أي تداعيات إقليمية للأزمة السودانية؟

خارطة السودان

بعد عقود من النزاعات ووسط جوار مضطرب، لا تزال معالم المرحلة الانتقالية في السودان غير واضحة، علما بأن الخرطوم في ظل حكم عمر البشير اضطلعت بدور مهم في الصراعات التي تشهدها منطقة شمال شرقي أفريقيا حيث تنشط مجموعات مسلحة.

ويحذر محللون من أن "غرق السودان في الفوضى من شأنه أن يجعل عدم الاستقرار يتجاوز حدود" هذا البلد.

وبعد أيام من الانقلاب، أمهل مجلس السلم والأمن الأفريقي المجلس العسكري الانتقالي في السودان 15 يوما لتسليم السلطة للمدنيين.

وجاء قرار المجلس الأفريقي بعد اجتماع عقده اليوم الاثنين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ناقش خلاله الوضع في السودان بعد الإطاحة بالبشير، وسط ترجيحات بفرض عقوبات عليه جراء التطورات الأخيرة.

وفيما يلي تداعيات محتملة للأزمة السودانية:

النزاعات السودانية
يعيش السودان صراعات داخلية منذ ثلاثة عقود، في مقدمتها ما شهده إقليم دارفور (غرب) بين المتمردين والقوات السودانية التي تحالفت مع مليشيات مسلحة، مما أسفر عن أكثر من 300 ألف قتيل منذ العام 2003.

ويقول الباحث المتخصص في شؤون السودان جيروم توبيانا إن أبرز المتمردين في دارفور موجودون اليوم في ليبيا إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، "لكن العودة إلى السودان قد تغريهم للتذكير بضرورة أخذ دارفور في الاعتبار، خصوصا أن القضية هناك لم تحل مع استمرار القمع".

في السياق نفسه، قد تدفع دولة جنوب السودان -التي انفصلت عن السودان عام 2011 وشهدت بدورها نزاعا أهليا- ثمن ما يحصل في الخرطوم في ظل اتفاق سلام هش وُقع في سبتمبر/أيلول الماضي.

ونبه زعيم المتمردين في جنوب السودان رياك مشار الأسبوع الماضي إلى أن الخرطوم "ساعدتنا في التوصل إلى اتفاق السلام، ونأمل أن يسعى النظام الجديد إلى تنفيذه".

‪صورة نشرتها وزارة الدفاع السودانية لزيارة عضو المجلس العسكري الفريق جلال الدين الطيب إلى إثيوبيا لشرح الوضع في بلاده‬ 
صورة نشرتها وزارة الدفاع السودانية لزيارة عضو المجلس العسكري الفريق جلال الدين الطيب إلى إثيوبيا لشرح الوضع في بلاده
‪صورة نشرتها وزارة الدفاع السودانية لزيارة عضو المجلس العسكري الفريق جلال الدين الطيب إلى إثيوبيا لشرح الوضع في بلاده‬
صورة نشرتها وزارة الدفاع السودانية لزيارة عضو المجلس العسكري الفريق جلال الدين الطيب إلى إثيوبيا لشرح الوضع في بلاده

تشاد
طوال أكثر من عقد، خاض السودان وتشاد حربا بالوكالة عبر إيواء كل منهما مجموعات متمردة على الآخر وتسليحها ودعمها. ورغم أن الخرطوم وإنجمينا وقعتا اتفاقا عام 2010 فإن مخاوف من انعدام الاستقرار في تشاد قد تبرز.

يُشار إلى أن محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني والمعروف باسم "حميدتي"، يقود أيضا قوات الدعم السريع التي تُتهم بارتكاب تجاوزات في دارفور.

ويوضح الباحث توبيانا أن هذه القوات "جندت مئات من الشبان العرب التشاديين الذين يعانون البطالة، فضلا عن متمردين تشاديين سابقين. وإذا تمكن حميدتي من تعزيز موقعه فقد يحاول إثارة عدم استقرار في تشاد. قد ينطوي الأمر على عنف شديد في ضوء وحشية الوسائل التي عرفت بها قوات الدعم السريع. وهناك أصلا توتر في شرق تشاد".

ويضيف "قوات الدعم السريع مدججة بالسلاح وبالغة الخطورة، وقد تصدِّر عنفها هذا إلى ليبيا وأفريقيا الوسطى".

‪رئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح برهان يتمتع بعلاقات جيدة مع السعودية والإمارات‬  (مواقع التواصل)
‪رئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح برهان يتمتع بعلاقات جيدة مع السعودية والإمارات‬  (مواقع التواصل)

مصر والسعودية والإمارات
ترصد مصر -جارة السودان- ما يحصل في الخرطوم، خصوصا أنها كانت في صلب الربيع العربي عام 2011، قبل أن يعاود الجيش الإمساك بزمام الأمور فيها بعد انقلاب عسكري عام 2013.

ويرى الخبير في المنطقة رولان مارشال أن "القاهرة تخشى أن يستمر انعدام الأمن في السودان طويلا"، لكنها "لا تبدي انزعاجها من كون المدفعية تقصف الإسلام السياسي".

وفي الإطار نفسه، يلاحظ توبيانا أن "عدو القاهرة هو الإخوان المسلمون، ولا مشكلة لديها مع نظام عسكري، حتى لو اتصف هذا النظام بالعنف.. المهم ألا تدعم الخرطوم الإخوان المسلمين المصريين".

أما السعودية والإمارات فعلاقاتهما بالسودان أفضل منذ أرسل الأخير قوات إلى اليمن دعما للتحالف الذي تقوده الرياض ضد مليشيا الحوثي منذ العام 2015، وقد كانتا يومها على اتصال برئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان إضافة إلى محمد حميدتي.

وتشير تقارير إلى أن البرهان تولى عملية تنسيق إرسال الجنود السودانيين إلى اليمن. كما أن معظم القوات البرية في حرب اليمن تتبع نائبه الفريق أول محمد حميدتي.

وقابل دعاة الاحتجاجات في السودان الدعم السعودي الإماراتي للمجلس العسكري الانتقالي بريبة لافتة لا تخلو من اتهامات بأن رؤوس المجلس الذي يدير البلاد حاليا ضمن لعبة المحاور.

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
تعاونت واشنطن مع السودان إبان حكم البشير لمكافحة ما يسمى "الإرهاب"، في حين تعاون الاتحاد الأوروبي معه درءا لتدفق المهاجرين.

والسبت الماضي، التقى القائم بالأعمال الأميركي في السودان نائب رئيس المجلس العسكري محمد حميدتي، وهو ما يشي بتعاون محتمل مع العسكر الجدد.

في المقابل لا يزال الاتحاد الأوروبي يلتزم الصمت.

ويلاحظ الباحث بمركز كارنيغي إدوارد توماس أن "الدول الأوروبية التي قادت حملة لمحاكمة البشير (بعدما اتهمته المحكمة الجنائية الدولية عام 2009 بارتكاب جرائم في دارفور) لم تعد تكترث -إلى حد كبير- بحقوق الإنسان في السودان".

المصدر : الجزيرة + وكالات