بالفيديو.. هكذا تعذب إسرائيل الأسرى

فادي العصا-بيت لحم

لا ينسى يزن حمزة الكردي كيف اعتقله جنود الاحتلال من منزله في مخيم عايدة (شمال بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة)، وتكبيله وربط يديه إلى الخلف وإغلاق عينيه، ثم تركْه جالسا القرفصاء منذ لحظة نقله إلى أحد مراكز الاعتقال القريبة.

لا تزال الصورة ماثلة في ذهنه حتى اليوم، رغم مرور ثلاثين شهرا على اعتقاله، بتهمة رشق جنود الاحتلال بالحجارة.

وقف الفتى (17 عاما) أثناء الحديث معه، ووصف للجزيرة نت كيف أجبره الجنود على نزع جزء من ملابسه، وتركْه تحت المكيف، وأجبروه على الوقوف أمام الحائط ورفع أحد رجليه إلى الخلف.

يصف ما حصل معه أنه "أفضل أحوال عملية الاعتقال"، فكثير من الفتية والأطفال الذين عاش معهم في المعتقل رووا له كيف تم الاعتداء عليهم وضربهم وشتمهم وإهانتهم أثناء اعتقالهم والتحقيق معهم.

بدا على الفتى الكردي -الذي اعتقله الاحتلال مرتين ولم يتجاوز 17 عاما- الخوف والرهبة، عندما تحدث عن أقسام السجون الأخرى التي كانت تتعرض للاقتحام والتنكيل، من قبل الاحتلال وما يُعرف بين الأسرى "بالقمعة"، دلالة على عملية القمع التي يتعرضون لها.

هكذا يبدأ القمع
الشاب أيمن يوسف عبد ربه، من مدينة بيت لحم هو أيضا، اعتقل ونقل إلى سجن عوفر (قرب رام الله، وسط الضفة الغربية)، يرى أن كل عمليات الاعتقال سيئة جدا منذ اللحظة الأولى، وصولا إلى التنقل عبر المركبات العسكرية، ونوعية الغذاء وغيرها من التفاصيل.

‪أيمن عبد ربه يصف كيف كان يتم قمعهم داخل سجون الاحتلال‬ (الجزيرة)
‪أيمن عبد ربه يصف كيف كان يتم قمعهم داخل سجون الاحتلال‬ (الجزيرة)

أعاد عبد ربه للجزيرة نت وصف كيفية اقتحام الاحتلال غرف الأسرى في سجن عوفر في يناير/كانون الثاني الماضي.

وقال إن التيار الكهربائي قطع فجأة عن الغرف، وبعد نحو عشر ثوان فقط بدأت وحدة القمع المسماة "المتساداة" إطلاق قنابل الغاز في غرف الأسرى، ومن ثم إلقاء قنبلة الأكسجين "حتى نبقى على قيد الحياة".

ويضيف أن عناصر الوحدة المدججة بالسلاح يبدؤون بعدها الاعتداء بالضرب على الأسرى، ويجر اثنان من السجانين ضخام القامة كل أسير على حدا إلى خارج الغرفة، وتساعد الكلاب البوليسية في الاقتحام، ويُجبر الكلب أي أسير يحاول المقاومة على الانبطاح على وجهه، جالسا القرفصاء.

إذلال وإهانة
"ممنوع أن ترفع رأسك". يكمل عبد ربه، هذا ما يقال لهم، وإذا تحركت أو رفعت رأسك، فستتعرض لضربة عليه.

‪طفلة تحمل لافتة تذكّر بالأسيرات الفلسطينيات داخل السجون الإسرائيلية‬ (الجزيرة)
‪طفلة تحمل لافتة تذكّر بالأسيرات الفلسطينيات داخل السجون الإسرائيلية‬ (الجزيرة)

وأشار في حديثه مع الجزيرة نت إلى ضربة في وجهه ما زالت تؤلمه حتى اللحظة، إضافة إلى أوجاع يديه من التكبيل.

ويبدو أن هدف ذلك كله هو الإذلال والإهانة، خاصة أنه لا يتم التمييز بين الأسرى كبار السن أو الأطفال، أو حتى الأسرى المصابين لحظة اعتقالهم، والذين لا يستطيعون تحمل كل هذا الاعتداء.

يزيد شعور الأسير بالقهر عندما يكون كل ذلك القمع على أرضية السجن القذرة، المليئة بالزيت والطعام؛ فالوحدة المقتحمة تخرب كل شيء في غرف الأسرى، وتسكبه أرضا، ويختلط كل ذلك بالغاز الذي ألقي لحظة الاقتحام.

‪مخيم‬ (الجزيرة)
‪مخيم‬ (الجزيرة)

عاد عبد ربه بعد تحرره من السجن الشهر الماضي، وشاهد الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال عن اقتحام سجن "عوفر"، الذي عاش كل تفاصيله، مؤكدا أن ما نشر لا يصل إلى ما نسبته 1% فقط، مما تعرض له الأسرى في هذا السجن.

يرد الأسرى بالعادة على هذه الإجراءات بالتكبير وإرجاع الطعام والاحتجاج بالطرق على أبواب غرفهم في المعتقلات، ولا سبيل لهم إلا ذلك.

6500 أسير
يلاحظ المتابع لشأن الأسرى الفلسطينيين ارتفاع وتيرة الاعتداءات عليهم، فتركيب أجهزة تشويش حول السجون التي يصل عددها إلى 22 معتقلا ومركز توقيف وتحقيق، تؤدي بعد كل هذا القمع إلى قطع المعتقلين عن العالم الخارجي، بقطع ترددات الإذاعة والتلفاز.

ويرى المتحدث باسم نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري أن ما يحدث مع الأسرى في المعتقلات، هو هجمة بقرار سياسي وعسكري إسرائيلي لكسر إرادتهم.

ويقول الزغاري للجزيرة نت إن 6500 أسير فلسطيني يتعرضون للضغط داخل السجون، والحرب على المحررين منهم بالخارج بقطع رواتبهم ومخصصاتهم؛ بهدف إذلالهم وإخضاعهم، وإيصال رسالة عدم مقاومة المحتل، الذي فشل في إخضاع الشعب الفلسطيني على مدار عشرات السنين.

المصدر : الجزيرة