"غزوة الكراتين".. كل ما تبقى من استفتاء تعديل الدستور بمصر

كراتين مستقبل وطن
نشطاء مواقع التواصل تداولوا صورا وفيديوهات تظهر توزيع "كراتين" مواد غذائية أمام لجان الاستفتاء أو بجوارها (الجزيرة)

أسدل الستار في مصر على ثلاثة أيام من استفتاء شعبي على تعديلات دستورية مثيرة للجدل، وسط انتقادات لما صاحبه من انتهاكات قانونية كان أبرزها توزيع الرشاوى الانتخابية عبر ما عرف إعلاميا بـ"غزوة الكراتين" على غرار "غزوة الصناديق" في استفتاء آخر مثير للجدل جرى عام 2011.

وتداول نشطاء مواقع التواصل -على مدار الأيام الثلاثة للاستفتاء التي كان آخرها أمس الاثنين- صورا وفيديوهات تظهر توزيع "كراتين" تحوي مواد غذائية أمام لجان الاستفتاء أو بجوارها، كما نشروا إيصالات تستخدم في التأكد من التصويت قبل تسلم "الكرتونة".

وأظهرت الفيديوهات العديد من شهود العيان يتحدثون عن تفاصيل توزيع "الكراتين" التي تستهدف حشد المصريين أمام لجان الاستفتاء، وسط دعوات واسعة مناهضة للاستفتاء سواء بالمقاطعة أو المشاركة بالرفض.

انقسام المعارضة
وسعت المعارضة في الداخل والخارج إلى التصدي لتعديل الدستور، لكنها انقسمت على نفسها بين الدعوة للمقاطعة أو المشاركة بالرفض، وسط مخاوف أن يصب هذا الانقسام في مصلحة السيسي في النهاية.

وتسمح التعديلات الجديدة في الدستور للرئيس الحالي بتمديد رئاسته حتى عام 2030 مع توسيع نفوذه وصلاحياته التنفيذية والتشريعية، وتعزز سيطرته على القضاء، فضلا عما تمنحه من سلطات واسعة للجيش في الحياة السياسية بصفته حاميا للدستور ومدنية الدولة.

غزوة الكراتين
بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 ورحيل الرئيس حسني مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، طرح المجلس العسكري الذي تسلم السلطة من مبارك تعديلا شمل عدة مواد دستورية انقسم المصريون بشأنها بين مؤيد ومعارض، وقاد التيار الإسلامي جبهة التصويت بنعم.

وعندما ظهرت المؤشرات الأولى للنتيجة بالموافقة خرج الداعية السلفي الشهير محمد حسين يعقوب بجملته الشهيرة "غزوة الصناديق" عندما وصف نجاح التيار الإسلامي في الحشد معتبرا أن "الصناديق قالت للدين نعم" لتأخذ هذه العبارة اهتماما إعلاميا كبيرا وتصبح كأنها رمز لذلك الاستفتاء.

ويبدو أن أهم ما سيبقى من استفتاء 2019 هو الوصف الجديد "غزوة الكراتين" للدلالة على أبرز ما لفت الأنظار خلال أيام الاستفتاء، رغم استخدام النظام عدة أساليب للحشد مثل إجبار الموظفين والعمال، وإغراء طلاب الجامعات بخفض المصاريف الدراسية والتغاضي عن الرسوب بالسنة النهائية، فضلا عن لجان الوافدين من الأقاليم التي جمع لها رجال الأمن الناخبين بالقوة من الشوارع ووسائل المواصلات العامة.

"غزوة الكراتين" أثارت انتباه الصحافة الدولية، حيث نشرت أمس صحيفة تايمز البريطانية تقريرا موسعا بعنوان "الغذاء مقابل التصويت" لفتت خلاله إلى تقديم طرود وقسائم غذائية في مناطق الطبقة العاملة، وذلك لمواجهة آثار خيبة الأمل والتعب اللذين يلقونهما جراء التوجه إلى صناديق الاقتراع.

واعتبر الكاتب الصحفي سليم عزوز أن صورة الاستفتاء على التعديلات الدستورية كانت هي هذه "الكرتونة" التي توزع على من جرى جلبهم لتشكيل زحام مصطنع أمام اللجان، ولإثبات التدافع الجماهيري.

وأضاف "لكن سياسة (كرتونة لكل ناخب) صبغت الموضوع كله بها فصار كأنه (مولد أو زفة الكراتين) فتم إغراق السيوشيال ميديا بهذا المشهد الباعث على السخرية، والدافع للشعور بالمهانة والابتذال".

وفي مقال له بعنوان "كرتونة جماعة الإخوان.. وكرتونة جماعة السيسي" قارن عزوز بين الاتهامات الموجهة لجماعة الإخوان المسلمين باستخدام المواد الغذائية في انتخابات سابقة وبين ما جرى في استفتاء 2019، وأكد أن الاتهام للإخوان لم يكن عليه دليل، غير أن التهمة أصبحت حقيقية في ذهن المصريين.

واختتم بقوله "رأى الحكم القائم وأنصاره أن يستدعوا تجربة الإخوان في الحشد، فلم يأخذوا منها سوى العنوان الرائج بأن الناس كانت تصوت لهم، وثمن الصوت هو كرتونة السلع الغذائية، فابتذلوا المشهد وجعلوه مسخرة مكتملة الأركان". 

الشماعة.. دائما
وتعرض النظام المصري لإحراج بالغ بسبب انتشار ظاهرة "كراتين" المواد الغذائية أمام اللجان الانتخابية، مما دفع وسائل الإعلام القريبة من الأجهزة الأمنية إلى محاولة تقديم تبريرات عدة للظاهرة ثم محاولة التنصل منها، مثل أن توزيع المواد الغذائية يتعلق بأعمال البر قبل شهر رمضان وليست لها علاقة بالاستفتاء.

غير أن هذه التبريرات لم تصمد أمام طوفان الصور والفيديوهات التي تكشف استخدام "الكراتين" رشى انتخابية، ليتفتق ذهن النظام عن تعليق التهمة في شمعاته المعتادة، ألا وهي الإخوان والمعارضة.

واتهمت صحف (حكومية وخاصة) حزبا معارضا (لم تذكر اسمه) بمحاولة تشويه الاستفتاء على تعديل الدستور بالتنسيق مع جماعة الإخوان. وفي خبر "موحد" اشتركت وسائل الإعلام التابعة للسلطة والمقربة منها في نشره، جاء فيه أن "أحد أحزاب المعارضة المدعومة من جماعة الإخوان الإرهابية، يقوم حاليا بشراء كراتين من أجل عرضها على أنها رشاوى انتخابية، تم تقديمها أمام لجان الاستفتاء على التعديلات الدستورية".

كما هدد حزب "مستقبل وطن" بمقاضاة كل من اتهمه باستخدام "الكراتين" في رشوة الناخبين والحشد للاستفتاء

وعلى العادة سخر رواد ونشطاء مواقع التواصل مما نشرته الصحف المصرية، ونشر بعضهم روايات عدة لشهود عيان حول "غزوة الكراتين". كما نشر بعضهم صورا وفيديوهات تظهر بجلاء توزيع "الكراتين" وإيصالات التسلم، متسائلين بسخرية "لماذا لم تقبض الشرطة على من يوزع الكراتين إذا كانوا من الإخوان والمعارضة، ولماذا لا تعلن الدولة اسم الحزب المعارض؟".









المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي