تقرير مولر.. ساعات حاسمة تحدد مصير ترامب

محمد المنشاوي-واشنطن

تحبس واشنطن أنفاسها انتظارا لما سيعلنه في غضون ساعات وزير العدل وليام بار من خلاصة تقرير المحقق الخاص روبرت مولر بشأن التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية للعام 2016 التي فاز فيها عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب.

وبعد تسليم مولر تقريره النهائي أول أمس الجمعة إلى وزير العدل، انتقلت كل أوراق قضية التحقيقات الخاصة بالتدخل الروسي المحتمل إلى ملعب الوزير بار الذي يتيح له القانون الأميركي تحديد الخطوة أو الخطوات الموالية فيما يتعلق بمصير تقرير مولر، وتداعياته على المستقبل السياسي لترامب.

ثلاث قضايا
تتطلع كل الدوائر السياسية والإعلامية إلى معرفة مصير ثلاث قضايا رئيسية في التقرير، وكيف تعامل معها المحقق مولر.

القضية الأولى: تتعلق بحجم وطبيعة التدخل الروسي الذي أكدته كل الأجهزة الاستخباراتية الأميركية، ومدى وجود تواطؤ بين حملة ترامب الانتخابية أو ترامب نفسه مع موسكو.

القضية الثانية: هل تعمد الرئيس ترامب إعاقة العدالة عندما اتخذ قراره بإقالة المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالية (أف بي آي) جيمس كومي، وهو الذي كان مشرفا على أحد التحقيقات التي تجريها السلطات الأميركية بشأن التدخل الروسي.

القضية الثالثة: تتعلق باحتمال وجود مخالفات قانونية قام بها الرئيس الأميركي قبل وأثناء الحملة الرئاسية، أو بعد وصوله للبيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2017، بما يستدعي توجيه اتهامات جنائية للرئيس، إلا أنه وطبقا لقواعد وزارة العدل لم توجه أي تهم للرئيس بهذا الخصوص.

وقد تستدعي طبيعة التحقيقات في هذه القضايا الثلاث بدء الكونغرس إجراءات لعزل ترامب إذا بات واضحا ضلوعه فيها، أما إذا لم يثبت التقرير ذلك فلترامب أن يحتفل بانتهاء هذا الفصل من التحقيقات.

‪الأطراف السياسية في أميركا تتطلع لمعرفة مقدار ما سيطلعه وزير العدل للكونغرس من محتويات تقرير مولر‬ (رويترز)
‪الأطراف السياسية في أميركا تتطلع لمعرفة مقدار ما سيطلعه وزير العدل للكونغرس من محتويات تقرير مولر‬ (رويترز)

وستؤثر مضامين تقرير مولر وما سيعلنه الوزير بار على السنتين الباقيتين من ولاية الرئيس ترامب، واستباقا لإعلان وزير العدل يمكن رصد موقف الحزبين على النحو التالي:

الجمهوريون: بدأ أنصار ترامب يحتفلون بانتهاء تحقيقات مولر دون توجيه أي اتهامات جنائية جديدة، وطالبوا أن يعلن انتصار ترامب في حربة الطويلة ضد القوى التي لم يرق لها وصول شخص مثل ترامب إلى البيت الأبيض.

الديمقراطيون: اتحدوا في مطلبهم بإعلان التقرير كاملا للشعب الأميركي، وأن يتحلى وزير العدل بالشفافية الكاملة في تعامله مع الأمر.

رهانات الحزبين
يرى الجمهوريون أن عدم توجيه اتهامات جنائية جديدة من قبل المحقق مولر هو إشارة جيدة إلى اتجاه التحقيق للانتهاء عند هذه النقطة دون توجيه اتهامات، سواء لترامب أو لأفراد عائلته مثل ابنه ترامب جونير أو صهره جاريد كوشنر.

ويبنى الجمهوريون موقفهم المذكور على أنه رغم إدانة الكثير من أعضاء الدائرة القريبة من ترامب مرشحا ورئيسا مثل مستشار الأمن القومي، ومدير الحملة الانتخابية وغيرهما فإن أيا منهم أدين بتهم التواطؤ مع روسيا أو التجسس لفائدة، فكل الإدانات كانت مرتبطة بالكذب على مكتب التحقيقات الفدرالية، أو مخالفات تتعلق بالضرائب، أو النصب والاحتيال.

بالمقابل، يأمل الديمقراطيون بأن يكون عدم توجيه مولر اتهامات جنائية إضافية هو التزاما بقواعد وزارة العدل التي تمنع توجيه اتهامات جنائية لرئيس البلاد أثناء وجوده في سدة الحكم، لكن ربما يتضمن التقرير من المعلومات والدلائل ما يدين ترامب سياسيا، ويشكك في صلاحيته للبقاء على رأس السلطة التنفيذية بالنظر للعلاقة المشبوهة مع روسيا، وعليه يبدأ الكونغرس إجراءات عزل الرئيس.

أسئلة وشكوك
ويبنى الديمقراطيون موقفهم على أسئلة وشكوك كبيرة لم يتم الرد عليها بعد، وتتعلق ببناء برج لترامب في وسط العاصمة الروسية موسكو، ولقاء عقد ترامب مع شخصيات روسية قريبة من الرئيس فلاديمير بوتين، وإخفاء الكثير من اللقاءات والصفقات التجارية بين مستشاري ترامب وحلفاء للنظام الروسي في أوكرانيا.

يضاف إلى ذلك تحقيقات جارية في محكمة جنوب مانهاتن، وتتعلق بمخالفات في تمويل حملة ترامب ومخالفات بحفلات تنصيبه رئيسا وقضايا أخرى.

ويرتبط كل ما سلف بسباق انتخابات الرئاسة للعام 2020، فإذا انتصر ترامب في معركة التحقيقات ونافس في الانتخابات المقبل فسيستطيع استغلال كل ما جرى لصالحه وتصوير نفسه بوصفه ضحية من أجل إعادة انتخابه لولاية ثانية، وبالفعل طالب ستيف بانون كبير مستشاري البيت الأبيض السابق للشؤون الإستراتيجية باستخدام نتائج تقرير مولر سلاحا في المعركة الانتخابية المقبلة.

المصدر : الجزيرة