المحاصصة.. عنوان النظام السياسي بالعراق بعد الغزو الأميركي
المخالفة الدستورية
ولم يذهب نائب المدعي العام في محكمة جنايات أربيل (شمالي العراق) القاضي عبد الستار رمضان بعيدا، بتأكيده عرفية المحاصصة سياسيا.
وتحدث رمضان عن عدم وجود أي سند دستوري أو قانوني لنظام المحاصصة في العراق، وبهذا فهو خرق دستوري ولّد ما أسماه بمقبرة للكفاءات، بسبب تقديم غير الأكفاء بل ربما الجهلة لقيادة المناصب السيادية.
وبين أن المادة 14 من الدستور العراقي لعام 2005 نصت على المساواة بين العراقيين دون التمييز لدين أو مذهب أو عرق أو قومية.
وعاب رمضان النظام السياسي في العراق الذي يقوم على محاصصة الرئاسات الثلاث والمناصب الوزارية وعضوية مجلس النواب وأعضاء الهيئات المستقلة، كهيئة الانتخابات والنزاهة والرقابة المالية، مشيرا إلى أن ذلك يعد مخالفة واضحة للمواد 49 و68 و77 و 102 من الدستور، والتي خلت من أي نص عن المحاصصة.
وأضاف أن النظام القانوني في العراق يشترط لتعيين الموظف أن يكون عراقيا كامل الأهلية، ولم يشترط المحاصصة فيه.
ويواصل رمضان حديثه قائلا إن المحاصصة فرضت على العراق وأساءت له، كما أنها تطبيق مشوه للديمقراطية والاستحقاق الانتخابي الذي يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع لا المحاصصة والتوافقات، فمنعت المحاصصة الكتل والأحزاب السياسية من تقديم الأفضل والأنزه من الشخصيات للمناصب القيادية.
ويختم قوله مشددا على ألا وجود للمحاصصة قانونيا سوى ما أشارت إليه المادة 9 (أ)، والتي جاء في نصها: "تكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية وتدافع عن العراق، ولا تكون أداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة".
التخادم الحزبي
ويعزو الكثير من المطلعين على المشهد السياسي العراقي تدهور الأوضاع عموما إلى المحاصصة التي أضعفت أداء مؤسسات الدولة، كونها ابتعدت عن المعايير الصحيحة في إسناد الوظائف المهمة بالدولة إلى مستحقيها كما أشار رمضان، وهو ما أكده المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي في حديثه للجزيرة نت.
واعتبر الهاشمي أن المحاصصة شجعت الأحزاب على اسـتغلال تخصيصات موازنة الدولة ليغرق الكثيرون في الفساد من خلال تصرفات لجان المشتريات ولجان التعاقد في العقود الخارجية والداخلية، إضافة إلى استغلال طابع التخادم الحزبي لبعض المؤسسات مما جعلها في منأى عن الرقابة، لتتفاقم بها حالات فسـاد جعلت البرلمان العراقي الأسوأ عبر التاريخ.
وأشار إلى وجود علاقة بين المحاصصة والفساد المالي والإداري وهدر الأموال التي ترصد في الموازنات الحكومية العامة، وأن هذه العلاقة طاردة للاستثمار، ومتسببة في توسيع الفجوة بين فئات المجتمع.
لا تخلو من حسنة
من جهته اعتبر النائب عن كتلة الإصلاح والإعمار علي البديري أن المحاصصة قدمت حسنة كبيرة بالحد من التشنجات الطائفية، إذ استطاعت تقليص ظاهرة "التسقيط" بين الأحزاب والكتل، فلعبت دورا مهما بالتهدئة ضمن منهاج التسوية بين المتخاصمين السياسيين الذين انعكست خلافاتهم بشكل سلبي ومباشر على المواطن، فهي بهذا الدور تقلل من الطائفية إلى حد كبير.
يأتي هذا في ظل ضجيج معارضي المحاصصة في السياسة العراقية، والذين قد تكون آراؤهم مخالفة لما يتم تداوله في كواليس المؤتمرات والندوات المغلقة للأحزاب والكتل التي اعتادت تقاسم المناصب السيادية وعلى رأسها الدفاع والداخلية لتليها المالية، وربما حتى على مستوى المحافظين وأعضاء مجالس المحافظات والمديرين العامين، بحسب رأي البديري.
واعتبر البديري أن الغرض من المحاصصة هو تمثيل كل المكونات لإخماد الفتن بين أطياف الشعب بعيدا عن الأسس الطائفية.