لماذا يخشى الأوروبيون نهاية التفوق العسكري الأميركي؟

A U.S. Army Terminal High Altitude Area Defense (THAAD) weapon system is seen on Andersen Air Force Base, Guam, October 26, 2017. U.S. Army/Capt. Adan Cazarez/Handout via REUTERS. ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY
نظام ثاد الأميركي للدفاع الصاروخي (رويترز)

قالت صحيفة لوتان السويسرية إن تفوق الولايات المتحدة العسكري المبني على جودة التسلح قد بدأ يتدهور، وفقا لتقديرات مايكل هاس الباحث في مركز الدراسات الأمنية في المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزوريخ، مما يعني أن على الأوروبيين تحمل مسؤولية الدفاع عن أمنهم.

وعرضت الصحيفة في هذا السياق ملخصا لمقال تحت عنوان "من أجل مساهمة في الاتجاهات الإستراتيجية 2019" نشره مركز الدراسات الأمنية يوم 12 أبريل/نيسان الماضي.

وفي عرضها للمقال، أكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة وحلفاءها أحدثوا منذ نهاية السبعينيات ثورة في مجال التكنولوجيا العسكرية مستوحاة من بدايات التحول الرقمي، مما كانت له تداعيات كبيرة على النظام الدولي.

ومن أولى تداعيات هذه الأولوية التكنولوجية التي نجح الغرب في تأسيسها في ثمانينيات القرن العشرين، سقوط الاتحاد السوفياتي، ومنذ ذلك الحين، ساهمت القدرات الغربية الموروثة من برامج الدفاع في نهاية الحرب الباردة في تكثيف السلطات بيد الولايات المتحدة التي حافظت على التحالفات القائمة، إلا أن هذا التفوق المرتبط بنوعية الأسلحة قد بدأ ينهار، حسب الصحيفة.

ولفهم أسباب هذا التراجع، يشير المقال إلى أنه من الضروري إلقاء نظرة على الاتجاهات الأساسية للعصر الحالي والمتغيرات الجديدة التي تحكم الابتكار التكنولوجي، مشيرا إلى أن صعود الاقتصادات غير الغربية عموما، والصيني خصوصا، سيساهم في إعادة توازن القوى حتى على الساحة العسكرية.

وفي موازاة ذلك -حسب المقال- فإن الابتكارات التكنولوجية التي تعزز تقدم الأسلحة بشكل متزايد أصبحت متعلقة بعمليات البحث والتطوير المدنية، وبالتالي لم تعد الحكومات تتحكم في نشر التقنيات خارج الحدود الوطنية، لأن التمويل يأتي بشكل رئيسي من القطاع الخاص.

حالة تايوان
وأشار المقال إلى أن ما كانت تقوم به كل من الصين وروسيا والجهات الفاعلة غير الغربية من استخدام لجميع أساليب الاستخبارات لجلب المعارف التي تهمها، أصبح الوصول إليه ممكنا بأساليب أكثر بساطة كالاستثمار الأجنبي وعمليات الدمج والاستحواذ ومشاريع التقنيات المشتركة وتبادل الطلاب الدوليين.

واستنتجت الصحيفة أن التقنيات التي ستحدد التطورات العسكرية القادمة أو معظمها، أصبح الوصول إليها متاحا أكثر من ذي قبل، خاصة وأن الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والتكنولوجيا الحيوية وعالم النانو أصبحت كلها قطاعات تجارية تهيمن عليها الجهات المدنية الفاعلة.

وخلص المقال إلى أن الوضع قد تغير تماما منذ أن ارتفعت بنسبة 750% ميزانية الدفاع الصينية، وما هو مرصود للإجراءات التي تستهدف تعويض التقدم الذي كان يميز الولايات المتحدة.

وأوضح المقال أن فقد الولايات المتحدة لتفوقها أصبح واضحا، وضرب المثال بحالة تايوان التي لا تزال موضوعا ساخنا بالنسبة للجيش الصيني، مبينا أن جيش الصين كان يدرك تماما عجزه عن مواجهة التدخل الأميركي خلال الأزمة الأخيرة في مضيق تايوان عام 1996، ولكن هذا الوضع قد تغيّر بعد زيادة ميزانيته بهذه النسبة الكبيرة.

ووفقا لدراسة أجرتها مؤسسة فكرية أميركية كبرى، فقد احتاجت الولايات المتحدة في العام 2010 إلى تقديم موارد عسكرية أكبر بعشر مرات من عام 1996 لمساعدة تايوان، وفي عام 2017 خلصت الدراسة إلى أنه في العديد من السيناريوهات، لم تعد الولايات المتحدة قادرة على مواجهة الغزو الصيني في الوقت المناسب أو بتكلفة مقبولة.

ويعزى ذلك -حسب المقال- إلى تقدم الصين المذهل في مجال الصواريخ جو جو والصواريخ أرض جو وغيرها من الذخائر الموجهة بدقة، إلا أن الفرق المهم بين هذه التقنيات والجيل القادم من الأسلحة المتقدمة هو أن الصين لن تعود متأخرة بـ25 سنة تكنولوجيا، بل ستكون قادرة على التنافس من خط الانطلاق نفسه، وبالتالي فإن إعادة التوازن العسكري لا بد أن تعرف تسارعا كبيرا.

أمن أوروبا
وأشار المقال إلى أن قدرة الدول الأوروبية على موازنة التقدم الصيني محدودة، مع أن العديد منها بدأ يدرك -بعد سنوات من التعامل الساذج مع النموذج الاقتصادي الصيني- أن المعرفة الحاسمة التي تدعم أمنها القومي وقدرتها التنافسية الاقتصادية تفلت من يدها بمعدل خطير.

وقد تنبهت هذه الدول متأخرة -وفق المقال- إلى أنه لم يعد من الممكن في العديد من الحالات منع نقل المعرفة المتعلقة بالأمن دون الإضرار بالاقتصاد المدني، مما يعني أن وضع القيود اللازمة أصبح يحتاج دقة كبيرة، كما أن موقف المنتظر الذي تبنته بعض الحكومات الأوروبية حيال المشكلة لن يظل أمرا مقبولا.

وانتهى المقال إلى أن الولايات المتحدة تستطيع الحفاظ إلى حد كبير على ريادتها العسكرية في المجالات الرئيسية، رغم أن الاستثمارات الأميركية في القطاع العسكري غير كافية، مما يدعو أوروبا لتحمل مسؤولية الدفاع عن أمنها، ويوفر الفرصة للصناعة الأوروبية كي تدخل في سوق التقنيات العسكرية المتقدمة.

المصدر : الصحافة السويسرية