مذبحة نيوزيلندا.. شركات التكنولوجيا في قفص الاتهام

Social Media- - ANKARA, TURKEY - OCTOBER 29: A person works on his computer in front of binary digits in Ankara, Turkey on October 29, 2017.
التدقيق المتزايد من الجمهور والشركات نفسها أثار سلسلة من الجدل في السنوات الأخيرة حول نشر المؤامرات البغيضة على الإنترنت (الأناضول)

وصف مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست مذبحة المسجدين بنيوزيلندا بأنه عرض واقعي للخيال الذي قدمته كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، مثل فيسبوك ويوتيوب وتويتر التي كان لكل منها دور في الإعلان عن العنف، وبالتالي الأيديولوجيا المليئة بالكراهية التي تقف وراء ذلك.

وذكر المقال الذي كتبه خمسة من مراسلي الصحيفة المختصين في شؤون شركات التكنولوجيا والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أن شركات التكنولوجيا -رغم أن غالبيتها من أغنى البلدان وأكثرها تقدما من الناحية التكنولوجية في العالم- فشلت في كبح انتشار المحتوى المقلق الذي ينقل صورا مروعة لمستخدمي الإنترنت في جميع أنحاء العالم.

وأوضح التقرير أن منفذ مذبحة المسجدين نشر على نطاق واسع بيانا من 74 صفحة، يدين المسلمين والمهاجرين. وعلى مدار اليومين السابقين للمذبحة، نشر حوالي 60 رابطا لمحتوياته الطافحة بالكراهية عبر منصات مختلفة، نصفها تقريبا كان لمقاطع فيديو على يوتيوب ظلت نشطة حتى وقت متأخر من يوم الجمعة.

متشابكة بعمق
وقال إن الانتشار شبه الفوري للصور على الإنترنت من تصوير يوم الجمعة، يؤكد مدى ترابط منصات التواصل الاجتماعية المتشابكة بعمق، مع نقل المستخدمين الأذكياء للمحتوى جيئة وذهابا عبر المنصات بشكل أسرع من تفاعل المنصات ذاتها.

وأضاف أن ما جرى كان تذكيرا آخر بالعجز المتكرر لهذه الشركات عن اكتشاف بعض أنواع المحتوى العنيف وإزالتها.

وأعاد التقرير للأذهان ما يقوله خبراء السياسة من أن الجهات الحكومية والكونغرس في الولايات المتحدة غير مهيأة للتدخل في هذه المشكلة، في وقت أصبحت فيه شركات التكنولوجيا عرضة للانتقاد بشكل غير معهود في واشنطن.

وقال إن التدقيق المتزايد من قبل الجمهور ومن الشركات نفسها، أثار سلسلة من الجدل في السنوات الأخيرة حول نشر المؤامرات البغيضة على الإنترنت، وأشرطة الفيديو التي تجند الإرهابيين العنيفين ومجموعة واسعة من المحتوى غير اللائق الذي يصل إلى الأطفال، بما في ذلك تعليمات الانتحار التي يتم تقسيمها إلى مقاطع فيديو للأطفال.

نقاش للفيديو قبل تنفيذ المذبحة
وأشار إلى أن فيديو المذبحة بنيوزيلندا تمت مناقشة موضوعه حتى قبل تصويره، في منتدى "شان 8" الهامشي المجهول الذي يشتهر بتعليقاته المتطرفة سياسيا والمثيرة للكراهية في كثير من الأحيان، وتابع المستخدمون على الموقع الهجوم في الوقت الحقيقي، وهم يهتفون فرحا أو يعبرون عن الرعب.

ونقل التقرير عن مديرة مركز شورنشتاين ببرنامج التكنولوجيا والتغيير الاجتماعي بجامعة هارفارد جوان دونوفان، قولها إن الفيديو المباشر كان أحد أكبر محركات النمو في وادي السيليكون. ففي عام 2016، عندما أعلن رئيس شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ توسيعا للفيديو المباشر، قال إنه كان لدعم كل الطرق التي يرغب الناس في التواصل بها.

لكن الفيديو المباشر اجتذب أيضا ممثلين سيئين يرغبون في استخدام القوة الكاملة لتلك البنية التحتية التقنية، لدفع مقاطع الفيديو العنيفة وخطاب الكراهية في جميع أنحاء العالم.

المال والتسييس
وقالت إن الشركات ليست لديها دوافع تذكر لمراقبة المحتوى، لأن المشاركة السريعة والسهلة تساعد في زيادة المستخدمين ووجهات النظر وإيرادات الإعلانات. كما أن الإشراف على المحتوى باهظ الثمن ويحمل معه إمكانية التسييس، بما في ذلك الادعاءات الأخيرة من بعض المحافظين والليبراليين بأن رسائلهم يتم قمعها بشكل غير عادل.

كما نقل عن الباحثة بجامعة ستانفورد ومركز البيانات والمجتمع بيكا لويس، قولها إن شركات التكنولوجيا تواجه مشكلة تعديل المحتوى، وإن الحوافز المالية تلعب دورها للحفاظ على المحتوى أولا وتحقيق الدخل أولا.

المصدر : واشنطن بوست