حراك الأردن.. لماذا يتغير سقف الشعارات والمطالب؟

محمود الشرعان - شعار "معناش" ظهر في احتجاج الرابع منتصف العام 2018 احتجاجا على قانون ضريبة الدخل - الجزيرة - حراك الأردن من "يا عبدالله يا ابن حسين" إلى معناش.. من غيّر الموجة؟
من احتجاجات على قانون ضريبة الدخل العام الماضي (الجزيرة)

محمود الشرعان-عمّان

"يا عبد الله يا ابن حسين.. اسمع وافهم كلمتين، إمَّا تصلح الحين الحين أو تلحق زين العابدين" شعار رفعه الحراك الأردني خلال سنوات الربيع العربي، وبلغ ذروته في اعتصام 24 مارس/آذار 2011، إلا أنه انتهى بفضه من قبل الأجهزة الأمنية.

الشعار الذي حمل رسالة مباشرة للملك عبد الله الثاني، ومطالبته بإصلاح النظام من خلال تعديلات دستورية أو رفع سقف الشعار، من خلال الإشارة إلى مصير الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي.

وبعد مضي سبع سنوات على الاعتصام الأشهر بالعاصمة عمان، يبدو أن سقف الشعارات تغيّر واختلفت اتجاهاته، فبرز شعار "معناش" في احتجاجات الرابع في يونيو/حزيران 2018 بالعاصمة عمان، لرفض قانون ضريبة الدخل آنذاك، وكرسالة للمطبخ الاقتصادي الأردني بعدم قدرة المواطن على تحمل المزيد من الضرائب.

من غيرّ الموجة؟
ومنذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية والشبابية في الأردن، والتي بلغت ذروتها تزامنا مع انطلاق الثورات العربية، برزت حالة من رفع سقف المطالب في المحافظات مقارنة مع الشعارات التي ترفع في عمان.

فمثلا شعار "يا عبد الله يا ابن حسين مال الأردن راح وين" قد يظهر وبشكل غير متكرر بإحدى الوقفات الاحتجاجية في "ساحة العين" بمحافظة السلط (وسط) غير أنه لا يمكن سماعه باعتصام الرابع في العاصمة.

ويدل التغير الدراماتيكي في سقف الشعارات على الحالة العامة للحراك، فبعد ثماني سنوات من انطلاقه، ومروره بمراحل من المد والجزر مع الدولة، بات الظرف العام للدولة يغير موجة الهتاف وطبيعته.

‪بني إرشيد: الحراك الشعبي يمر بمرحلة التصويب والتهديف‬  بني إرشيد: الحراك الشعبي يمر بمرحلة التصويب والتهديف (الجزيرة)
‪بني إرشيد: الحراك الشعبي يمر بمرحلة التصويب والتهديف‬  بني إرشيد: الحراك الشعبي يمر بمرحلة التصويب والتهديف (الجزيرة)

ويتفق القيادي الإسلامي البارز زكي بني إرشيد مع أن سقف الهتاف تغيّر، ويرى أن تقدير الموقف الصحيح من الحراك يحتاج إلى قراءة شاملة ومن كل النواحي، والهتاف أحد هذه المحاور، بالإضافة للشعار.

ويضيف بني إرشيد للجزيرة نت أن الحراك يمر بمرحلة التصويب والتهديف، والاتفاق على وثيقة مبادئ تحدد مضامين الإصلاح المطلوب، والهتاف والشعارات التي تعبر عنه، وبالتوازي تشكيل إطار إداري وتنسيقي.

غير أن عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية فاخر دعاس يختلف مع بني ارشيد، إذ يعتبر أن المطالب والشعارات لم تتغير لكن ثمة أولويات "إذ يتغلب أحيانا الجانب المعيشي (في هبة حزيران 2018 نموذجا) على الجانب السياسي، والعكس أيضا".

ويقول دعاس للجزيرة نت إن المطالب كرزمة واحدة "إصلاح سياسي واقتصادي" ما تزال الناظم لكل الحراك، لأن الجمهور يرى أن الدولة لم تقدم أي خطوة تجاه الإصلاح، بل تراجعت خطوات.

الرابع وما بعد الرابع
يُذكر أنه منتصف العام الماضي، شهد الأردن هبة شعبية اشتهرت باسم "احتجاجات الرابع" نسبة لموقع الاحتجاج قرب الدوار الرابع، عند مقر رئاسة الحكومة، وأشعل فتيلها النقابات المهنية آنذاك، ونجحت في إسقاط حكومة هاني الملقي، وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل.

