تسارع الوفود.. ماذا تريد القاهرة والرياض وأبو ظبي من الخرطوم؟

على عجل، وبعد أيام من عزل الرئيس السوداني عمر البشير، يزور وفد إماراتي سعودي مشترك الخرطوم، يعقبه وفد مصري بعد اتصال من الرئيس عبد الفتاح السيسي برئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان، وسط تساؤلات عن المسارعة في الزيارات إن كانت تندرج في إطار الدعم المعلن أم غيره.

ومع تأكيد "العسكري السوداني" زيارة الوفد الإماراتي السعودي، إلا أنه لم يُشر إلى أعضاء الوفد أو ينشر صورا للقاء، مما أثار استغراب كثيرين، فكيف لبلد ثار شعبه واقتلع نظاما حكم ثلاثة عقود أن تعقد قياداته الجديدة لقاءات شبه سرية؟

ولعل هذا ما يرجح مصداقية الأخبار التي نشرتها وسائل إعلام سودانية بأن من ترأس الوفد هو طه عثمان الحسين المدير السابق لمكتب المعزول البشير والمستشار بالخارجية السعودية حاليا.

يٌذكر أن السعودية والإمارات كانتا من أوائل الدول التي اعترفت بالمجلس العسكري السوداني، وزادت على ذلك بالإعلان عن إرسال شحنات من المواد البترولية والدقيق والأدوية دعما للسودان.

هذا الموقف لم يره الحراك الشعبي بعين الرضا، واعتبره كثيرون استفزازا لمشاعر السودانيين وهم في قمة زهوهم الوطني بنجاحهم في عزل البشير.

أكثر من ذلك فإن مزاج الحراك الشعبي لا يبدو من الوارد معه الترحيب بسياسة المحاور التي ربما تمارسها وتفرضها دول منذ انطلاق موجات الربيع العربي، وتندرج في إطار ما بات يعرف بالثورات المضادة.

مطلب من قبيل سحب القوات السودانية المشاركة بحرب اليمن تصدّر مطالب المعتصمين، وعبّر تجمّع المهنيين وقُوى إعلان الحرية والتغيير عن الدرجة نفسها من رفض الانخراط في محاور وتحالفات دون أن يُسموا المحور السعودي الإماراتي المصري.

الزيارات جاءت غداة تأكيد الفريق محمد حمدان حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي إلى تأكيد بقاء القوات المشاركة في حرب اليمن إلى حين استكمال أهداف التحالف السعودي الاماراتي هناك.

وليس سرا أن الفريق البرهان قد ترأس تلك القوات، وأن كثيرا من أفرادها ينتمون لقوات الدعم السريع التي يرأسها حميدتي.

وعلى منوال موقفي الرياض وأبو ظبي، نسجت القاهرة. فلم يتأخر الرئيس المصري في الاتصال بالبرهان معلنا وقوفه إلى جانب السودان وخيارات شعبه -كما قال- بل إنه أعلن نيته زيارة الخرطوم خلال أيام.

وبعد ساعات قليلة من الاتصال الهاتفي بينهما، توجّه وفد مصري وُصف برفيع المستوى إلى الخرطوم.

ومع ذلك ثمة عوامل يتناصح المعتصمون لأخذها بالحسبان، أولها استمرار الحراك الشعبي ووعيه بتجارب ومآلات الربيع العربي الواحدة تلو الأخرى. وفوق هذا وذاك، فإن السلطة المدنية -التي قد ترى النور قريبا- لا يتوقع الشارع قبول انخراطها في تحالفات ومحاور تُعرض على السودان مهما كانت الإغراءات.

المصدر : الجزيرة