الجولان المحتل.. طوق نجاة لنتنياهو ودرع واق لإسرائيل

إسرائيل تتمسك بالجولان وتصر على الاعتراف بسيادتها على مرتفعات الجولان.
إسرائيل تتمسك بمنطقة الجولان وتصر على الاعتراف بسيادتها على مرتفعاتها (الجزيرة)

محمد محسن وتد-الجولان المحتل

قوبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الوقت حان لتعترف بلاده بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان بترحيب إسرائيلي، في حين يرى محللون أنه بمثابة طوق نجاة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حملته الانتخابية.

وأثنى حزب "كاحول-لافان" وتحالف حزب الجنرالات برئاسة رئيس هيئة الأركان الأسبق بيني غانتس على إعلان ترامب، خاصة أن قادة الحزب طالبوا واشنطن بالاعتراف بضم الجولان للسيادة الإسرائيلية.

ووفقا لمحللين، فإن الفرح الذي يتقاسمه نتنياهو وغانتس ليس مفاجئا، فضم مرتفعات الجولان والمستوطنات التي أقيمت هناك يحظى بدعم إسرائيلي واسع وإن بدا للوهلة الأولى محاولة من ترامب لمساعدة نتنياهو في الانتخابات.

‪شركات إسرائيلية وأميركية تنقب عن النفط والغاز بمرتفعات الجولان‬ (الجزيرة)
‪شركات إسرائيلية وأميركية تنقب عن النفط والغاز بمرتفعات الجولان‬ (الجزيرة)

دعم شعبي
وتظهر استطلاعات الرأي أن 70% من الإسرائيليين يرون ضرورة فرض السيادة الإسرائيلية وعدم الانسحاب من مرتفعات الجولان، وأن كل ما سيقترحه النظام السوري مقابل الانسحاب لن يكون مجديا لإسرائيل.

وعن جوهر إعلان ترامب، تعتقد صحيفة هآرتس أن أهمية الإعلان رمزية، حيث لم تتفاوض إسرائيل وسوريا على مستقبل الجولان منذ اندلاع الثورة عام 2011، مضيفة أن الإعلان والترحيب به يبعثان رسالة إشكالية مفادها أن إسرائيل لم تعد تريد اتفاق سلام.

وتابعت الصحيفة "صحيح أن سوريا ضعيفة ومفككة وستكون راضية عن الإدانة الدبلوماسية، وبالتالي فإن فرص تجديد العملية السياسية في الشمال تبدو ضئيلة"، لكن الصحيفة تقول "ترامب أعطى السوريين وحلفاءهم أسبابا متجددة للمواجهات العسكرية المحتملة".

وعلى المدى القريب، فإن الضوء الأخضر الأميركي الممنوح لضم مرتفعات الجولان سيعمل وفقا لباحثين إسرائيليين على تعميق الوهم الإسرائيلي بأن موافقة الولايات المتحدة كافية لإجراء تغييرات على خريطة العالم والمساهمة في إزالة حدود الرابع من حزيران 1967 كمرجع لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وسيؤدي الاعتراف الأميركي بالضرورة إلى زيادة ضغوط اليمين الإسرائيلي للإعلان عن ضم الضفة الغربية.

‪سلب الموارد المائية بالجولان المحتل وتحويلها لإسرائيل‬ (الجزيرة)
‪سلب الموارد المائية بالجولان المحتل وتحويلها لإسرائيل‬ (الجزيرة)

صفقة وصفعة
ويرى المحلل السياسي تسفي برئيل أن إعلان ترامب بمثابة إعادة الولايات المتحدة إلى الساحة السورية عبر الباب الخلفي، وأنه إلى جانب التدخل الصارخ وغير المقيد في الحملة الانتخابية الإسرائيلية فإن إعلان ترامب هو صفعة على وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعرض للقوة ضد إيران.

