ارتدادات هجوم حفتر بجنوب ليبيا تمتد للجارة تشاد

Forces loyal to former general Khalifa Haftar ride in vehicles in Benghazi November 20, 2014. Libya is in growing chaos as armed factions compete for power. One has taken over the capital Tripoli, setting up its own government and parliament and forcing the elected parliament and administration of Prime Minister Abdullah al-Thinni to move east. Picture taken November 20, 2014. REUTERS/Stringer (LIBYA - Tags: CIVIL UNREST POLITICS CONFLICT)
قوات موالية للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر أثناء خوضها معارك في بنغازي (رويترز-أرشيف)

ألقت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية في تقرير نشرته يوم أمس الجمعة الضوء على التطورات المتسارعة في الجنوب الليبي، مشيرة إلى أن تداعيات الحملة العسكرية التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الجنوب بموافقة فرنسية، تمتد إلى الجارة تشاد.

وبحسب الكاتب سيليان ماسيه، فإن الهجوم الذي أعلنه حفتر يوم 16 يناير/ كانون الثاني تحت عنوان "تطهير المنطقة من الجماعات الإرهابية والمسلحة"، أثار حفيظة خصومه غرب البلاد، وخلق اضطرابا في صفوف الجماعات المسلحة الأجنبية التي تتخذ من الصحراء الليبية مرتعا لها، بعد أن استغلت الفوضى التي خلفها سقوط نظام معمر القذافي.

وبيّن الكاتب أن فرنسا التي تدعم حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فايز السراج، تعبر أيضا عن رضاها عن حفتر.

ونقل ماسيه عن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية تأكيده أن "العمليات الأخيرة التي قادها الجيش الوطني الليبي ساهمت في القضاء على أهداف إرهابية مهمة (خلال الأيام الأولى، ذكر الجيش الوطني الليبي أنه قتل قياديا مهما في تنظيم المغرب الإسلامي)، كما تساهم هذه العمليات في إعاقة أنشطة تهريب البشر المتفشية في هذه المنطقة، وتحديدا بين الساحل الأفريقي والبحر الأبيض المتوسط".

‪صورة نشرها ناشطون قالوا إنها لمسلحين موالين للواء المتقاعد خليفة حفتر في بلدة غدوة على بعد ستين كيلومترا جنوب مدينة سبها الواقعة جنوبي ليبيا‬ (مواقع التواصل)
‪صورة نشرها ناشطون قالوا إنها لمسلحين موالين للواء المتقاعد خليفة حفتر في بلدة غدوة على بعد ستين كيلومترا جنوب مدينة سبها الواقعة جنوبي ليبيا‬ (مواقع التواصل)

هجمات وأهداف
من جهته، أكد أحد الأطراف المحلية أنه "خلال السنوات الأخيرة، انطلقت كل الهجمات التي شنها خاصة تنظيم الدولة ضد برقة والهلال النفطي، من جنوب ليبيا، موضحا أن هدف حفتر يتمثل أولا في تطهير القواعد الخلفية من الجماعات المسلحة التي تضم متمردين تشاديين خيروا العودة لبلادهم".

ولخوض هذه الحرب، يقول عدد من المراقبين للوضع الليبي إن قوات حفتر تستعين بمرتزقة من السودان للقتال في فزان (جنوب)، ولم تلق هذه التحركات العسكرية ترحيبا من قبل قبائل التبو التي عانت لسنوات طويلة من التمييز ضدها.

ويوضح الأستاذ في المعهد الفرنسي للجيوسياسية علي بن سعد أسباب ذلك قائلا إن "قبائل التبو تعتبر بمثابة قوة صاعدة، نظرا لانتشارها تقريبا في كامل الصحراء الليبية. وقد عانوا خلال عهد القذافي من التهميش والعنصرية، ولكنهم بعد الثورة أصبحوا أقوياء وبات من الصعب السيطرة عليهم. ولهذا السبب، فإن التبو في مدينة مرزق غير راضين عن قدوم حفتر وحلفائه".

وأضاف الأستاذ أنه بالإضافة إلى وجود قبائل التبو في الجنوب الليبي، يتمركز عدد من المتمردين التبو التشاديين -الذين نجحوا في إعادة تنظيم صفوفهم على امتداد سنوات الأخيرة- في فزان، قبل أن يأتي حفتر ليزعجهم، بحسب تعبيره.

‪قبائل التبو الليبية ترفض وجود قوات حفتر على أراضيها‬ (الجزيرة)
‪قبائل التبو الليبية ترفض وجود قوات حفتر على أراضيها‬ (الجزيرة)

معارك وتداعيات
وبحسب كاتب المقال، فإن اتحاد قوى المقاومة يعد من أهم الجماعات المسلحة التشادية في الجنوب الليبي.

وبحسب الباحث الفرنسي جيروم توبيانا، فإن "هدف حفتر لم يكن التركيز مباشرة على اتحاد قوى المقاومة"، مرجحا أن تكون المعارك التي تدار في الجنوب الليبي قد أجبرتهم على العودة إلى تشاد التي دخلوها دون أن تعترضهم مقاومة كبيرة، حيث رفضت الحاميات العسكرية التشادية قتالهم.

ويعدّ زعيم اتحاد قوى المقاومة التشادية تيمان أرديمي مقربا من الرئيس إدريس ديبي، وهو ينحدر من قبيلة الزغاوة التي ينحدر منها أغلب كوادر الجيش التشادي.

وقد نجح متمردو اتحاد قوى المقاومة في التغلغل داخل الأراضي التشادية بنحو 400 كلم، قبل أن تهاجمهم الطائرات الفرنسية.

وعلق وزير الخارجية الفرنسي على تدخل بلاده في تشاد لقصف اتحاد قوى المقاومة قائلا: "لقد تدخلت فرنسا بطلب من السلطات التشادية لصد توغل العناصر المسلحة القادمة من ليبيا".

وانطلقت الطائرات الفرنسية من مقرها في نجامينا الذي يحتضن عملية برخان لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي. ويعد تدخل فرنسا العسكري الأخير في تشاد خيارا سياسيا يرفض الإليزيه التعليق عليه.

وبحسب بن سعد فإن "فرنسا طرف في هذه الحرب، وليس من مصلحتها أن تعيش تشاد توترا داخليا، ولا سيما أن الجيش التشادي يعد بالنسبة لفرنسا القوة العسكرية الصحراوية التي تعتمد عليها ضد المتطرفين".

وخلال سنة 2008، وصلت جماعة تيمان أرديمي إلى أبواب القصر الرئاسي في العاصمة التشادية نجامينا، بعد شن هجوم مباغت من السودان.

وأشار مطلع وخبير في الشأن التشادي إلى أن "الوضع الحالي قد تغير بالنسبة لاتحاد قوى المقاومة التشادية، ليس فقط من الناحية الجيوسياسية وإنما أيضا من ناحية الإمكانيات التي بحوزتها هذه السنة؛ فهي لم تعد تمتلك نفس الإمكانيات اللوجيستية والبشرية والمادية التي كانت بحوزتها منذ عشر سنوات".

المصدر : ليبراسيون