كيف نجح السيسي في تنظيم أكبر مهزلة حتى الآن؟

السيسي يبقى حتى 2030 ويوظف أبناءه بالأجهزة الأمنية للدولة
أيمن نور: السيسي نجح في تنظيم أكبر مهزلة حتى الآن (الصحافة المصرية)

ووفقا للمقال، الذي حمل عنوان "كيف نجح السيسي في تنظيم أكبر مهزلة له إلى حد الآن"، فقد سارعت جماعات حقوق الإنسان إلى إدانة النتيجة باعتبارها زائفة، أما الاتحاد الأوروبي، فقد أصدر بيانا يُذكّر فيه مصر بالتزاماتها المتعلقة بسيادة القانون واستقلال القضاء وحرية التعبير والتجمع.

وتابع "وقبل أن تهدأ الأوضاع عقب هذا الحدث السياسي المُزلزل، توجه السيسي بخطاب إلى الأمة قال فيه إنه سيجدد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر أخرى".

وأضاف بالنسبة للمصريين، كان هناك أمر مألوف على نحو محبط بشأن هذا التحول في الأحداث، إذ إنه منذ توليه الرئاسة باستخدام القوة والتزوير، استند السيسي مرارا وتكرارا إلى قانون الطوارئ والاتهامات "بالإرهاب" لإسكات المعارضة.

وأوضح نور أن التضليل والوهم هما سلاحان قويان من بين الأسلحة الأوتوقراطية، وقد استخدمهما السيسي ببراعة لإقناع من يراقبون الوضع خارج البلاد، إما للتساهل مع مشروعه المستمر لحكم الرجل الواحد أو لغض الطرف عنه.

ومن خلال دعوته إلى حالة الطوارئ، قلّل السيسي من شأن التصويت على الاستفتاء، والأدهى من ذلك أن الرئيس يقلل من شأن ما يعنيه هذا التصويت بالنسبة له، وبالنسبة لمستقبل مصر.

ادعاءات السيسي
وقال نور "لقد زعم السيسي أنه فاز بنسبة 88.83% من الأصوات، مع مشاركة أكثر من 27 مليون شخص، لكن هذا الادعاء كان كاذبا بشكل واضح، ولاسيما أن هذا الرجل كان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بنسبة 97% من الأصوات على الرغم من المقاطعة الجماعية".

ولم يتوان الرئيس عن قمع حملة المعارضة التي حصلت على سبعمئة ألف توقيع من المصريين الموافقين على التصويت "بلا" في الاستفتاء، كما حجب 34 ألف موقع إلكتروني حتى لا يتمكن المصريون من التوقيع على عريضة على الإنترنت ضد الاستفتاء، فهل كل ما ذُكر يقدم صورة رجل واثق وجدير بالنصر؟

وتابع نور "كما كان الحال في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لم يكن هناك إقبال كبير، وعوضا عن ذلك حدثت مقاطعة بعشرات الملايين من الأشخاص".

وأفاد بأن بيانات مراكز الاقتراع تشير إلى أن الإقبال على التصويت لم تتجاوز نسبته 7% داخل البلاد و2.5% خارجها، على الرغم من الادعاءات التي قدمتها الحكومة.

وأشار إلى ما ذكره معهد كارنيغي للشرق الأوسط أنه في حال كانت الأرقام التي قدمتها الحكومة صحيحة، فيعني ذلك أن كل مركز اقتراع كان سيتعين عليه تسجيل أكثر من صوت واحد كل دقيقة.

وأوضح نور أن أي شخص في مصر يعلم ذلك، حتى أن الأمر يصبح أكثر وضوحا عند مقارنة هذا الاستفتاء بذاك الذي نُظم في عام 2011، وشارك فيه 18 مليون شخص، وفي ذلك الوقت، كان بإمكانك مشاهدة المصريين ينتظرون لساعات في الطوابير بمراكز الاقتراع كي يُسمعوا صوتهم، أما هذه المرة، فقد كانت مراكز الاقتراع خالية تقريبا.

خداع علني
ووفقا للمعارض المصري فإن نظام السيسي لا يكلف نفسه عناء محاولة إخفاء خداعه، حيث أعلن عن اعتقاله للمصريين الذي حملوا لافتات عليها كلمة "لا" للتعبير عن رفضهم للاستفتاء، كما اعترف النظام بأنه وزّع صناديق الطعام للحصول في مقابلها على أصوات "بنعم"، حتى أنه أقرّ بأن المواطنين العاديين نُقلوا قسرا إلى مراكز الاقتراع، حتى وإن كانوا قد صوتوا بالفعل.

وأضاف أنه حتى في حال كنت ستتجاهل هذه الإشارات الواضحة على المخالفات، فإن هناك وفرة من الأدلة التي تشير إلى انتهاك القانون، وأولها أن تلك التعديلات الدستورية لم تناقش علنًا على الإطلاق، ولم يعلم كثير من المصريين عن ذلك سوى من خلال الجلسة الختامية للبرلمان.

ومضى قائلا "لقد صدر قرار إجراء الاستفتاء في غضون 48 ساعة من تمرير مشروع القانون في البرلمان، في حين كان لا بد أن تستغرق هذه العملية بين 15 و30 يوما، فضلا عن ذلك، كانت عملية التصويت في حد ذاتها غير قانونية، باعتبار أن القانون ينص على التصويت على بنود الاستفتاء كل على حدة".

وباعتبارنا جزءا من المعارضة المصرية المُوحدة، التي عارضت لوقت طويل تعديلات السيسي الدستورية وقاتلت من أجل حق المصريين في تصويت حرّ ونزيه متعلق بمستقبل بلادهم، لا يمكننا الاعتراف بنتيجة الاستفتاء، علاوة على ذلك، نطلب من الدول التي لم تتردد في الوقوف إلى جانب السيسي أن تتخذ موقفا.

وتابع "نحن الآن أمام لحظة فاصلة في تاريخ مصر الحديث، حيث إن التعديلات الأخيرة ترتّب عنها فراغ دستوري، وأصبحت سلطة السيسي مطلقة، ومع تمرير هذا الإصلاح الأخير، سيظل في السلطة لعشر سنوات أخرى وربما أكثر. لقد مزّق السيسي دستورنا الذي يعد بمثابة الوثيقة الأساسية للمجتمع المصري الحديث".

وفي الختام، أوضح نور أن الأحداث الأخيرة في كل من السودان والجزائر أظهرت أن مهزلة المؤسسات الديمقراطية المزعومة لن يظل مسكوتا عنها للأبد، ومن خلال غض الطرف عن الأحداث في مصر، يضع الغرب استقرار أكثر البلدان اكتظاظا بالسكان في العالم العربي على المحك.

المصدر : واشنطن بوست