فساد نتنياهو يضعف معسكر اليمين الإسرائيلي

رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواجه تهم الفساد وخيانة الأمانة. (تصوير مكتب نتنياهو، حصلت عليها كصحافي مشارك بالبيانات والصور التي تعمم على وسائل الإعلام".
مواجهة ملفات الفساد قد تقضي على مستقبل نتنياهو (مواقع التواصل الاجتماعي)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

يسابق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الزمن لضمان نجاحه في ولاية خامسة، في ظل استطلاعات الرأي التي تشير إلى تراجع قوة حزبه الحاكم ومعسكر اليمين الذي يشكل الائتلاف الحكومي الحالي، وذلك عقب قرار المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت تقديم لوائح اتهام ضده.

ويخوض نتنياهو صراعا على مستقبله السياسي عقب قرار مندلبليت استدعاءه لجلسة استماع قبيل انتخابات الكنيست التي ستجرى في 9 نيسان/أبريل المقبل، حيث وجهت ضد نتنياهو تهم الفساد والروشة وخيانة الأمانة، مما أسفر عن خلط الأوراق وخلق حالة من الضبابية في الخريطة السياسية والحزبية عشية انتخابات الكنيست.

وأبلغ مندلبليت طاقم الدفاع عن رئيس الوزراء بقراره توجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو، وإخضاعه لجلسة استماع بخصوص الملفات المعروفة بـ"القضية 4000″، و"القضية 2000″، و"القضية 1000″، على أن يتم الكشف عن تفاصيل لوائح الاتهام بعد الانتخابات وقبيل تشكيل الحكومة.

بدوره، أكد نتنياهو تمسكه برئاسة الحكومة وإصراره على خوض الانتخابات لولاية خامسة ورفض التنحي عن منصبه، خصوصا في ظل الدعم العلني من قبل كافة الأحزاب داخل معسكر اليمين، وتجلى ذلك بوضوح حين شن هجوما على المستشار القضائي للحكومة، واتهمه بالخضوع لضغوطات معسكري "اليسار الصهيوني" و"المركز" من أجل إسقاط حكم اليمين بإسرائيل عن طريق المحاكم والمسار القضائي بعد أن فشل بذلك في صناديق الاقتراع.

الصحافة الإسرائيلية تغطي قصص فساد نتنياهو باستمرار 
الصحافة الإسرائيلية تغطي قصص فساد نتنياهو باستمرار 

استطلاعات ومتغيرات
رغم تمسك نتنياهو بالسلطة وخط دفاع الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الحالي وحتى إعلان بعض قادة أحزاب اليمين رفض المشاركة بتشكيل حكومة برئاسة تحالف حزب الجنرالات "كاحول لافان" بزعامة رئيس هيئة الأركان الأسبق بيني غانتس فإن استطلاعات الرأي الأخيرة لوسائل الإعلام الإسرائيلية أظهرت تراجع قوة حزب الليكود الحاكم برئاسة نتنياهو بحصوله على 29 مقعدا، في حين حصل حزب الجنرالات برئاسة غانتس على 38 مقعدا، الأمر الذي سيمكنه من تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبل بأغلبية 61 عضوا حال حظي بدعم الأحزاب العربية في الكنيست.

وتظهر الاستطلاعات تراجع شعبية بنيامين نتنياهو، حيث يعتقد 46% ممن شملتهم الاستطلاعات أن نتنياهو الأفضل لتشكيل الحكومة، علما بأن استطلاعات الرأي السابقة بهذا الصدد قبيل انتخابات الكنيست عام 2015 أظهرت دعم 65% من الإسرائيليين لتولي نتنياهو منصب رئيس الوزراء.

وترفض أغلبية المستطلعة آراؤهم من الإسرائيليين رواية نتنياهو بشأن الاستهداف السياسي، فردا على سؤال "ما إذا كنت توافق أو لا توافق على ادعاء نتنياهو بأن مندلبليت يستهدفه ويتصرف ضده بقرار تقديم لوائح اتهام" أجاب 51% بأنهم لا يوافقون مع طرح نتنياهو، ويعتقدون أنه فاسد، مقابل 33% من الداعمين لطرحه، في حين أجاب 16% بأنهم لا يعرفون، هذه النتائج تعزز التراجع المتدحرج لشعبية نتنياهو في أوساط الإسرائيليين.

فاسد وخطير
وتحت عنوان "إسرائيل لديها حكم مزدوج" كتب المعلق السياسي ألوف بن أن "قراءة وثيقة وتوصيات مندلبليت التي يمكن تسميتها "رواية وثائقية" تزيل الحجاب الرسمي عن الدولة، والحنكة السياسية والأمن اللذين يحيطان برموز السلطة، ويظهر حقيقة تصرفات نتنياهو وإدارته لأمور من وراء الكواليس في مقر إقامته، واصفا إياه بالبخيل والجشع الذي لا يمكنه السيطرة على غرائزه من أجل السلطة.

ويستنتج المعلق السياسي من خلال لوائح الاتهام أن نتنياهو بقي برئاسة الحكومة أكثر من غيره، لأنه بذل المزيد من الجهود لإغلاق كل زاوية، والتحكم في كل التفاصيل، ولم يكن مستعدا لأي عائق أو قيد قانوني لتحقيق أهدافه.

ولفت إلى أن نتنياهو اهتم بإعادة كتابة كل نشرة صحفية، وعمد إلى إجراء مقابلات تلفزيونية مع نفسه، وكتب العناوين عن نفسه وعائلته، وأبعد كل شخص عرقل ذلك عن مقاليد الحكم والسيطرة.

من جانبه، يرى محلل الشؤون السياسية والحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فارتر أن نتنياهو الذي يواجه تهم الفساد سيكون أخطر مما كان عليه حتى الآن، وسيعمل كل ما بوسعه للبقاء على كرسي رئاسة الحكومة، لكنه يجزم بأن سيتم وضع نتنياهو في قفص الاتهام مستقبلا حتى لو شكل الحكومة.

ويعتقد فارتر أن الحقبة التاريخية للحكم في إسرائيل لفترة متواصلة على مدار 13 عاما تشرف على الزوال والانتهاء بقرار التوصية بتقديم لوائح اتهام ضده، ويرى أن الفترة الحالية والأشهر المقبلة ستكون "الفترة الجريحة" في مسيرته السياسية.

وقال إنه "قيادي ينزف ويوجه ظهره إلى جدار المحاكم، وما صدر عنه من تصريحات ليست إلا انتقادات لسلطة إنفاذ القانون، مما يعكس حالة اليأس والإحباط والمؤشرات بشأن نهاية حكم الزعيم".

المصدر : الجزيرة