محاكمة نجيب.. اختبار للقضاء والحكومة بماليزيا

نساء من أنصار نجيب تجمعن أمام مبنى المحكمة وهتفن باسمه
نساء يناصرن نجيب تجمعن أمام مبنى المحكمة وهتفن باسمه (الجزيرة)

سامر علاوي-كوالالمبور

بالتزامن مع الذكرى العاشرة لتسلمه السلطة في 3 أبريل/نيسان 2009، وبعد 11 شهرا من خسارته الانتخابات بدأت الأربعاء الماضي في كوالالمبور أولى محاكمات رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق.

ووجه المدعي العام تومي توماس إلى نجيب سبع تهم تتعلق بخيانة الأمانة وغسل الأموال واستغلال السلطة في قضية فساد بشركة "إس آر سي إنترناشيونال" الاستثمارية المملوكة للدولة.

ويرى المحلل السياسي عزمي حسن أن المدعي العام اختار القضية الأسهل والأقوى لتدشين محاكمات نجيب الذي يواجه ما مجموعه 42 تهمة.

وقال حسن في حديثه للجزيرة نت إن لدى السلطات الماليزية مستندات ووثائق خاصة بالتحويلات البنكية، مما يجعل من السهل إثبات الأدلة، وإن تأخر بدء المحكمة قد يكون بهدف جمع الأدلة من داخل ماليزيا وخارجها وتعقب الحوالات البنكية.

‪شفيع أبدال وصف التهم بأنها مجرد شائعات‬  (الجزيرة)
‪شفيع أبدال وصف التهم بأنها مجرد شائعات‬  (الجزيرة)

لكن رئيس فريق الدفاع شفيع أبدال شكك في الأدلة التي قدمها المدعي العام، ووصفها بأنها مجرد شائعات.

وتحدى أبدال المدعي العام في مؤتمر صحفي بإقناع المحكمة بعدالة القضية بناء على الأدلة التي قدمها، وأشار إلى فراغات كثيرة في القضية أو الشهادات التي قدمت للمحكمة، واعتبر تأخير استماع هيئة المحكمة لفريق الدفاع أو المتهم مؤشرا على ضعف القضية واحتمال رفضها.

ويتهم نجيب باختلاس نحو 42 مليون رينغيت (أكثر من 10 ملايين دولار) من خلال 15 تحويلا وشيكا دخلت حساباته الشخصية، في حين تدور مجموع التهم الموجهة إليه بشأن فقدان نحو 4.5 مليارات دولار من الصندوق السيادي المعروف باسم "1أم دي بي" (1MDB).

وتشمل تهمة غسل الأموال دفع نصف مليون رينغيت (120 ألف دولار) لشراء عطور من شركة "تشانل"، وأموال أخرى لترميم منزليه في كوالالمبور ومسقط رأسه بيكان بولاية بهانغ.

اختبار قضائي
وتكمن أهمية محاكمة رئيس الوزراء السابق وأعوانه -برأي كثير من المراقبين- في كونها سابقة تاريخية يحاسب فيها كبار المسؤولين عن تصرفات مالية واستغلالهم السلطة، كما أنها تشكل اختبارا حقيقيا للحكومة الحالية لتطبيق القانون وعدم استغلاله لأغراض الانتقام السياسي.

وهو ما أكد عليه رئيس مركز "مرديكا" لقياس الرأي العام إبراهيم سفيان في حديثه للجزيرة نت "إن ماليزيا ومنطقة جنوب شرقي آسيا تراقب باهتمام كيف تتعامل الحكومة الماليزية مع القضية، وإذا ما ستكون المحكمة مستقلة بالكامل وهي تنظر في القضية".

ويضيف سفيان أن ما يثبت مهنية المحاكمة أو ادعاء الدوافع السياسية لها هو فقط سير القضية، وهذا رهان على الوقت، فهو يعتقد أن اتهامات الفساد لنجيب التي طغت على الحملة الانتخابية العام الماضي كانت حاسمة في إسقاطه، كما تعهدت الحكومة الحالية بمقاضاته، إضافة إلى رغبتها في بعث رسالة مفادها أنها صارمة مع قضايا الفساد.

حسن: الدوافع المهنية والسياسية متساوية في القضية ولا يمكن الفصل بينها (الجزيرة)
حسن: الدوافع المهنية والسياسية متساوية في القضية ولا يمكن الفصل بينها (الجزيرة)

أما المحلل السياسي عزمي حسن فيرى صعوبة الفصل بين المهني والسياسي في هذه القضية، ويؤكد أن الدوافع السياسية والمهنية متساويتان نظرا لاهتمام رئيس الوزراء مهاتير محمد الشديد برؤية نجيب يحاكم ويدان.

ودلل على ذلك تكرار مهاتير ثقته بإدانة نجيب وحرصه على ذلك، ويعتقد المحلل السياسي أن الإدانة تمنح الحكومة الحالية شرعية شعبية للتأكيد على أنها تنفذ أجندتها الانتخابية التي كان على رأسها مكافحة الفساد ومحاكمة أركان الحكومة السابقة.

شعبية نجيب
ويجمع مراقبون سياسيون على أن نجيب عبد الرزاق استعاد جزءا كبيرا من شعبيته خلال الأشهر القليلة الماضية، وقد عزز نجاح مرشحي المعارضة في انتخابات فرعية أجريت في دائرتين انتخابيتين منذ بداية العام الجاري هذا الانطباع، خاصة أن نجيب قاد الدعاية الانتخابية فيهما.

وعلى الرغم من الشائعات التي يتداولها إعلام محلي بفتح خطوط اتصال بين مهاتير محمد وحزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو) المعروف بحزب نجيب فإن مراقبين يستبعدون التوصل إلى تسوية خارج المحكمة، على الأقل في الوقت الراهن كما يقول عزمي حسن، نظرا لأن أي تسوية بين مهاتير ونجيب تؤدي إلى انفراط عقد أحزاب "تحالف الأمل" الحاكم.

وعلى الرغم من أن قيادة أمنو الجديدة تعتبر المحاكمة لأشخاص بعينهم وليست للحزب أو تحالف الجبهة الوطنية الحاكم سابقا فإن كثيرين يعربون عن اعتقادهم أن الحكومة تواجه مشكلة حقيقية في تنامي شعور عند الملايويين بأن المحاكمة تستهدفهم، وهذا ما قد يفسر شعبية نجيب المتزايدة التي تجاوزت حزبه إلى عموم الملايويين، وقد تعقد إجراءات محاكماته التي قد تستغرق سنوات.

المصدر : الجزيرة