لماذا يتمسك الجيش الجزائري بتنظيم انتخابات رئاسية يرفضها الحراك؟

أحمد قايد صالح
الجيش الجزائري ما زال يصر على إجراء انتخابات رئاسية في يوليو/تموز القادم (مواقع التواصل الاجتماعي)

محمد أمير-الجزائر

يبدو أن الانتخابات الرئاسية التي ترغب السلطة الحاكمة بالجزائر في تنظيمها في غضون شهرين، باتت إحدى أهم القضايا الخلافية بين حراك الشارع الجزائري وقادة الجيش الذين يسعون للتحكم في مسار التغيير، وفقا للعديد من المراقبين.

ورغم أن الجيش وقف إلى جانب الحراك الشعبي ودعم مطالبه في الإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فإن ترتيبات المرحلة الانتقالية وفي مقدمتها تاريخ تنظيم الانتخابات تبدو إحدى أهم القضايا الخلافية بين الطرفين.

ويصر الجيش بقيادة الفريق أحمد قايد صالح على تنظيم انتخابات رئاسية في وقتها المحدد باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة، بداعي أن الجيش لا يحيد عن الدستور ولتجنب الوقوع في فراغ دستوري سيعرض البلاد إلى مخاطر كبيرة ومصير مجهول.

لماذا الإصرار على الانتخابات؟
ويجمع العارفون بالشأن السياسي في الجزائر على أن إصرار قائد أركان الجيش على تنظيم انتخابات رئاسية في وقتها المعلن يشير إلى أن الجيش لا يريد الخروج عن الحل الدستوري ولا يسمح بالمغامرة بمستقبل البلاد ويريد الخروج من الأزمة السياسية الراهنة بكل سلاسة.

وقال الكاتب الصحفي إبراهيم قار علي للجزيرة نت إن من الطبيعي أن يصرّ الجيش على خيار الانتخابات الرئاسية، وإلا فإنه سوف يتهم بالانقلاب وخاصة على مستوى الرأي العام الدولي، فالجزائر ليست جزيرة معزولة، والوضع الجهوي والإقليمي والدولي لم يعد يسمح بالمغامرة أو المقامرة.

ولكن قار علي يحذر من أن أي انتخابات رئاسية ليست نظيفة أو نزيهة ستزيد هي الأخرى من المتاعب والقلاقل، فمثلما يتم رفض رئيس انقلابي كذلك يتم رفض رئيس مطعون في شرعيته أو مهزوز الثقة.

ويشير إلى أن الجيش تعهد بإزالة كل الألغام المزروعة في طريق التغيير، وليس من مصلحته ولا من خياراته أن يفتح جبهة أخرى ضد الشعب الذي يرفض كل رموز السلطة ويطالب بالتغيير الجذري للنظام.

خوفا من المغامرة
ويرى المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن قائد الجيش الفريق قايد صالح نجا بأعجوبة من مقصلة الانقلاب عليه من قبل من وصفه بثلاثي القوى غير الدستورية (سعيد بوتفليقة والفريق مدين والجنرال طرطاق)، حيث كاد أن يفقد منصبه، ولذا فهو لا يريد المغامرة بمرحلة انتقالية ستحرمه من التحدث في الشؤون السياسية وتحصره في وظيفته بالجيش فقط.

ويجزم رزاقي في حديثه للجزيرة نت بأن المشكل الجوهري الآن بالنسبة للجيش في الحكومة، لأن أي هيئة تستلم تسيير المرحلة الانتقالية ستوقف عمل الحكومة، وبالتالي يفقد نائب وزير الدفاع الوطني منصبه الذي يستمد منه قوته سياسيا وهذا أمر من الصعوبة أن يقبل به، على حد قوله.

حل في الأفق
ولا يستبعد المتتبعون للشأن السياسي بالجزائر أن يرضخ الجيش لمطالب الجزائريين الرافضة لإجراء انتخابات في الرابع من يوليو/تموز المقبل، وهو ما يعني أنه قد يضطر للدفع نحو تأجيل الانتخابات الرئاسية لمدة غير طويلة حتى لا يتصادم مع الشعب ويتهم بالانقلاب على الحراك الشعبي الرافض لبقاء رموز نظام بوتفليقة.

ويقول الكاتب الصحفي قار علي للجزيرة نت إن افتتاحية مجلة الجيش التي تعتبر لسان حال المؤسسة العسكرية، قد أعطت الانطباع بأن الجيش لا يراهن على هذه الانتخابات فقط، بل على كافة الآفاق الممكنة مثلما ورد ذلك على لسان قائد الأركان.

ويضيف أن الجيش سيلجأ لتأجيل الانتخابات الرئاسية بوصفه حلا مستعجلا من أجل توفير شروط النزاهة والشفافية أو الذهاب إلى حل سياسي توافقي لقيادة المرحلة الانتقالية.

ويؤكد المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن الجيش لا خيار له أمام التعنت الشعبي برفض الانتخابات الرئاسية المقبلة، والجيش مجبر على حماية مطالب الشعب ومرافقته من خلال تفعيل المادة السابعة من الدستور التي تمنح الشعب كامل السلطة لتقرير مصير البلاد.

ويعتقد رزاقي أن الحل الأمثل للجيش في هذه الحالة هو تأجيل الانتخابات حسب رغبة الشعب بعد الاحتكام لمرحلة انتقالية تديرها شخصيات سياسية نظيفة تحظى بشبه إجماع شعبي تشرف على تحضير انتخابات نزيهة لاختيار الرئيس الذي يريده الجزائريون.

المصدر : الجزيرة