ويعتقد برئيل أن الإعلان لا يعطي أي إضافة لأمن إسرائيل أو تغيير في الخريطة الإستراتيجية العسكرية، كما أنه لا يلغي اتفاق فصل القوات السورية والإسرائيلية منذ العام 1974، ولن يمنع إيران من التموضع العسكري في سوريا، ولن يعطي إسرائيل حرية أكبر في العمليات العسكرية بالتنسيق مع موسكو وتحت القيود التي يفرضها بوتين.

وفي دراسة للباحثين تسفيكى هوزير وإيتسك تسرفاتي بشأن النظرة المستقبلية وموقف إسرائيل من الجولان، فإنهما يعتقدان أن إسرائيل تنتظر تحديات إضافية، أبرزها إحداث تغيير في الموقف الدولي فيما يتعلق بالسيطرة الإسرائيلية على الجولان، والاحتمال الآخر تحديد احتياجات إسرائيل الأمنية في الجولان كشرط لقبولها ببرنامج ترامب بشأن القضية الفلسطينية الذي يسمى "صفقة القرن".

كما أن الجولان -بحسب الباحثيْن- ورقة مساومة وضغط للتوقيع على اتفاقية جديدة لنزع السلاح في سوريا على أساس صيغة "إيران مقابل الجولان"، ويجب أن تكون إسرائيل مستعدة لليوم الذي سيتم فيه التعامل مع اقتراح دولي يسمح لإيران بالانسحاب من سوريا مقابل انسحاب إسرائيلي من مرتفعات الجولان.

‪استغلال موارد الجولان من الثروة الحيوانية‬ (الجزيرة)
‪استغلال موارد الجولان من الثروة الحيوانية‬ (الجزيرة)

ميزات وأفضليات
وتحت عنوان "السيطرة الإسرائيلية على هضبة الجولان.. الضرورة الإستراتيجية والأخلاقية"، أنجز أفرايم عنباري الباحث في مركز بيغن-سادات في جامعة بار إيلان دراسة استعرض من خلالها الجولان ككنز إستراتيجي بالنسبة لإسرائيل، ولفت إلى أن الحديث يدور عن منطقة جبلية ممتدة على مساحة 1800 كيلومتر مربع، وتتصل بجبل الشيخ الذي يعد نقطة لجمع المعلومات الاستخباراتية ومراقبة دمشق وعواصم كثيرة في الشرق الأوسط.

ويعتقد الباحث الإسرائيلي أن الانسحاب من الجولان إشكالي وشائك، فالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان تعطي إسرائيل الكثير من الميزات المهمة لصد أي هجوم عسكري مثلما كان بحرب عام 1973 وخلال سنوات الحرب على سوريا، وهو ما مكن إسرائيل من الحفاظ على الاستقرار عند خط وقف إطلاق النار وعلى الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا.

وأوضح أنه لا يوجد أفضل من مرتفعات الجولان لتكون الدرع الواقي لإسرائيل ومنحها أفضليات دفاعية على الجبهة الشمالية، لافتا إلى أن أي انسحاب عسكري من الجولان سيؤدي إلى سحب الجيش حتى مشارف بحيرة طبريا، مما يهدد الجبهة الداخلية وخليج حيفا.

وعلاوة على ما سبق، فإن البقاء في الجولان يأتي من منطلقات استغلال الموارد الطبيعية، وأبرزها المياه والأراضي للزراعة والثروة الحيوانية، والتنقيب حتى عن الغاز والنفط، حيث ترى تل أبيب في الجولان كنزا من الموارد الطبيعية.

ويرى عنباري أن الانسحاب من الجولان يعني تفكيك معسكرات الجيش وإخلاء المستوطنات ونقل نحو 20 ألفا من المستوطنين إلى داخل إسرائيل، وهو ما سيكلف خزينة إسرائيل 20 مليار دولار، معتبرا أن مرتفعات الجولان بحسب المعتقدات اليهودية جزء لا يتجزأ من "أرض إسرائيل".

المصدر : الجزيرة