إدلب.. قصف ونزوح ومخاوف من الأسوأ

يمان خطيب - ادلب - عشرات العائلات تنزح من ريفي حماه وادلب بسبب ارتفاع وتيرة القصف
عشرات العائلات تنزح من ريفي حماة وإدلب بسبب ارتفاع وتيرة القصف (الجزيرة نت)

يمان خطيب-إدلب

حزم أبو عبدو ما خف حمله من لباس وبطانيات على متن سيارته القديمة مستعدا لرحلة نزوح جديدة مع عائلته من بلدة تلمنس جنوبي إدلب باتجاه المخيمات قرب الحدود السورية التركية برفقة عدد من العائلات.

هي المرة الثالثة التي ينزح فيها أبو عبدو الناجي عن منزله في غضون ثلاثة أشهر جراء الاشتباكات والقصف المدفعي من قبل قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معها المتمركزة في بلدات صوران ومعان وأبو دالي بريف حماة.

يقول الناجي (54) عاما للجزيرة نت "باشرت بترميم منزلي مثل مئات العائلات العائدة من المخيمات منذ الإعلان عن الهدنة التي لم تستمر سوى أسبوع واحد حتى عادت الأوضاع لما كانت عليه من اشتباكات وقصف وتحليق مستمر لطيران الاستطلاع والمقاتلات الحربية".

وأشار الناجي إلى أن الخشية من محاولات النظام السوري وحلفائه التقدم في المنطقة أجبر السكان على تذوق مرارة النزوح مرات عديدة، وذلك على الرغم من أن المدن والبلدات في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي تقع في المنطقة -منزوعة السلاح- التي تشرف عليها روسيا وإيران وتركيا ومن المفروض أن تكون آمنة.

‪قلق يخيم على بلدات إدلب بسبب تعزيزات النظام العسكرية‬ (الجزيرة نت)
‪قلق يخيم على بلدات إدلب بسبب تعزيزات النظام العسكرية‬ (الجزيرة نت)

مرمى الصواريخ
داخل أحد الملاجئ في مدينة اللطامنة شمال حماة تحدث عبد الله الحسين الذي آثر البقاء مع عائلته المكونة من سبعة أفراد تحت قصف البراميل والصواريخ لضعف إمكانياته المادية وعدم تقبله نمط العيش في المخيمات.

يقول الحسين (59) عاما للجزيرة نت "نقضي ساعات طويلة محبوسين في الملجأ من شدة القصف، لا أدري عن أي هدنة يجري الحديث، والصواريخ والقذائف ما زالت تنهمر علينا صباحا ومساء مخلفة شهداء وجرحى، لا أحد ممن بقي في اللطامنة يثق بما يصدر عن الاجتماعات والاتفاقات الدولية".

الناشط الإعلامي فادي الحلبي عبر عن خشيته من أن تترجم روسيا تصريحاتها الأخيرة بشأن إدلب إلى عمل عسكري سيخلف إن وقع كارثة إنسانية هائلة في منطقة يقطنها نحو ثلاثة ملايين شخص.

وأشار إلى أنه بعد قضاء هيئة تحرير الشام على فصيل الجبهة الوطنية للتحرير عادت الطائرات الروسية للتحليق بكثافة في أجواء الشمال السوري، وهو ما يثير الرعب في نفوس السكان الذين عاشوا استقرارا نسبيا في الأشهر الماضية باستثناء من يقطنون قريبا من جبهات القتال.

‪حركة نزوح للمدنيين من بلدات حماة وإدلب بسبب قصف النظام السوري‬ (الجزيرة نت)
‪حركة نزوح للمدنيين من بلدات حماة وإدلب بسبب قصف النظام السوري‬ (الجزيرة نت)

حشود كبيرة
من جانبه، أكد الناطق الرسمي باسم جيش العزة التابع للجيش السوري الحر مصطفى معراتي حشد النظام السوري وحلفائه أعدادا كبيرة من المقاتلين على تخوم ريف حماة الشمالي-الغربي وإلى الشرق من محافظة إدلب خلال الشهر الماضي.

وقال معراتي للجزيرة نت إن النظام السوري نقض اتفاقية نزع السلاح الثقيل من خطوط التماس واستقدم مؤخرا تعزيزات عسكرية كبيرة من سلاح ومليشيات تتبع لإيران، أبرزها فيلق القدس.

ولفت إلى أن الفصائل المقاتلة التابعة للمعارضة المسلحة استنفرت جميع مقاتليها وحصنت مواقعها في جبهات القتال للدفاع عن آخر معاقل الثورة.

وذكر أن القصف المدفعي والصاروخي الذي يطال المناطق السكنية في بلدات إدلب وحماة يأتي في سياق حرب نفسية يشنها النظام ومن يدعمه على الحاضنة الشعبية للثوار.

‪جيش العزة يكثف معسكرات التدريب استعدادا لمواجهة تحرك محتمل للنظام السوري‬ (الجزيرة نت)
‪جيش العزة يكثف معسكرات التدريب استعدادا لمواجهة تحرك محتمل للنظام السوري‬ (الجزيرة نت)

ضغوط روسية
ووفقا للباحث في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي، فإن التهديدات الروسية تحمل جانبين، فمن جهة تريد موسكو الضغط على أنقرة من أجل الوصول إلى تفاهم معها بشأن شرق الفرات وفق الرؤية التي طرحتها والقائمة على بروتوكول أضنة 1998.

وفي الوقت ذاته، تمارس روسيا من جهة أخرى الضغط على تركيا لإعادة صياغة اتفاق جديد في الشمال السوري وفق نموذج يتناسب مع مصالحها الإستراتيجية ووجودها الاعتباري، لأن اتفاق خفض التصعيد وملحقه الخاص بالمنطقة لم يكن ليلبي جميع مصالح موسكو، بحسب حديث عاصي للجزيرة نت.

ورجح الباحث مواصلة الجانبين الروسي والإيراني اتخاذ ملف هيئة تحرير الشام وسيلة للضغط على تركيا كونها ملتزمة بإيجاد حل لها يتناسب مع تطبيق اتفاق خفض التصعيد والحل السياسي.

وشكك العاصي بقدرة هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى على مواجهة أي تحرك عسكري محتمل للنظام السوري والمليشيات الإيرانية توفر روسيا له الغطاء الجوي والميداني، وذلك على الرغم من اتخاذ "تحرير الشام" إجراءات خلال سيطرتها الأخيرة في الشمال من شأنها الحد من إضعاف جبهات القتال وخطوط التماس في المنطقة.

المصدر : الجزيرة