حراك السودان.. هل يقول الجيش كلمته؟

مظاهرات في السودان تطالب بتنحي البشير
المتظاهرون هتفوا بشعار "جيش واحد.. شعب واحد" (التواصل الاجتماعي)

أحمد فضل-الخرطوم

أجمع مراقبون للمشهد في السودان على أن مصير الحراك الشعبي بات منوطا بما يدور خلف الأسوار العالية لقيادة الجيش "المحاصرة" بآلاف المحتجين منذ أمس السبت.

فموقف القوات المسلحة هو الحاسم لمسيرة احتجاجات دخلت شهرها الرابع، وحياد الجيش هو المشهد الراسخ حتى الآن، لكنه أحيانا يتحول إلى تعاطف لافت.

وكان مشهد أحد جنود الجيش المرتكز على سيارة دفع رباعي أمام بوابة قيادة الأركان البرية لافتا وهو يطلق زخات تحذيرية من مدفع "الدوشكا" لصد عناصر أمنية حاولت إطلاق الغاز المسيل للدموع على المحتجين المعتصمين الليلة الماضية.

وسمحت قوات الجيش بدخول المحتجين عبر بوابتين، إحداها بوابة "بيت الضيافة" الذي يضم أحد مقرات إقامة الرئيس السوداني عمر البشير بالخرطوم.

المحتجون يلجؤون للجيش لإسقاط نظام البشير (رويترز)
المحتجون يلجؤون للجيش لإسقاط نظام البشير (رويترز)

خطة الأمن
وتحاول عناصر تابعة للأمن منذ انطلاق موكب انتفاضة السادس من أبريل/نيسان بلا جدوى عزل المحتجين عن واجهة القيادة العامة للجيش، وبالتالي إبعادهم عن قوات الجيش المرتكزة أمام القيادة.

وبإيعاز من رتب رفيعة بث الجيش عبر مكبرات الصوت، اليوم ظهرا، نداءات لفض الاعتصام وفقا لقانون الطوارئ، وسط إصرار المحتجين على البقاء.

وكسب الاعتصام زخمه مجددا اليوم بتدفق المزيد من المحتجين إلى شارع قيادة الجيش، ورغم إغلاق قوات من الشرطة والأمن عددا من الجسور الواصلة بين الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، فإن المئات عبروها راجلين.

وتحول مكان الاعتصام إلى ما يشبه المزار، حيث أقام المتظاهرون خياما لتقديم الخدمات، مما يشير إلى نيتهم مواصلة الاعتصام المفتوح إلى حين تلبية مطالبهم.

كلمة الجيش
ويبقى الحسم في أن يقول الجيش كلمته، وثمة تسريبات عن ضغوط يمارسها صغار الضباط على كبار القادة المرتبطين بالرئيس البشير.

وتذكر هذه التسريبات فيما جرى بانتفاضة السادس من أبريل/نيسان عام 1985، حيث أعلن القائد العام للجيش الفريق عبد الرحمن سوار الذهب وتحت ضغط العسكر، انحياز الجيش للشعب وإنهاء حقبة الرئيس جعفر نميري، بعد أن التزم الجيش الحياد طيلة أيام المظاهرات.

رفيق السلاح
ويواجه الجيش ضغوطا من الشارع ومن قيادته الملتفة حول الرئيس البشير ومن رفقاء السلاح القدامى.

إذ طالب العميد صلاح الدين كرار عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الذي تشكل بعد تنفيذ البشير انقلابه في 30 يونيو/حزيران 1989، الجيش بتحمل مسؤوليته التاريخية والقيام بواجبه تجاه الشعب.

وقال إن "الشباب والشعب قال كلمته وهي كلمة لو دخلت صناديق الانتخابات التي يرددها البشير لأكدت سقوط حزب المؤتمر الوطني وفوز الشعب السوداني. جموع أمس كافية لإسقاط نظام البشير الذي لم يوفق في الحل المناسب في الزمن المناسب".

بوادر شرخ
تفاعل بعض الضباط لم يكن وليد موكب السبت، ففي مارس/آذار الماضي أحال الرئيس البشير القائد العام للجيش، عددا من الضباط إلى التقاعد بسبب آراء بدت مؤيدة للحراك، من بينهم العقيد ود المنسي والعقيد صلاح الكودة والمقدم عمر أرباب.

ميدانيا، ثمة شرخ بين قوات الجيش وعناصر جهاز الأمن، فقد تصدت قوة من الجيش لعناصر أمنية حاولت تفريق المحتجين على جسر كوبر الذي يربط الخرطوم عند حي بري بالخرطوم بحري.

ولحد الساعة تبدو هتافات المحتجين المؤيدة للجيش مثل "جيش واحد.. شعب واحد" قادرة على كسب تعاطف القوات المتمركزة، وشوهد مساء السبت مواطنون يعانقون بعض الجنود، كما حمل محتجون ضابطا على الأعناق بحي بري وسط هتافات "تسقط بس".

المصدر : الجزيرة