ندوة بمجلس الشيوخ الأميركي عن التعذيب في السعودية

الطبيب والإعلامي السعودي وليد فتيحي
تقارير أفادت بتعرض الطبيب السعودي الأميركي وليد فتيحي للتعذيب بالسجون السعودية(مواقع التواصل)

محمد المنشاوي-واشنطن

تشهد إحدى قاعات مجلس الشيوخ اليوم الخميس ندوة عنوانها "التعذيب في المملكة"، ويتحدث فيها عدد من الناشطين والحقوقيين، وتلقي الضوء على السجل الحقوقي السيئ للسعودية.

ويتحدث في الندوة وليد الهذلول (أخ لجين الهذلول الناشطة المعتقلة بالرياض)، ويتحدث كذلك أحمد فتيحي (ابن وليد فتيحي، وهو طبيب سعودي أميركي معتقل أيضا بالرياض)، وتشهد الندوة أيضا مداخلات لممثلي مراكز بحثية ومنظمات حقوقية.

وهذه الفعالية وغيرها تعكس توجها متزايدا في واشنطن لإلقاء الضوء على الانتهاكات الواسعة بالسعودية تجاه المعارضين السياسيين، والتي دفعتها للواجهة بشاعة قتل الكاتب الصحفي جمال خاشقجي.

ويقترن الانتقاد الأميركي للرياض بمسار مواز ينتقد ويعري السياسات الإماراتية في اليمن، خاصة مع تركيز الإعلام الأميركي على انتهاكات حقوق الإنسان، وتحديدا المعتقلين، إضافة إلى السياسات الممنهجة للإمارات لاستغلال خيرات اليمن.

وانضمت الخارجية الأميركية أمس إلى ذلك عن طريق تقريرها السنوي الخاص بأوضاع حقوق الإنسان، وركز التقرير في الجزء الخاص بدول الشرق الأوسط على انتهاكات الإمارات والسعودية.

وفي ما يتعلق بالسعودية، تعرض التقرير في مساحة واسعة لاغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وانتقدت الخارجية طريقة تعامل السلطات السعودية مع الجريمة، ومحاولة إنكارها والتستر عليها في البداية، وصولا إلى المحاكمات الشكلية السرية التي تجريها.

وأشار التقرير إلى أن الادعاء العام السعودي اعتقل 11 مشتبها فيه في القضية، ولم يحدد أسماءهم أو وظائفهم أو ما قاموا به.

ولم يتوقف التقرير عند قتل خاشقجي، بل أشار كذلك إلى أن السعودية لم تعاقب متهمين بانتهاكات في قضايا أخرى؛ مما عزز بيئة الإفلات من العقاب، موضحا أن الانتهاكات تشمل القتل خارج إطار القانون، والإعدام في قضايا عادية، والإخفاء القسري، والتعذيب.

أما دولة الإمارات، فقد ذكر التقرير أن الانتهاكات فيها تشمل الاعتقال التعسفي لنشطاء سياسيين، والتعذيب في السجون، مشيرا إلى أن سلطات أبو ظبي لا تحقق في تلك الانتهاكات. وركز التقرير على اتهامات منظمات دولية للجيش الإماراتي بقتل مدنيين في اليمن، وتعطيل المساعدات.

موقف المناصرين
وظهر صباح الأحد الماضي علي الشهابي -رئيس مؤسسة "أرابيا" البحثية في واشنطن، وأحد أهم أصوات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالعاصمة الأميركية- في برنامج "جي بي أس" الذي يقدمه المفكر والإعلامي فريد زكريا على شاشة "سي أن أن" ليدافع عن سجل السعودية.

وركز الشهابي على أهمية السعودية للمصالح الأميركية في المنطقة، ثم كتب بعد يومين في موقع فورين بوليسي مقالا بعنوان "محمد بن سلمان جاء ليبقى"، وحذر فيه من استمرار الضغط على السعودية وعلى ولي العهد السعودي لما في ذلك من تهديد للاستقرار في المنطقة، ولمصالح واشنطن، حيث إن عليها العمل مع الملك القادم الذي يتوقع له أن يستمر نصف قرن من الزمان، حسب قوله.

واستفزت كلمات الشهابي ديفيد ميلر المسؤول الأميركي الأسبق والباحث بمعهد ويلسون آرون؛ ليرد في تغريدة له "لا يمكن لأي منطق أو عذر أن يغير الواقع: محمد بن سلمان يمثل مشكلة للولايات المتحدة، وهو ليس حليفا لها، أو على أفضل تقدير هو حاكم مستبد متهور تصادف أن تجمعه بعض المصالح معنا".

ويظهر علي الشهابي في التلفزيونات الأميركية مدافعا عن محمد بن سلمان، وعن موقف الرياض بالقول "نحن لسنا ديمقراطية جيفرسونية؛ نحن دولة ومجتمع مختلف لا تناسبنا ديمقراطية الغرب".

وينكر الشهابي دائما أي دور لولي العهد في قضية قتل خاشقجي، ويركز على أن الحكومة السعودية تقوم بالتحقيق فيها، وأنه تمت معاقبة الكثير من المسؤولين عن قتل الصحفي.

وتعيد مؤسسة "أرابيا" التغريد لمقولات وكتابات الخبراء والأكاديميين المقربين من ولي العهد السعودي، مثل الأستاذ بجامعة برنستون برنارد هيكل، على سبيل المثال.

ويسبب سجل المملكة السيئ في مجال الحقوق والحريات حرجا كبيرا لشركائها في القطاع الخاص وفي الجهات الحكومية كذلك؛ ولذلك انسحبت شركة" إنديفور" من عقد قيمته أربعمئة مليون دولار مع الحكومة السعودية بسبب تداعيات اغتيال خاشقجي.

تحركات لا تتوقف
ولا يتوقف الكونغرس بمجلسيه، وكذلك الحزبان الجمهوري والديمقراطي، عن طرح وإقرار مشروعات قوانين تواجه بها سلوكيات ومواقف أبو ظبي والرياض، وكان آخرها تصويت مجلس الشيوخ مساء الأربعاء بتوقيت واشنطن بأغلبية 54 صوتا ضد 46 صوتا لوقف الدعم العسكري الأميركي للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن.

وقبل ذلك، قدم أعضاء جمهوريون وديمقراطيون بمجلس الشيوخ مشروع قرار يطالب بمنع مدّ السعودية بالتكنولوجيا النووية، خاصة ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.

كذلك لم تتوقف جهود الكونغرس لعقاب الدولتين عن طريق النظر في تشريعات تحظر تصدير السلاح إليهما.

من ناحية أخرى، تبقى المحاكم الأميركية جهة مهمة أمام ضحايا سياسات أبو ظبي والرياض، سواء الضحايا الأبرياء في اليمن أو من تعرضوا لانتهاكات بالسعودية من أصحاب الجنسية الأميركية مثل عائلة الطبيب وليد فتيحي.

المصدر : الجزيرة