الصحفيون وحراك الجزائر.. كسر قيود وبحث عن كرامة

Journalists working at state media carry banners and cover their mouths during a protest in front of the state TV building to demand freedom to cover mass protests against President Abdelaziz Bouteflika, in Algiers, Algeria March 25, 2019. The banners read:
وقفة احتجاجية سابقة للصحفيين بالتلفزيون الجزائري الحكومي (رويترز)
 
احتفلت الجزائر -مثل غيرها من الدول- باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة المصادف للثالث مايو/أيار من كل عام، غير أن هذه المناسبة وعلى عكس السنوات العشرين الماضية جاءت في غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي استقال بعد أسابيع من الحراك الشعبي.
 
ويرى إعلاميون أن الحراك الشعبي أسهم في منح الصحافة في البلاد جرأة وهوامش حرية أوسع لم تكن تتمتع بها من قبل، لكن في المقابل يرى آخرون أن هذه الحرية تبقى محدودة لأن المنظومة الإعلامية جزء من المنظومة السياسية، ولا تتحرر كاملة إلا بتحرر المنظومة السياسية.
 
وفي خضم الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ 22 فبراير/شباط الماضي، نظم صحفيون من القطاع الخاص عدة وقفات احتجاجية في "ساحة الحرية" وسط العاصمة، تنديدا بما وصفوه بالضغوط، وطالبوا بتكريس مبدأ حرية التعبير وتمكينهم من ممارسة مهامهم دون قيود.
 
كما شهد التلفزيون والإذاعة الحكوميان ووكالة الأنباء الجزائرية الرسمية حركات احتجاجية ووقفات واعتصامات للمنتسبين إليها، بسبب التعتيم الممارس في نقل ما يجري عبر مدن البلاد.
 

ويرى الأستاذ بكلية الإعلام في جامعة الجزائر محمد لعلامة، أن الإعلام في الجزائر انتزع قسطا كبيرا من الحرية بعد الحراك الشعبي.

وقال لعلامة للجزيرة نت "كان الصحفيون -حتى وقت قريب- يتعرضون للتضييق ويمارسون رقابة ذاتية على كتاباتهم"، غير أن الوقفات الاحتجاجية التي قام بها الصحفيون مع بداية الحراك حررت كثيرين منهم، وفرضت على مالكي هذه المؤسسات التوقف عن ممارسة الدعاية والرضوخ لمطالب الشعب بنقل الحقيقة، ما أسهم -حسب اعتقاده- في تضخم عدد المحتجين في المسيرات وخلع الرئيس بوتفليقة.

وتعرض صحفيون في الأسابيع الأولى للحراك الشعبي لمضايقات خلال نقلهم للاحتجاجات، وتقول الصحفية بقناة الشروق التلفزيونية أم الخير حميدي للجزيرة نت، إنها "تعرضت للطرد من قبل المحتجين، لأنهم يعتقدون أنها تقوم بالتعتيم على مطالب الشعب".

وبررت أم الخير طريقة التعامل السطحية مع الحراك في بداياته بالضغوط التي تعرضت لها مؤسسة الشروق، وقطع الإعلانات العمومية عنها، وتوقيف طبع الجريدة التابعة للمؤسسة في المطابع الحكومية.

من جانب آخر، وصفت أم الخير الأحوال الاجتماعية والمهنية للصحفيين في الجزائر بـ"المزرية"، خاصة للعاملين في وسائل الإعلام الخاصة، وقالت إن بعض الصحفيين يعانون من تأخر في الحصول على رواتبهم قد يمتد لأشهر.

ويرى الصحفيون الجزائريون أنهم الأقل دخلا مقارنة بزملائهم في المنطقة، حيث يتقاضى الصحفي راتبا يبدأ من 25 ألف دينار (نحو 217 دولارا)، ويرتفع في بعض المؤسسات ليصل 150 ألف دينار (نحو ألف دولار).

 

وفي ظل الأوضاع الاجتماعية الصعبة للصحفيين وغياب القوانين التنظيمية للقطاع، أعلن في الثاني من مايو/أيار الجاري عن تأسيس نقابة مستقلة للصحفيين.

وتعود فكرة تأسيس هذه النقابة لأشهر خلت، غير أن العضو المؤسس محمد مسلم يعترف بأن النقابة تعتبر إحدى ثمار الحراك الشعبي الذي حرر الجزائريين في كل القطاعات، وجاءت لتملأ فراغا في المشهد الإعلامي الجزائري و"الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للصحفيين، وتنظيم القطاع".

ورغم أجواء التفاؤل التي جلبها الحراك الشعبي، فإن الصحفي بقناة البلاد الخاصة مهدي حيمر يرى أن الطريق لا يزال طويلا قبل الوصول إلى مشهد إعلامي جديد في الجزائر.

التغيير المأمول من الصحفيين الجزائريين قد تظهر ملامحه مستقبلا على تصنيف البلاد، في مؤشر مؤسسة "مراسلون بلا حدود" بشأن حرية التعبير والصحافة الذي يضع الجزائر حاليا في المركز 141.

المصدر : الجزيرة