"كانت شريكا لا محتلا".. لماذا مدح الزبيدي بريطانيا؟

Aidaroos al-Zubaidi, leader of Yemen’s Southern Resistance, poses for a picture during Reuters interview at the headquarters of the Southern Transitional Council in Abu Dhabi, United Arab Emirates September 19, 2018. Picture taken September 19, 2018. REUTERS/ Aziz El Yaakoubi
الزبيدي في مقر ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" في أبوظبي (رويترز-أرشيف)

الجزيرة نت-خاص

من أحد فنادق العاصمة البريطانية لندن، أطل رئيس ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات في اليمن، عيدروس الزُبيدي، على مناصريه بتسجيل مرئي، ما لبث أن انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم.

لم يقل حديثا مكررا كعادته عن "استقلال شعب الجنوب ونضالاتهم التحررية"، بل كان مختلفا هذه المرة، إذ حاول حسب مراقبين "قلب حقائق التاريخ"، ووصف الاحتلال البريطاني لليمن الذي انتهى قبل نحو خمسين عاما، بـ"علاقة شراكة سابقة".

وقال إن "بريطانيا لها تأثير إيجابي على شعب الجنوب، وبحكم الشراكة القديمة والوجود البريطاني في السابق وما حققه من إرث ثقافي وحضاري وتقدم في النظام والقانون، أردنا أن تكون أول زيارة لبريطانيا باعتبارها كانت شريكا، والشعب الجنوبي له إرث طويل معها".

شراكة واحتلال
وتماشيا مع أسماه مناصرو الزُبيدي بـ"الدبلوماسية الجديدة"، سعى الأخير إلى كسب تعاطف بريطانيا، بعد أن تلقى دعوة من مجلس العموم لزيارة هي الأولى له إلى لندن، ولقائه بلجنة التعاون والتنمية في المجلس.

وفي كلمته أمام اللجنة فجر اليوم الأربعاء، جدد الزُبيدي مديحه لبريطانيا، وقال إن "الجنوب والجنوبيون عرفوا النظم القانونية والمدنية منذ زمن يمتد إلى عهد الوجود البريطاني".

وأضاف أن تلك النظم مكنت الجنوبيين من تحقيق نجاحات عديدة في مجال محو الأمية وتوفير التعليم والرعاية الصحية المجانية، وبناء منظومة الإدارة، والقضاء على الفقر والبطالة، وإشراك المرأة في الحياة الاقتصادية والسياسية.

في المقابل، وصف الوضع في بقاء جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية (حكمت جنوب اليمن منذ 1967)، ضمن مشروع الوحدة الاندماجية مع الجمهورية العربية اليمنية (حكمت شمال اليمن منذ 1962)، الذي تحققت في 1990، بـ"أرض محتلة وشعب يعاني من ويلات الاحتلال"، في إشارة إلى أن الشمال يحتل الجنوب.

وحاولت الجزيرة نت الحصول على تعليق حول تلك التصريحات، إلا أن قيادات في المجلس الانتقالي رفضت.

وكانت بريطانيا -الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس حينذاك- احتلت عدن في الـ19 من يناير/كانون الثاني 1839، وبعد 128 عاما تم إجلاء آخر جندي لها، عقب ست سنوات من الكفاح المسلح الذي اندلع يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول 1963.

دبلوماسية جديدة
واحتفى الموالون لـ"المجلس الانتقالي" الذي تأسس في مايو/أيار 2017 بدعم من الإمارات، بتصريحات الزُبيدي، وأعدوها خطوة كبيرة للعلاقات الخارجية للمجلس.

وقال المتحدث باسم المجلس سالم العولقي في تغريدة له على موقع "تويتر"، إن أطرافا في الحكومة اليمنية والحوثيين حاولوا إعاقة تلك الزيارة، "لكن السمعة الطيبة التي بات المجلس الانتقالي يحظى بها دوليا كانت كفيلة بفتح كل الأبواب".

أما رئيس الجمعية الوطنية في المجلس (البرلمان) أحمد بن بريك، قال إن المجلس "استطاع أن يوصل القضية الجنوبية إلى مختلف المحافل الدولية، وأن يطرق وتفتح له الكثير من الأبواب التي كانت موصده إلى عهد قريب".

وذهب آخرون إلى أن الحاجز الدولي الذي كان محجوبا أمام القضية الجنوبية، بما يمكّن من استعادة "دولة الجنوب العربي" التي ينادي "المجلس الانتقالي" باستعادتها كدولة ذات سيادة، وهو الاسم للكيان الذي كانت تطلقه بريطانيا على مستعمرتها.

انبطاح ومراهقة
في المقابل، كانت الأصوات المنددة بتصريحات الزُبيدي ذات صدى أكبر، ووصف ناشطون وسياسيون على مواقع التواصل، ذلك بـ"الانبطاح والمراهقة السياسية".

وأعادوا تذكير قيادات "الانتقالي الجنوبي" بالانتهاكات والجرائم التي مارسها البريطانيون "بحق أبناء الجنوب ودعسهم بالبيادات، وسحلهم في الشوارع".

وطالب يمنيون بمعاقبة الزبيدي عقب تلك التصريحات التي تنتقص من نضال اليمنيين، خصوصا أن الأخير يقدم نفسه كشخصية ناضلت حتى انسحاب الحوثيين من عدن. ووفق ناشطين فإن "عيدروس لا يمثل سوى طموحات ناشزة لأقلية جنوبية".

وكتبت الناشطة فاطمة رضا على صفحتها بفيسبوك، "كنا ننشد دولة مستقلة للجنوب ولكننا تفاجأنا بمشروع احتلال بدأت به الإمارات، وكل ما تقوم به الإمارات يجري بتوجيهات من جهاز المخابرات البريطاني الذي لا يزال يطرب نفسه بالعودة للجنوب".

وزير الإعلام في حكومة الحوثيين (غير معترف بها)، ضيف الله الشامي، استغل الموقف وقال إن ما يحدث "خيانة".

غياب المشروع والهوية
ويرى الباحث السياسي صلاح النهمي أن أحد أبعاد توصيف الزبيدي لبريطانيا بأنها دولة شريكة، يعود لغياب المشروع والهوية للزبيدي، مما جعله لا يشعر بأي خجل من وصف احتلال سابق بالشراكة.

ويقول للجزيرة نت إن السياسات لا تبنى على الكلام المنمق والمديح والتهافت، وبريطانيا ليست الإمارات.

لكن الأخطر من ذلك أن الزُبيدي الموالي للإمارات يحاول أن يصور للرأي العام أن الوجود العسكري للإمارات حاليا في عدن وما حولها هو شراكة وليس احتلالا، وفق النهمي.

ويضيف بحديثه أن "تمجيد ثورة أكتوبر وذم حقبة الاستعمار البريطاني يخيف الإمارات وأتباعها، لأنه يمثل مصدر إلهام وهوية للرافضين، ولذا فإن الزُبيدي يعمل على تخفيض حدة العداء للإمارات".

المصدر : الجزيرة