محاكمات "الجهاديين" ببغداد.. استجواب وتأنيب وأسئلة مثيرة للاستغراب

Fighters of the Islamic State of Iraq and the Levant (ISIL) celebrate on a vehicle in the city of Mosul, Iraq June 23, 2014. REUTERS/Stringer/File Photo
مركبات لتنظيم الدولة أثناء سيطرته على الموصل قبل بضع سنوات (رويترز)

يبدأ إبراهيم النجارة بصوت منخفض الدفاع عن نفسه ضد التهمة الموجهه له بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، فيطالبه القاضي برفع صوته كما كان يرفعه في الفيديو مهددا فرنسا.

ويسيطر القاضي أحمد محمد علي بشكل كامل على سير المحاكمة، متمكنا من الملفات بين يديه، ومانحا المجال في الوقت نفسه أمام النجارة لسرد روايته كاملة لما يقارب الثلاث ساعات.

وظهر النجارة المتحدر من بلدة ميزيو القريبة من ليون في وسط شرق فرنسا، في مشاهد مصورة نشرها تنظيم الدولة بعد هجمات نوفمبر/تشرين الثاني 2015 التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا في فرنسا، بحسب مركز تحليل الإرهاب في باريس.

ويواجهه القاضي أولا بالتسجيل على شاشة متوسطة الحجم علقت فوق المنصة، وخلال العرض، يحرك النجارة، أو "أبو سليمان"، وهي كنيته داخل التنظيم، رأسه إلى الأمام، كأنه يحاول التأكد من شيء ما.

فيسأله رئيس الجلسة "أهذا أنت؟"، ليجيب المتهم "نعم، لكنني رفضت في بداية التسجيل، غير أنهم هددوني بالسجن".

فطلب منه القاضي أن يرفع صوته غير المفهوم، قائلا بنبرة المؤنب "لماذا لا يمكنك رفع صوتك كما كنت تشيد وتهدد بعد هجمات فرنسا في عام 2015؟".

فيؤكد الجهادي الفرنسي بزيه الأصفر المختوم بعبارة "دائرة الإصلاح العراقية" أنه "محبط"، لما فعله مذ التحق بصفوف التنظيم في سوريا التي وصلها في عام 2014.

البحث عن إجابة
كان النجارة يتقاضى من التنظيم، بحسب أقواله، مئة دولار عنه وعن زوجته، ومئة وخمسة دولارات عن أطفاله الثلاثة، ما يطلق عليه اسم "كفالة" في مصطلحات تنظيم الدولة.

ويؤكد الرجل الملقب أيضا بـ"أبو حيدر المهاجر"، أمام القاضي أن أصدقاء له أقنعوه أنه "في سوريا يمكنك أن تمارس شعائرك الدينية بأمن وسلام".

وهنا انتفض القاضي قائلا "البحث عن ماذا؟ تركت بلدا يهاجر إليه السوريون في البحر بحثا عن الأمان، ويحصلون بوصفهم لاجئين على حياة أفضل بكثير". فيتلفت المتهم يمينا ويسارا، مثل الباحث عن إجابة تقنع القاضي.

لا يوجد محام أصيل لمعظم المتهمين الذين يمثلون أمام المحكمة، ويأمر القاضي مباشرة في ضوء ذلك بانتداب محام للدفاع عن المتهمين.

لكن ما الذي يمكن لهذا المحامي تقديمه، وهو "يدرس القضية داخل المحكمة مباشرة"، بحسب المحامية غفران عبد الرحمن التي انتدبتها المحكمة للدفاع عن الفرنسي كرم الحرشاوي الذي حكم عليه بالإعدام.

قضايا محسومة
وتقول المحامية البالغة من العمر 33 عاما إنها لم تطلع على القضية من قبل، ومعظم القضايا تكون محسومة، مشيرة إلى أنه في حال وجود بصيص أمل بقضية المتهم، يتم لفت نظر المحكمة إليها، ربما للحصول على حكم مخفف أو مرض للمتهم.

وتؤكد المحامية الشابة أن "تعاملنا بوصفنا محامين مع قضايا الإرهاب تكون بإنسانية رغم كل شيء. نتأسف على ما فعلوه، لكننا ننظر إلى الأسباب الخارجية التي جعلتهم يرتكبون هذه الأشياء".

في بعض الأحيان، تسيطر الحمية والحماسة على بعض المحامين خلال سماع إفادات المتهمين أمام القاضي، على غرار المحامي حاتم واصف الذي انتدبته المحكمة للدفاع عن النجارة.

فبعد أسئلة عدة وجهها القاضي للمتهم، وسماع طلب المدعي العام، طُلب من المحامي إذا كانت لديه أسئلة ليوجهها.

فسأل واصف "هل تم تعذيبك أو أجبرت على الاعتراف بما نسب إليك؟"، وهو سؤال غالبا ما يكرره القاضي على المتهم الماثل أمامه.

بعدما أجاب المتهم بالنفي، استرسل المحامي قائلا "هل ما زلت مقتنعا بفكر داعش؟".

وهنا تدخل القاضي ليلفت انتباهه بالقول "هذا السؤال ليس في صالح المتهم، قد تدينه به!".

لكن واصف أصرّ مشيرا في دفاعه إلى تقرير التحقيق الابتدائي، وفيه أن النجارة "شارك في عمليات عسكرية في العراق وفي نينوى خصوصا"، في وقت كان الفرنسي نفى ذلك أمام القاضي قبل وقت قصير، قائلا "لم أدخل إلى العراق، ولم أشارك في أي قتال في سوريا أو في العراق".

المصدر : الفرنسية