الجزائر.. تركة قانونية ودستورية ملغومة لبوتفليقة

epa07481114 (FILE) - Algerian President Abdelaziz Bouteflika sits in the car as he arrives to sign the official presidential candidature documents in Algiers, Algeria, 03 March 2014 (reissued 02 April 2019). According to official media reports late 02 April 2019, Bouteflika has announced his resignation, after weeks of popular mobilisation against his rule and his intention to run for a fifth term in the upcoming presidential elections. Mr. Bouteflika withdrew from running for a new term but canceled Algeria's presidential election, which had been set for April 18. EPA-EFE/STR
بوتفليقة تنحى عن الحكم بعد مظاهرات رافضة لترشحه مجددا للانتخابات الرئاسية (الأوروبية)

الجزائر-إسلام عبد الحي

مرت ثلاثة أسابيع على تنحي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم، بعد عقدين من الزمن، وبمرور الأيام، يكتشف الجزائريون أن بوتفليقة استقال وخلف تركة قانونية ودستورية ملغمة عقدت الوضع السياسي للبلاد وأعاقت التحرك القانوني لفتح ملفات الفساد.

الجدل بدأ بتطبيق المادة 102 من الدستور التي تنص على "إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية في حالة تعذر استمراره في مزاولة مهامه" والتي دعا إلى تفعيلها رئيس أركان الجيش قايد صالح، كحل للأزمة التي تعيشها البلاد، وجاءت هذه المادة بعبد القادر بن صالح على رأس الدولة بصلاحيات محدودة، لكنه مرفوض شعبيا. 

على المقاس
وبالتزامن مع ضغط الحراك الشعبي المتواصل المصر على رحيل بقايا نظام بوتفليقة، ورفض وجودهم ضمن مسار المرحلة الانتقالية، طالب قايد صالح بتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور واللتين تؤكدان أن "السلطة المطلقة في يد الشعب، وهو من يقرر مصيره بنفسه" بحثا عن مخرج دستوري يحمي المؤسسة العسكرية من تهمة "الانقلاب".

بعض أحزاب المعارضة والشخصيات السياسية استقبلت تصريحات قائد الجيش بترحاب، كونه يفتح الباب لترتيب حل سياسي بعد التخلص من النظام القائم، لكن آليات تطبيق هاتين المادتين على أرض الواقع تثير الكثير من الجدل في الساحة السياسية.


ويرى المحامي والناشط السياسي مقران آيت العربي أن "الثغرات القانونية التي أدرجت في الدستور لمساعدة النظام الحاكم على بقائه يمكن تصحيحها من خلال حل الأزمة سياسيا".

ويقول أيضا للجزيرة نت "لا يوجد أي مشكل دستوري أو قانوني يمكن أن يؤثر على المرحلة الانتقالية، لأن في الأزمات يفعّل الدستور وتطبّق مواده، وإذا كانت الأزمة أخطر من الدستور نلجأ إلى الحلول السياسية".

ويربط آيت العربي اللجوء إلى الحل السياسي بمدى توفر الإرادة السياسية، أما في المشهد الحالي الذي تعيشه البلاد فيعتقد أن السلطة تضحي ببعض المسؤولين حفاظا على النظام السائد منذ الاستقلال، وخاصة نظام بوتفليقة، بحسب رأيه.

هروب للأمام
أما أستاذ العلوم السياسية يوسف بن يزة فيرى أن الدستور الحالي غير قادر على استيعاب الوضع، ولا يمكنه أن يكون مرجعية أساسية في إيجاد الحلول لمشكلة فراغ السلطة.

ويقول للجزيرة نت إن واضع الدستور صاغ مجموعة من المواد لإدارة مرحلة انتقالية توقع أن تنتج عن غياب رئيس الجمهورية وفقا لحالات ذكرها بالمادة 102 ليس منها ثورة الشعب ومطالبته بالتغيير الجذري، في ظروف غير عادية، لتبقى المشكلة وحلها مرهونين بمواد الدستور، معتبرا أن التشبث بالمواد الإجرائية كالمادتين 102 و183 لا يعدو أن يكون "هروبا للأمام".


يوضح عبد الوهاب دربال رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات المحلية بأن رئيس الجمهورية لا يشرع، وإنما توجد مؤسسات مختصة، كما لا يمكن إلغاء القانون في حالة تنحيه، لأن الدولة باقية والمؤسسات التشريعية قائمة، وبإمكانها أن تشرّع قوانين تتضمن التعديلات الضرورية لفك الإشكالات الموجودة.

أما فيما يخص الإشكالات التي تطرحها مواد الدستور الحالي لضمان انتقال سلس للسلطة، فيلخصها بن يزة في أن تشريع الدستور "خيط على مقاس الرئيس" ولم يصوت عليه الشعب بل صوت عليه "برلمان مزور" بالإضافة إلى اهتزاز كيان عدد من المؤسسات الدستورية بفعل الثورة الشعبية التي لا يمكن معالجة تداعياتها بدستور "مطعون في شرعيته".

المصدر : الجزيرة