العراق يطلب محاكمة المعتقلين الأجانب.. فما المقابل؟

عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية يستعرضون قوتهم في مدينة الرقة شمال سوريا قبل إطلاق التحالف الدولي حملتهم العسكرية عليهم - أسوشيتدبرس
مقترح العراق يشمل نحو ألف أجنبي محتجزين لدى ما تعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" (أسوشيتد برس)

اقترح العراق على دول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة تولي محاكمة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الأجانب المعتقلين في سوريا مقابل بدل مالي، مما سيدفع دولا عدة لتجنب استعادة مواطنيها، ويثير في الوقت نفسه قلق المدافعين عن حقوق الإنسان.

ويؤكد مصدر حكومي عراقي أن أيا من الدول الأعضاء في التحالف لم ترد على مقترح بغداد الذي يشمل نحو ألف معتقل أجنبي محتجزين لدى ما تعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" التي تدعمها الولايات المتحدة.

لكن يبدو أن البعض قد اختار بالفعل الاعتماد على القضاء العراقي، ويعتبر القضاء العراقي محاكمه ذات اختصاص استنادا إلى أن الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة كانت تمتد على مساحات بين سوريا والعراق.

ويستعد العراق بالفعل لمحاكمة 12 فرنسيا اعتقلوا في سوريا ونقلوا إلى العراق، ويواجه هؤلاء عقوبة الإعدام، لكن ثلاثة فرنسيين سبق أن حوكموا في بغداد حكم عليهم بالسجن المؤبد، وهو ما يعادل 20 عاما في العراق.

على غرار غوانتانامو 
ولاحتجاز هؤلاء الأجانب تكلفة، بحسب ما تحاول أن توضحه السلطات العراقية التي تكتظ سجونها اليوم بآلاف العراقيين الذين اعتقلوا خلال الحملة ضد تنظيم الدولة، إضافة إلى مئات الأجانب المحكومين بالإعدام أو المؤبد.

ولذلك، قال مسؤول حكومي عراقي إن بغداد اقترحت "خيارا" يتمثل بـ"محاكمة الأجانب المحتجزين حاليا لدى قوات سوريا الديمقراطية في العراق، على أن يكون ذلك مقابل ملياري دولار".

وفي حال تم التوافق على هذا الخيار، فإنه بمجرد محاكمة هؤلاء تحتفظ بغداد بحق طلب "مزيد من الأموال لتغطية نفقات الإيواء".

وأشار مسؤول عراقي ثان إلى أنه لغرض قيام السلطات العراقية باعتقال ومحاكمة المعتقلين الأجانب على أراضيها -الذين يقدر عددهم بنحو ألف عنصر وفقا لقوات سوريا الديمقراطية- تم احتساب "التكاليف" بناء على ما طبق في غوانتانامو.

وأضاف أن الدول الأصلية لهؤلاء الأجانب المشتبه بهم "تواجه مشكلة، ولدينا الحل".

وتشكل عودة المقاتلين الأجانب الذين هم حاليا بيد قوات سوريا الديمقراطية مسألة حساسة للغاية بالنسبة للرأي العام في الدول التي ينتمون إليها.

فعلى سبيل المثال، لم تبدأ فرنسا حتى الآن تنفيذ خطة مفصلة لإعادة الفرنسيين وعائلاتهم من سوريا، بحسب ما أفادت تقارير صحفية، واكتفت بالتحدث عن "فرضية" للعمل على ذلك.

وذكر مسؤول عراقي ثالث أن هؤلاء الأجانب قدموا من 52 دولة، لذلك كان من السهل مخاطبة التحالف الدولي بدلا من كل عواصم تلك الدول. ولم يصدر أي تعليق بعد من التحالف الدولي بهذا الخصوص.

وأشار المصدر إلى أن من بين المواضيع التي يتم التداول بها تشكيل "محكمة خاصة" لإجراء المحاكمات.

ودعا قوات سوريا الديمقراطية في وقت سابق إلى تشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة الأجانب المعتقلين لديها، في حين تجري الأمم المتحدة تحقيقها بشأن اعتبار جرائم تنظيم الدولة "إبادة جماعية" التي تعد أخطر الجرائم وفقا للقانون الدولي.

خطر التعذيب
ومن المرجح أن تصدر هذه المحكمة أحكاما بالإعدام، وهي عقوبة مرفوضة من قبل دول الاتحاد الأوروبي التي ينتمي اليها العشرات من المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة.

وإلى جانب الأحكام القاسية، فإن المحاكمات في العراق "لا تضمن محاكمات عادلة" وتشكل "خطرا حقيقيا للتعذيب"، وفق ما قالت المسؤولة في منظمة هيومن رايتس ووتش بلقيس ويلي.

وإذا ما قررت البلدان الأصلية الاعتماد على محاكم بغداد فإن ويلي تعتبر أن على تلك الدول "أن تكون أكثر انخراطا في تطوير النظام القضائي العراقي".

وأضافت أن "الأفضل أن تقوم الدول التي لديها أنظمة قضائية وأساليب تحقيق فعالة بإعادة مواطنيها واستجوابهم".

فعلى سبيل المثال، بدأت الثلاثاء في ميونيخ محاكمة ألمانية متهمة بجريمة حرب وقتل، بعدما تركت فتاة إيزيدية تموت عطشا في العراق، وذلك في أول محاكمة من نوعها لعنصر في تنظيم الدولة.

واعتبرت ويلي أن "هذا مثال ممتاز على كيفية التعامل مع أولئك الذين تورطوا في جرائم خطيرة".

المصدر : الفرنسية