‪من احتجاجات سابقة‬ من احتجاجات سابقة (الجزيرة)
‪من احتجاجات سابقة‬ من احتجاجات سابقة (الجزيرة)

وعقب الاحتجاجات جاءت حكومة عمر الرزاز الذي طلب مهلة مئة يوم للمضي في مشروع "نهضة وطن" وتلبية مطالب الشارع، وبعد انتهاء المهلة خرج الحراك مجددا للمطالبة بتغيير النهج السياسي والاقتصادي المتبع لدى الحكومات.

وبدأ واضحا تراجع قوته وزخمه، ما بين منتصف العام الماضي وآخره، من حيث أعداد المشاركين. إلا أنه مستمر منذ شهرين ونصف الشهر.

هل تراجعت قوة الحراك؟
وأمام السؤال عن تراجع قوة الحراك، تطل أسئلة ملحة حول صحة المقارنة بين قوة الحراك بسنوات الربيع العربي، وقوته الآن. علما بأن الاعتصام في ساحة الرابع وسط العاصمة لا يزال مستمرا كل خميس.

ويؤكد الناشط النقابي محمد سنيد -الذي يشارك بالاحتجاجات منذ 2011 وحتى اليوم- تراجع قوة الحراك، وأن سبب ضعف المشاركة الشعبية يعود إلى عدة عوامل أبرزها عدم شعور الفئات الشعبية بأنه يمثل همومها ومطالبها، إضافةً للفجوة الواسعة بين الوعي الشعبي والنخبوي.

ويشير في حديث للجزيرة نت إلى أن الأوضاع التي رافقت التحركات الشعبية بالدول المجاورة أثرت سلبا على المزاج الشعبي المحلي، إضافة إلى تكبيل المئات من الناشطين بقضايا أمنية وتهم قيدت نشاطهم.

أما الناشط الشبابي بشار العساف -الذي اعتقل على خلفية احتجاجات الرابع من ديسمبر/كانون الأول- فيشير إلى أن الحراك يمر بحالة من المد والجزر مع الدولة، فخلال السنوات من 2014- 2018 شهد تراجعا بسيطا في حضوره بالشارع، إلا أنه عاد مع منتصف العام المنصرم.

ويوضح عساف بحديثه للجزيرة نت أن التراجع لا يعني عدم الحضور، بل كان هناك العديد من الفعاليات الشعبية والحزبية المستمرة حول مختلف القضايا.

وحسب تقريرٍ لمركز الشرق الأوسط للإعلام والدراسات السیاسیة، فإن المشاركة الحزبیة والنقابیة بالاحتجاجات الأخيرة ضعیفة جدا بالرغم من أنھا تمسك زمام إدارة الاحتجاج.

هل يعود؟
ويراهن العديد من الحراكيين على العودة في الوقت الحالي، إذ يرى القيادي بني إرشيد أن المستقبل القريب سيشهد موجات جديدة من الحراك وفي نسخ متطورة وموسعة، وربما تفوق حالة التدفق التي شهدها الدوار الرابع في رمضان الماضي.

‪من نتائج الاستطلاع‬  من نتائج الاستطلاع (الجزيرة)
‪من نتائج الاستطلاع‬  من نتائج الاستطلاع (الجزيرة)

ويتفق دعاس مع بني إرشيد، في الجزم بأن الحراك لن يتوقف بل سيزداد حضورا وقدرة على تحقيق أهدافه، خاصة وأن أسباب وجود الحراك لا تزال موجودة من حيث النهج السياسي المتمثل بتغييب الحياة الديمقراطية الحقيقية وتقييد الحريات.

وفي استطلاع رأي -غير علمي- أجرته الجزيرة نت لمئة حراكي شاركوا باحتجاجات الرابع، أظهرت النتائج أن 56‎% متفقون على أن الحراك سيعود لقوته بالوقت الحالي، مقارنة بـ 27% يرون أنه لن يعود مرحليا.

وكشفت نتائج الاستطلاع أن 57.9% من الحراكيين يرون أن قوة الحراك تراجعت مؤخرا -رغم استمراره- في حين يرى 24.6% أن قوته لا تزال حاضرة.

ويتفق 68.4% من المستطلعين أن حكومة الرزاز لم تستجب لمطالب الشارع، في حين يرى 28.1% أن الحكومة استجابت لبعض المطالب.

المصدر : الجزيرة