لوموند: رهان الدبلوماسية الأوروبية الخاسر على حفتر

مواجهات مستمرة جنوب العاصمة الليبية وغربها
لوموند عن مصدر غربي: حفتر لم يكن ليهاجم طرابلس دون تلقي ضمانات من الرياض (الجزيرة)

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن هجوم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على حكومة الوفاق الوطني -التي يدعمها المجتمع الدولي- أخذ العواصم الغربية على حين غرة.

وفي تقرير من مراسلها بتونس فريديريك بوبين، قالت لوموند إن العواصم الغربية كانت تعتقد أو تتظاهر بالاعتقاد أن إعلانات حفتر المتكررة عزمه "تحرير طرابلس" مجرد خطابات عنترية، ولكن الهجوم -الذي بدأ بالفعل قبل يومين وأفسد الجهود الدولية لإرساء السلام في ليبيا- أظهر أن حفتر مسكون بفكرة "القائد المخلص".

ومنذ عملية إعادة تأهيل حفتر من قِبل الأوروبيين خريف 2016، كان التحدي بالنسبة لهم هو دمجه في المعادلة السياسية من أجل ترويضه على نحو أفضل لمحو الماضي العسكري "لهذا الجنرال المهرج والمنبوذ ذي الطبيعة الانقلابية" بحسب مراسل لوموند.

وكانت نقطة التحول في سبتمبر/أيلول 2016 عندما قامت قوات حفتر بانتزاع "الهلال النفطي" الذي يحتوي على منصة التصدير الرئيسية للنفط الخام الليبي الموجود على خليج سرت -كما يقول المراسل- خاصة أن الاتصالات مع اللواء المتقاعد قبل ذلك التاريخ كانت مقتصرة على تعاون أمني سري بقيادة أجهزة الاستخبارات الغربية والفرنسية بالخصوص.

يد ممدودة
ولكن نظرة الدبلوماسية الغربية إلى حفتر -يقول المراسل- قد تغيرت كثيرا بعد سيطرته على الهلال النفطي، وانتصرت وجهة نظر أصحاب اليد الممدودة إلى تلك اللواء المتقاعد.

ومنذ ذلك الوقت، بدأت محاولة إعادة التفاوض على الاتفاقية الموقعة في ديسمبر/كانون الأول 2015 بالصخيرات المغربية برعاية أممية والتي نصت على أن حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج بطرابلس هي السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا، وفق لوموند.

وأوضح المراسل أن الهدف من إعادة التفاوض هو إيجاد مكان للواء المتقاعد الذي تهدف اتفاقية الصخيرات إلى وضعه على الهامش، وبالتالي أظهرت هذه المحاولات تغير نظرة المجتمع الدولي لحفتر.

نظرة الدبلوماسية الغربية إلى حفتر تغيرت كثيرا بعد سيطرته على الهلال النفطي

لوموند

وقال أيضا إن العواصم الغربية وعلى رأسها باريس لم تكن مساهمتها قليلة في تغذية هذه الحلقة المفرغة بتناقض مواقفها وتواطؤها مع حفتر، وحتى إيطاليا التي ظلت تناصبه العداء حتى عام 2018 قد حاولت نهاية المطاف التقرب منه.

لماذا إذن انقلب الرهان على "ترويض" حفتر رأسا على عقب؟ كما يتساءل المراسل مشيرا إلى أن هذا القتال الأخير والهجوم على طرابلس أعاد ليبيا خمس سنوات إلى الوراء، عندما كانت العاصمة مسرحا "للحرب الأهلية الثانية" عام 2011 بين معسكر "الكرامة" المتجمع حول حفتر تحت شعار "مكافحة الإرهاب" وكتلة "فجر ليبيا".

الدعم السعودي
بدأت الأمور تسوء خريف 2018 بعد قمة حول ليبيا عقدت في باليرمو يومي 12 و13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تحت رعاية إيطاليا، إذ تجاهلها حفتر ولم يحضر سوى اجتماع هامشي مخصص لقضايا الأمن، وبالوقت نفسه بدأ غزوا لجنوب ليبيا، واستولى على حقلي النفط الإستراتيجيين في الشرارة والفيل، متبعا إستراتيجية التفاوض سياسيا مع تقدم بيادقه على الجبهة العسكرية، كما يقول المراسل.

وتساءل: هل دخل اللواء المتقاعد هذه المغامرة دون أدنى ضمان للنصر؟ لينقل عن مصدر غربي أن اجتماع حفتر بالملك سلمان نهاية الشهر الماضي بالرياض كان له وزن كبير في قراره بالتحرك. وبحسب المصدر الذي نقل عنه المراسل فإن "حفتر لم يكن ليشن مثل هذا الهجوم بطرابلس دون تلقي ضمانات معينة من الرياض".

المصدر : لوموند