة العسكرية في البليدة (50 كلم جنوب العاصمة)، أن الموقوفين يواجهون تهمتي "المساس بسلطة الجيش، والمؤامرة ضد سلطة الدولة".

وسيحاكم سعيد بوتفليقة وقائدا المخابرات السابقين بموجب المادتين 77 و78 من قانون العقوبات، وأيضا حسب المادة 284 من قانون القضاء العسكري، وفق ما جاء في بيان النائب العام العسكري.

وأثار تولي محكمة عسكرية ملف سعيد بوتفليقة رغم أنه مدني جدلا في ظل غياب معطيات حول مضمون الأفعال أو الوقائع المرتكبة المتضمنة في ملفه.

ويقول المحامي والقاضي السابق عبد الله هبول إن المادة 25 من قانون القضاء العسكري تسمح للجهات القضائية العسكرية محاكمة مدنيين في حالة ارتكابهم الجريمة داخل المقرات العسكرية، أو مشاركتهم في الجريمة مع أطراف عسكرية.

وتنص المادة 77 من قانون العقوبات على النطق بحكم الإعدام في حق المتورطين في "الاعتداء الذي يكون الغرض منه إما القضاء على نظام الحكم أو تغييره، وإما تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد سلطة الدولة أو ضد بعضهم البعض، وإما المساس بوحدة التراب الوطني..". غير أن المحامي حسان براهيمي استبعد تنفيذها، لأن الإعدام في الجزائر منصوص عليه شكليا لكنه غير مطبق.

أما المادة 78 فتنص على أن "المؤامرة التي يكون الغرض منها ارتكاب الجنايات المنصوص عليها في المادة 77، يعاقب عليها بالسجن من 10 سنوات إلى 20 سنة إذا تلاها فعل ارتكب أو بُدئ في ارتكابه للإعداد لتنفيذها، وتكون العقوبة السَّجنَ من 5 إلى 10 سنوات إذا لم يكن قد تلا المؤامرة فعل ارتكب أو بُدئ في ارتكابه للإعداد لتنفيذها. وتقوم المؤامرة بمجرد اتفاق شخصين أو أكثر على التصميم على ارتكابها".

وبخصوص التهم الموجهة إلى المعنيين، يقول هبول للجزيرة نت إن "القضية لا تزال حاليا في مرحلة تقديم مشتبه بهم أمام وكيل الجمهورية العسكري، وهو ما يوجب التحفظ لكون الجهة العسكرية هي المخولة حاليا بالنظر في ما إذا كانت الأفعال المنسوبة إليهم تدخل تحت طائلة قانون القضاء العسكري أو قانون العقوبات أو القوانين المكملة له".

ويشير المحامي براهيمي إلى أن الوقت لا يزال بعيدا لتوقع الأحكام التي ستصدر، مرجعا السبب إلى أن التهم مصنفة في قسم الجنايات، وهذا يستغرق وقتا طويلا في التحقيق قد يصل إلى أربع سنوات.

هجوم سابق
وسبق اعتقال شقيق الرئيس السابق والقائدين السابقين للمخابرات، هجوم حاد شنه قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح على الجنرال توفيق، واتهمه فيه بالاستعانة بقوى أجنبية.

وجاءت الاعتقالات بعد أيام من تصريحات لوزير الدفاع السابق اللواء خالد نزار، ذكر فيها أن سعيد بوتفليقة كشف له في مارس/آذار الماضي عن نيته إعلانَ حالة الطوارئ وإقالة رئيس أركان الجيش لوقف الحراك الشعبي.

وقبل شهر كشف الرئيس السابق اليمين زروال -في بيان- عن لقائه بالجنرال توفيق الذي نقل له عرض السعيد بوتفليقة لإدارة المرحلة الانتقالية.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر حسام حمزة أن هذه الاعتقالات "تؤكد فرضية انقسام النظام بين الرئاسة والدولة العميقة والجيش"، موضحا للجزيرة نت أن المؤسسة العسكرية رفضت "استغلالها ضد الشعب كما استُغلت في تسعينيات القرن الماضي".

وأشار حمزة إلى أن موقف المؤسسة العسكرية أدى إلى تحالف ممثل قطب الرئاسة "السعيد بوتفليقة" مع ممثل قطب الدولة العميقة "الجنرال توفيق" ضد مؤسسة الجيش.

من جانبه، يرى المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن عمليات التوقيف هذه كانت متوقعة بعد إفشال محاولة الانقلاب على الجيش، والبداية كانت بتوقيف رجال الأعمال الممولين لهذه العملية وهم علي حداد ويسعد ربراب والإخوة كونيناف وحميد ملزي.

وتوقع رزاقي أن يستمر الحراك الشعبي بنفس الوتيرة ولن يتأثر بالاعتقالات الأخيرة، عازيا ذلك إلى تمسك قائد الجيش ورئيس الدولة بالدستور بينما يطالب المتظاهرون بحلول سياسية.

ويتفق أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر يحيى شريفي مع رزاقي في توقعه بشأن استمرار الحراك لأن مطالب المحتجين لم تتحقق بعد رغم حملة الاعتقالات الأخيرة، غير أنه يرى أن الشعارات المناهضة لرئيس أركان الجيش ستتراجع خلال الفترة المقبلة، على عكس الجمعة الماضية التي شهدت انتقادات واسعة للفريق قايد صالح.

المصدر : الجزيرة