انتخابات الكنيست.. تراجع الأمن وحضر الاقتصاد

صورة 3 لافتة انتخابية لحزب شاس الحريدي تدعو للتصويت لنتنياهو.
لافتة انتخابية لحزب شاس تدعو إلى التصويت لنتنياهو (الجزيرة نت)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

عادت القضايا الاقتصادية-الاجتماعية وتكلفة المعيشة وأسعار المساكن ووضع الجهاز الصحي لتحتل صدارة اهتمامات الجمهور الإسرائيلي رغم تهميشها في برامج الأحزاب بانتخابات الكنيست، وذلك بعد أن هيمنت الفزاعة الأمنية لعقد ونيف على المشهد السياسي، حيث تلخصت بالمشروع النووي الإيراني والمقاومة الفلسطينية التي وظفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لترهيب الإسرائيليين واستمالة الناخبين لمعسكر اليمين.

وأظهر استطلاع للقناة الـ12 الإسرائيلية بشأن القضايا التي تهم الناخب وتحدد على أي من الأحزاب سينتخب أن 71% من جمهور الناخبين بإسرائيل يولون أهمية لغلاء المعيشة.

وذكر 53% منهم أن الجهاز الصحي والوضع في المستشفيات في صلب اهتماماتهم، في حين أجاب 50% ممن شملهم الاستطلاع بأنهم يهتمون بخفض أسعار الشقق السكنية، و32% من المستطلعين يعتقدون أن لمعالجة الفقر ورعاية المسنين الأولوية.

الاقتصاد والأمن
وعندما سئل جمهور المستطلعين عن الاقتصاد والأمن والاعتبارات المهمة لحسم القرار بالتصويت للأحزاب، أجاب 85% منهم بأن البعد الاقتصادي الاجتماعي في سلم أولويات قرارهم، في حين أن البعد الأمني يحظى باهتمام 79% من المصوتين.

ويعتقد الصحفي داني زاكين أن الأحزاب -وعلى الرغم من اهتمامات الجمهور الإسرائيلي بالجوانب الاقتصادية والأمور الحياتية والمعيشية- لم تطرح بعمق على أجندتها القضايا الاقتصادية والاجتماعية.

وعزا ذلك إلى التحقيقات في ملفات الفساد ضد نتنياهو وشخصية رئيس حزب "كاحول-لافان" الجنرال بيني غانتس التي دفعت جانبا قضايا أكثر أهمية مثل الاقتصاد والمجتمع، إذ صوت الناخب دون معرفة الخطط الاقتصادية والاجتماعية للأحزاب.

المعيشي والاجتماعي
وعن أسباب عودة القضايا الاقتصادية والاجتماعية لاهتمامات الناخب الإسرائيلي، يعتقد المحلل السياسي عكيفا إلدار أن المواطن الإسرائيلي الذي يعيش تحت حكومة نتنياهو منذ العام 2006 في حالة من الحرب والتوتر والتصعيد فقد خلال هذه الفترة أمنه الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي على حساب الأمن القومي.

لكن إلدار أوضح للجزيرة نت أن الجمهور الإسرائيلي بات على قناعة بأن إسرائيل ستواصل العيش في حرب الاستنزاف في غياب أي خطة سياسية لحسم الصراع مع الفلسطينيين، مستبعدا أن تكون الأوضاع الأمنية التي تعصف بالشرق الأوسط والتحديات الداخلية في الدول العربية وحالة الضعف والهوان لدول الإقليم منحت الإسرائيلي الشعور بالأمن والأمان.

ويعتقد أن الواقع الإقليمي وما تعيشه دول المحيط خلفا انطباعا لدى الإسرائيليين بأن جيوش الدول لا تشكل تهديدا بقدر تهديدات التنظيمات المسلحة وفصائل المقاومة، مضيفا أن الناخب الإسرائيلي الذي دفع ثمن الفزاعة الأمنية لسنوات طويلة ما عاد يحتمل تضليله عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية والخدماتية تحت مظلة الأمن القومي.

لافتة انتخابية للحريديم تشدد على الديانة اليهودية (الجزيرة نت)
لافتة انتخابية للحريديم تشدد على الديانة اليهودية (الجزيرة نت)

اعتبارات وانتخابات
وعلى الرغم من أن الاعتقاد السائد بأن ما يهم الناخب الإسرائيلي هو القضية الأمنية فإنه يتبين من خلال استطلاع أجرته صحيفة معاريف أن نصف السكان على الأقل ليسوا كذلك، حيث أظهرت نتائج الاستطلاع الذي بادرت إليه منظمة "التحالف الإسرائيلي" أن القضايا الاجتماعية والاقتصادية ستؤثر على اختيار الناخب، خاصة النساء الإسرائيليات.

وفي ما يتعلق بالسؤال: ما هي الاعتبارات الرئيسية التي ستعتمد عليها في قرارك بالتصويت بالانتخابات؟ ذكرت 69% من النساء الإسرائيليات القضايا الاجتماعية والاقتصادية وتكاليف المعيشة، في حين ذكرت 60% منهن قضايا الأمن القومي.

وعندما طلب من جمهور النساء تقييم القضايا الاجتماعية التي تؤثر على اختيارهن في انتخابات الكنيست برزت عمالة النساء موضوعا رئيسيا، حيث أجابت 73% أن الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء هي اعتبار مهم في الانتخابات.

أما بخصوص القضايا الملحة للمعالجة بعد الانتخابات فذكرت 74% أسعار المساكن، و65% أسعار المواد الغذائية، و48% تكلفة تربية الأطفال، والصحة وأسعار الأدوية، في حين ذكرت 38% من النساء تكاليف الفواتير المعيشية للعائلات. 

ملصق انتخابي لحزب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان (الجزيرة نت) 
ملصق انتخابي لحزب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان (الجزيرة نت) 

ضواح وصواريخ
وتحت عنوان "حكومات لا تعالج الضواحي لا يمكنها مواجهة الصواريخ" كتبت الناشطة السياسية أورنى إنجيل مقالا في صحيفة "غلوبس" الاقتصادية استعرضت من خلاله تعمد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تغييب القضايا الاقتصادية-الاجتماعية عن برامجها الانتخابية بالتلويح بالفزاعة الأمنية لاستمالة الناخب الإسرائيلي، قائلة إن "حالة الحرب شبه الدائمة التي توجد فيها إسرائيل تظهر الأولويات المشوهة للحكومة الحالية".

وأوضحت أنه على مدار 18 عاما أطلقت حماس أكثر من 10 آلاف صاروخ على التجمعات السكنية الإسرائيلية بالجنوب، في حين تستمر الحكومات الإسرائيلية "في الاستعاضة عن الضمادة القذرة بضمادة نظيفة حتى تصبح قذرة مرة أخرى، إذ تستعين لتنظيفها بعملية عسكرية أخرى في قطاع غزة (…) وعجزت عن توفير الأمن الشخصي الأساسي لجيل كامل تألم في ظل واقع مستحيل".

وترى الكاتبة الإسرائيلية أن "المغفلين الحقيقيين هم المواطنون الذين يسقطون مرارا وتكرارا في فخ وعود الجنرالات ورؤساء الأركان بالزي المدني الذين يسعون للحصول على ثقة المواطن في يوم الانتخابات، وأولئك الذين يعدون بالإطاحة بحكومة حماس وسحق رأس الأفعى وتدمير أولئك الذين يسعون للمساس بإسرائيل".

المصدر : الجزيرة