لوموند: حشود السبت في الخرطوم نقطة تحول بالحراك ضد نظام البشير

متظاهرون سودانيون يطالبون برحيل البشير أمام وزارة الدفاع
السودانيون تظاهروا بالآلاف ضد نظام البشير في ذكرى انتفاضة 6 أبريل/نيسان 1985 التي أطاحت بنميري (وسائل التواصل)

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إنه على الرغم من القمع الدائم فإن آلاف السودانيين تمكنوا من التجمع أمام قيادة الجيش في الخرطوم، مما يمثل نقطة تحول في حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس عمر البشير التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وبحسب رئيس قسم أفريقيا بالصحيفة جان فيليب ريمي، فإن الخرطوم وجدت نفسها فجأة في الشارع تدعو الجيش للانضمام إلى حركة الاحتجاج العامة التي بدأت أواخر ديسمبر/كانون الأول في الأقاليم، قبل أن تشتعل في جميع أنحاء هذا البلد الذي يتخبط في أزمة اقتصادية لا نهاية لها بسبب حكم البشير المستمر منذ ثلاثين سنة.

تحضير سري
وأضاف الصحفي أن التحضير قد "استغرق أسابيع من العمل السري للوصول إلى هذا اليوم المجنون الذي استمر حتى الليل" والذي سيشكل ذكرى تعيد إلى الأذهان تاريخ 6 أبريل/نيسان 1985 عندما أطاحت حركة جماهيرية شعبية بسلطة عسكرية أخرى في الخرطوم.

وقال أيضا إن الرمز قوي بالفعل لكنه لن يكون كافيا، مع العلم أن الوصول إلى هذه المرحلة بالاحتجاجات يعد معجزة في حد ذاته، إذ عملت اللجان بلا كلل لتنسيق كل شيء للعودة بالحشود إلى الشوارع بشكل جماعي، والمطالبة بتغيير النظام في الخرطوم، حيث انتشرت المليشيات والأجهزة الأمنية منذ اليوم السابق لتخويف المحتجين.

ووفق كاتب المقال، يوجد الآن بلطجية بالزي الرسمي أو بدونه في كل مكان بالسودان منذ إعلان حالة الطوارئ في 22 فبراير/شباط الماضي، وترسل منهم مجموعات في شاحنات صغيرة لضرب المحتجين أيا كانت أعمارهم وجنسهم، ويقتحمون المنازل وينهبون ويسحبون فرائسهم إلى "بيوت الأشباح" التي تستخدمها المخابرات في التعذيب، حسب الكاتب.

تبدو مظاهرات السبت التي استمرت حتى الليل وكأنها يوم عيد مليء بالأغاني والتزمير والفرح مما يؤكد أن حماس السودانيين لم يفتر بعد أكثر من مئة يوم من القمع
"

لوموند

ذكرى حاسمة
وفي الأشهر الأخيرة -كما يقول كاتب التقرير- حافظ المحتجون على التظاهر السريع نهارا وليلا داخل الأحياء خوفا من القمع، ولكن ضراوة القمع لم تطفئ نار الاحتجاج.

أما يوم السبت 6 أبريل/نيسان فقد تم تصميم كل شيء للتغلب على الخوف من الضرب والرصاص من أجل إحياء الذكرى السنوية لبداية الأحداث الكبرى عام 1985 التي أدت في النهاية إلى الإطاحة بنظام الجنرال جعفر نميري.

وبعد مرور 34 عاما -يقول الكاتب- يبقى قدامى قادة حركة 1985 يشكلون جزءا من اللجان التي تدير سرا الجوانب المختلفة للحركة الحالية، لكن من غير المرجح أن يلعب الجيش الدور المحوري الذي لعبه عامي 1964 و1985.

شبكة من المحسوبية
وعلل الكاتب ذلك بأن البشير منذ وصوله للسلطة في انقلاب عام 1989 حيّد الجيش بعناية بإبعاد صغار الضباط عن الحياة العامة، وإشراك الجنرالات كحلفاء ومسؤولين ضمن شبكة من المحسوبية كما هو حال النقابات ومعظم الأحزاب السياسية.

وفي هذا المناخ -يقول الكاتب- تبدو مظاهرات السبت التي استمرت حتى الليل وكأنها يوم عيد مليء بالأغاني والتزمير والفرح، مما يؤكد أن حماس السودانيين لم يفتر بعد أكثر من مئة يوم من القمع، ويثبت كذلك الطابع السلمي للمظاهرات التي وقعت بالخرطوم وخارجها، حيث لم يكن هناك أي نهب ولا تخريب باستثناء استهداف عدد قليل من مقار حزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وختم المقال بما قاله مصدر بالعاصمة السودانية للصحيفة "الأجهزة الأمنية أغلقت من الناحية النظرية كل الطرق الموصلة إلى وسط الخرطوم، بما في ذلك جميع الجسور، لكن الكثير من الناس التفوا على الحظر وبالفعل وصلوا، وحتى بعد ساعات من بدء الحدث".

المصدر : لوموند