منتدى الجزيرة يرصد تراجع التأثير الإقليمي لدول الخليج

المشاركون في الجلسة يخلصون إلى أن الوضع الراهن يظهر أن استطالة أمد الأزمة هو السيناريو المرجح copy.jpg
جانب من المشاركين في منتدى الجزيرة الـ 13 (الجزيرة)

عماد مراد-الدوحة

تحت عنوان "الخليج بين الأزمة وتراجع التأثير الإستراتيجي"، انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة أعمال منتدى الجزيرة الثالث عشر الذي يرصد خلال يومي انعقاده أزمة حصار دولة قطر التي ضربت استقرار المنظومة الخليجية وهددت أمن دولها وجردتها من قدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية ولعب دور مؤثر في محيطها.

المنتدى الذي يعد أبرز فعالية سنوية تنظمها شبكة الجزيرة الإعلامية بمؤسساتها المختلفة، يشارك فيه لفيف من الباحثين والإعلاميين والسياسيين من توجهات ومشارب فكرية وسياسية مختلفة.

وفي الجلسة الافتتاحية للمنتدى، أكد رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني أن أزمة حصار قطر ضربت المنظومة الخليجية في عمقها وهددت أمن الدول الخليجية وقدرتها على التأثير في محيطها، مشددا على أن المواطن الخليجي كان يطمح إلى توحيد العملة وجواز السفر الموحد، ليجد نفسه أمام أكبر أزمة ثقة يمر بها مجلس التعاون منذ تأسيسه.

‪رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة يؤكد أن حصار قطر ضرب المنظومة الخليجية في عمقها‬ (الجزيرة)
‪رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة يؤكد أن حصار قطر ضرب المنظومة الخليجية في عمقها‬ (الجزيرة)


وأضاف أنه رغم الأزمات المتعددة التي مرت بها المنطقة، فإن هذه الأزمة تعد الأعمق في تاريخ دول الخليج، معتبرا أن نزول الأزمة إلى مستوى الشعوب جعل من الصعوبة القضاء على تبعاتها في المستقبل.

تداعيات كبيرة
وأوضح أن هناك حالة من الخوف لدى دول المنطقة من تكرار أزمة الحصار معها مستقبلا، وهو ما يشير إلى أزمة ثقة كبيرة، مشددا على أن دول الحصار لم تحقق أهدافها بل خسر الجميع من هذه الأزمة التي شلت فعالية مجلس التعاون، بعد أن كان من أكثر منظمات العمل العربي المشترك تماسكا وانسجاما.

أما رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، فأكد أن مجلس التعاون الخليجي كان ينظر إليه جميع العرب على أنه نواة لمشاريع إقليمية كبرى، خاصة في ظل توافق خليجي قد لا يوجد بالنسبة نفسها  مع تكتلات عربية أخرى، حيث إن الواقع الاقتصادي والقرب الاجتماعي والالتصاق الجغرافي عوامل كانت تبشر بأن المجلس سيحقق نجاحات كبيرة في المستقبل.

وأوضح أن الحالة التي وصل إليها مجلس التعاون حاليا ترجع إلى محاولة بعض الدول ابتلاع دول أخرى لا تتوافق معها في سياستها، فبات التكتل تكتلين، محدثا تداعيات كبيرة ليس على منطقة الخليج فحسب بل في العالم أجمع، لافتا إلى أن بعض دول الخليج لجأت إلى ضمان أمنها الخاص باللجوء إلى دول خارج المنطقة بسبب انعدام الثقة في جاراتها.

‪المشري: هناك دول خليجية تسعى لابتلاع دول أخرى‬ (الجزيرة)
‪المشري: هناك دول خليجية تسعى لابتلاع دول أخرى‬ (الجزيرة)


وبيّن أن هذه الأزمة أثرت أيضا في دول الربيع العربي، فالدول الخليجية التي حاولت السيطرة على قطر تحاول أيضا إنهاء التجربة الديمقراطية في ليبيا وبقية الدول العربية، وتقف إلى جانب الثورات المضادة بشكل علني بل وتؤجج الحروب بدعم طرف بالأسلحة والعتاد حتى يقضي على الطرف الآخر.

حالة معقدة
ويشير المشري إلى أن قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر ما كانت لتشن حربا على العاصمة طرابلس لولا الدعم الذي تلقاه من عدد من الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي زارها حفتر قبل ثلاثة أيام من هجومه، قائلا إن الإمارات انتهكت أيضا قرارات الأمم المتحدة بشأن التسليح في ليبيا بتزويد قوات حفتر بالعتاد والطائرات والمدرعات.

وفي كلمته بالجلسة الافتتاحية، وصف النائب في البرلمان التركي ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية السابق مهدي آكار الحالة التي وصلت إليها دول الخليج بالمعقدة، في ظل تلك الأزمة التي قوّضت أمن  المنطقة واستقرارها، لافتا إلى أن بلاده تطالب منذ اندلاع الأزمة بضرورة اللجوء إلى الحوار للتوافق نظرا لأن استقرار المنطقة هو استقرار لتركيا.

ويضيف آكار أن التجارب التاريخية تظهر أن السياسات المرتبطة بالعزل الاقتصادي والتهديد العسكري تمهد الطريق لتوترات سياسية عظمى وسباق تسلح، مطالبا بضرورة هجر السياسات الطائفية التي تخلف استقطابا وحروبا بالوكالة مثلما يحدث في اليمن.

‪آكار يطالب بالابتعاد عن السياسات الطائفية التي تخلف الاستقطاب والحروب بالوكالة‬ (الجزيرة)
‪آكار يطالب بالابتعاد عن السياسات الطائفية التي تخلف الاستقطاب والحروب بالوكالة‬ (الجزيرة)


وفي الجلسة الأولى للمنتدى التي عقدت تحت عنوان "العلاقات الخليجية الخليجية: عامان على حصار قطر"، أشار المتحدثون إلى أن الوضع الراهن يظهر أن استطالة أمد الأزمة هو السيناريو المرجح، في ظل إصرار دول الحصار على إجراءاتها الأحادية الجانب، واستمرار رفض الدوحة الاستجابة لقائمة "المطالب" المقدمة من دول الحصار.

أما الجلسة الثانية التي ناقشت واقع المنظومة الخليجية وتآكل النفوذ السعودي، فاتفق المشاركون فيها على أن المملكة العربية السعودية هي أكبر الخاسرين من العجز الحالي لمجلس التعاون، بعد أن كانت في السابق تستخدمه لتعزيز نفوذها داخل المنطقة وخارجها.

المصدر : الجزيرة