أطفال سوريا في زمن الحرب.. من نجا من القصف افترسته الأوبئة

A child looks through a chain linked fence at al-Hol displacement camp in Hasaka governorate, Syria March 8, 2019. REUTERS/Issam Abdallah
أطفال سوريا يدفعون الضريبة مضاعفة من حياتهم (رويترز)

لم يجد سكان محافظة إدلب السورية مهربًا من استهداف قوات النظام لهم سوى اللجوء إلى الكهوف والمغارات التي حمتهم من القصف، لكنها أصابتهم بالأمراض والأوبئة جراء الأجواء الرطبة وانعدام أشعة الشمس داخلها.

وتواصل قوات نظام الأسد انتهاك الاتفاقات الدولية لوقف إطلاق النار في إدلب، والتي تم التوصل إليها بهدف حماية ما يقارب أربعة ملايين نسمة.

وكانت محافظة إدلب، الواقعة شمالي غربي سوريا، من أكثر مناطق البلاد تعرضا لاستهداف نظام الأسد، حتى إن سكان المنطقة اضطروا لترك بيوتهم والعيش في المغارات التي تقيهم من عمليات القصف المحدودة، دون الهجمات الجوية الكبيرة.

لكن ظروف العيش داخل الكهوف والمغارات ليست بالسهلة أيضا وإن جنبت من بداخلها أهوال القصف، حيث تسودها الأجواء المظلمة والشروط غير الصحية وينعدم فيها الهواء النظيف ولا تدخلها أشعة الشمس.

الأطفال كانوا أشد المتأثرين سلبا من هذا الأمر، وبالإضافة إلى الجوانب السلبية المذكورة، فقد حرموا من المحيط الاجتماعي الذي يحتاجونه في مرحلتهم العمرية، ليتسبب ذلك في العديد من الاضطرابات الجسدية والنفسية لديهم، أبرزها اضطرابات الكلام.

‪هدم النظام منازلهم فلم يجدوا غير الكهوف مأوى لهم‬ (غيتي)
‪هدم النظام منازلهم فلم يجدوا غير الكهوف مأوى لهم‬ (غيتي)

معاناة
وفي حديثه من داخل المغارة التي لجأ إليها في إدلب، قال السوري محمد خضيري، الأب لخمسة أولاد، إنه فقد اثنين من أولاده في قصف للنظام، مضيفا أنه لجأ إلى إحدى مغارات المنطقة برفقة أفراد أسرته بعد أن تهدّم منزله نتيجة القصف.

وأوضح أن سبب لجوئه إلى المغارة هو حماية نفسه وأسرته من القصف، لا سيما وأن منطقتهم "تُستهدف يوميا بأكثر من 50 قذيفة صاروخية ومدفعية".

وأشار إلى أن المغارات تحمي من قصف النظام دون أن تقيهم من غارات المقاتلات الروسية، مستشهدا على ذلك بمصرع كافة أفراد أسرة جارة لهم نتيجة غارة للطيران الروسي عندما كانوا داخل مغارة لجؤوا إليها.

ولم يستبعد المواطن السوري أن تتحول المغارة التي يلجؤون إليها حاليا إلى مقبرة لأسرته في حال تعرضها لغارة جوية، وأفاد خضيري بأن أولاده يرغبون دوما في اللعب واللهو خارج المغارة إلا أنهم لا يجدون زملاء للعب والتحدث معهم.

ونبّه إلى أن هذا الأمر تسبب باضطرابات نفسية لأطفاله قائلا "ولدي الصغير يعاني اضطرابات في الكلام لعدم وجود زملاء وأقران يلعب معهم في المغارة التي نوجد فيها، إذ إن الأطفال الذين في سنّه يجيدون الكلام في الأحوال الطبيعية. كما أنهم محرومون من قضاء أيام طفولتهم كما ينبغي".

وذكر أنهم يمكثون يوميا قرابة 13 ساعة داخل المغارة، متسائلاً "ما ذنب أطفالي كي يعيشوا هذا الواقع؟".

من جهته، قالت رنا حضري -التي تعيش هي الأخرى داخل إحدى مغارات إدلب- إن والدتها لا تسمح لها بالخروج من المغارة نظرا لما تتعرض المنطقة له من قصف وغارات جوية.

وتشكو الطفلة البالغة من العمر 7 سنوات من عدم وجود أطفال حولها كي تلعب وتقضي أوقات معهم.
 
أما حيان خطاب فيقول إنه كان في الصف السادس الابتدائي، واضطر لترك دراسته بسبب نزوح جميع من في قريته نتيجة القصف.

ويعرب الطفل عن شوقه للأيام التي كان يعيشها برفقة زملائه في الحي، متمنيا عودة تلك الأيام بأقرب وقت.

يذكر أن 147 مدنيا فقدوا أرواحهم وأصيب أكثر من 440 في إدلب منذ مطلع العام الجاري نتيجة الهجمات البرية والجوية التي ينفذها النظام السوري والمليشيات المدعومة إيرانيا، منتهكين بذلك الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن مناطق خفض التوتر في المحافظة.

المصدر : وكالة الأناضول