"خارطة طريق" الشاهد.. أهداف انتخابية أم احتواء لغضب الشارع؟

Tunisia's Prime Minister Youssef Chahed arrives at a plenary session at the Assembly of People's Representatives in Tunis, Tunisia November 12, 2018. Picture taken November 12, 2018. REUTERS/Zoubeir Souissi
يوسف الشاهد قبيل دخوله جلسة للبرلمان (رويترز)

بدر الدين الوهيبي-تونس

على بعد أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية، توجّه رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مساء أمس الأربعاء بكلمة للشعب، أثارت ردود أفعال متباينة لتزامنها مع انطلاق حملة تسجيل الناخبين وتوتر اجتماعي وسياسي فاقمه غلاء المعيشة.

واختصر الشاهد بكلمته -التي لم تتجاوز ربع ساعة- تقييمه ورؤيته للوضع السياسي والاجتماعي في تونس، وقدم ما أسماها خارطة طريق عمل حكومته طوال الأشهر الستة المقبلة.

ولقيت كلمة الشاهد صدى عكسيا لدى بعض السياسيين الذين وضعوا الخطاب في دائرة الدعاية الانتخابية، خاصة بعد إطلاق حزب "تحيا تونس" المحسوب على الشاهد، وأشارت استطلاعات الرأي إلى أنه منافس جدي لحركة النهضة ونداء تونس.

وفي أبرز النقاط التي تحدث عنها، تعهد الشاهد بمحاربة غلاء المعيشة والاحتكار وتجاوز المشاكل في قطاع التعليم والصحة.

وتعليقا على ذلك، قال النائب فيصل التبيني في تصريح تلفزيوني إن خطاب الشاهد احتوى على الكثير من المغالطات لأن رئيس الحكومة أخفى حقيقة فشل حكومته عن التونسيين، معتبرا أن توقيت خارطة الطريق جاء متأخرا ولا يمكنه تدارك ما وصل إليه التونسيون من ترد في الأوضاع المعيشية.

الأخلاقيات السياسية
وتطرق الشاهد في كلمته إلى مفهوم الديمقراطية "الذي لا يتجاوز عند البعض" الثلب والمسّ من كرامة الغريم السياسي، في إطار حملات انتخابية تقودها المعارضة.

وأكد أن ضرب معنويات التونسيين وأعضاء الحكومة هو الدّافع الأساسي لبعض الجهات التي تعتمد الشائعات أسلوبا في حملاتها الانتخابية.

وفي هذا الخصوص، أعلن عن نيته إطلاق مشاورات مع جميع الأطياف السياسية والأحزاب دون إقصاء لتنقية الأجواء المتوتّرة وتحسين المناخ السياسي العام، خاصة أن تونس تقف على عتبة استحقاقات انتخابية تشريعية ورئاسية.

وبخصوص الأخلاقيات السياسية، قال القيادي في حركة النهضة محمد بن سالم إنه يتفق مع فكرة إحداث ميثاق سياسي أخلاقي، لكنه انتقد إنهاء رئيس الحكومة كلمته بعبارة "تحيا تونس" (اسم الحزب المحسوب على الشاهد)، معتبرا أن في ذلك استغلالا للمرفق العمومي للإشهار الحزبي، ويؤكد الاتهامات الموجهة له في هذا الصدد.

الفساد والمعيشة
وبيّن الشاهد أن أولويات الفترة المقبلة ستكون في إطار خارطة طريق تقوم أساسا على محاربة غلاء المعيشة والفساد الذي نسب لنفسه وحكومته المبادرة في محاربته تشريعيا وميدانيا، علما بأن جملة من الإيقافات كانت حدثت في فترات متباعدة لرجال أعمال ومهربين بتهمة الفساد.

ملف يرى بعض المحللين والسياسيين أنه يخضع إلى الانتقائية في التعامل، وأن الهدف الأساسي من ورائه هو الاستعراض لا غير، وأن حكومة الشاهد متواطئة إلى حدّ ما مع بعض رؤوس الفساد لاعتبارات حزبية وسياسية ضيقة.

‪الشاهد أثناء إلقاء كلمة في البرلمان‬  (الأناضول)
‪الشاهد أثناء إلقاء كلمة في البرلمان‬ (الأناضول)

وبخصوص تردي الوضع الاقتصادي، ألقى الشاهد بالمسؤولية على الحكومات السابقة التي لجأت -بحسب قوله- للاقتراض من صندوق النقد الدولي مما انعكس سلبا على تطوّر مؤشرات فاعلية حكومته، رغم التحسّن الملحوظ في بعض القطاعات منذ تسلّمه رئاسة الحكومة.

يذكر أن صندوق النقد الدولي أبرم في مايو/أيار 2016 اتفاقا لمنح تونس قرضا على أقساط تمتد على أربع سنوات، وحصلت تونس تبعا لذلك على مبلغ 1.4 مليار دولار من إجمالي قرض بقيمة 2.9 مليار دولار.

وبحسب مراقبين، اعتمد الشاهد في كلمته على أسلوب المراوحة بين الأطروحة ونقيضها، إذ تطرّق إلى العديد من المواضيع التي أنجزتها حكومته للمواطن في حياته اليومية، لكنه ألمح في المقابل إلى مسؤولية بعض الأطراف في تعكير سير عمل الحكومة.

كما أجمع نشطاء على مواقع التواصل على أن الشاهد أراد من وراء كلمته تسجيل نقطة سياسية لرصيده أمام الرأي العام، سواء نجح أو أخفق في تغليب صورة الاعتدال والحكمة، كما يقول.

المصدر : الجزيرة