لونوفيل أوبسرفاتور: لماذا يعض ترامب بالنواجذ على التحالف مع السعودية؟

U.S. President Trump meets Crown Prince of Saudi Arabia Al Saud- - WASHINGTON, USA - MARCH 20: (----EDITORIAL USE ONLY – MANDATORY CREDIT -
لونوفل أوبسرفاتور: ترامب وإدارته يعاندان ويستمران رغم كل الصعاب في دعم ولي العهد السعودي (الأناضول)
ترى مجلة لونوفل أوبسرفاتور أنه بينما أضافت المفوضية الأوروبية المملكة العربية السعودية إلى قائمتها السوداء للدول التي لا تكافح الإرهاب وغسيل الأموال كما ينبغي، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعض بالنواجذ على علاقته مع ولي العهد السعودي.

وأوردت المجلة الفرنسية أن المفوضية الأوروبية أضافت سبع دول بينها السعودية على قائمتها السوداء التي تضم الدول التي لا تقوم بالجهود الكافية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وذلك بتقديم المفوضة اقتراحها في انتظار تصديق البرلمان الأوروبي.

وأوضحت المجلة أن هذه المبادرة من جانب السلطة التنفيذية الأوروبية لا تزال بحاجة إلى الضوء الأخضر للبرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن لبعض الدول -مثل فرنسا والمملكة المتحدة– تحفظات على القرار، لكن الدول الأوروبية على العموم تتحرك تدريجيا مبتعدة عن السعودية.
وأشارت المجلة إلى أن السعودية مسؤولة -حسب وكالة المخابرات المركزية الأميركية- دون شك عن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وفقا لما صدر عن جلسة الاستماع التي جرت في مجلس الشيوخ الأميركي التي حمّلت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية هذه المأساة التي وقعت داخل مقر القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وأضافت أن بن سلمان هو من أدخل السعودية في حرب اليمن لمحاولة طرد من يعتقد أنهم مدعومون من عدوه إيران، ووصفت تلك الحرب بالوحشية، وقالت إنها أدت إلى قصف المدنيين وحصار الموانئ الذي تتسبب في مجاعة مرعبة بين السكان، بدأت تسيئ إلى جزء من الرأي العام الأميركي. 
ورغم كل هذا -تقول الصحيفة- فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته يعاندان ويستمران رغم كل الصعاب في دعم ولي العهد السعودي، متسائلة لماذا يكرر البيت الأبيض أن التحالف مع الرياض "لا يتزعزع"؟ وكيف يمكن تفسير أن البلد الذي يطرح نفسه كبطل للديمقراطية والحرية الفردية استمر لأكثر من سبعين عاما في دعم المملكة الرجعية بالأسلحة؟
حلف يعمل جيدا
وحيث تقف الإدارة الأميركية وحليفها التقليدي والدائم الاتحاد الأوروبي على طرفي نقيض في موقفيهما من السعودية، يحاول الصحفي فرانسوا رينار عبر لونوفل أوبسرفاتور تفسير هذا التناقض الذي تمليه الجغرافيا السياسية المعاصرة.
وفي شريط مصور، يقول رينار إنه لفهم الموقف المعاند للإدارة الأميركية من السعودية لا بد من العودة إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث خرجت الولايات المتحدة منتصرة على رأس الحلفاء، وأرادت أن تكون شرطي العالم، مما جعلها تبحث عن التمركز في كل مكان.
 
وأشار إلى أن الولايات المتحدة حينها كانت تدرك أن النفط هو أهم سلاح في المستقبل، وأن اليابان وألمانيا لو أتيحت لهما السيطرة على النفط لكانا ربما هما المنتصرين، ولذلك اختارت واشنطن أن تقيم حلفا مع البلد النفطي الكبير الذي لا يقع حينها تحت النفوذ البريطاني المباشر مثل إيران والعراق.
 
وقام الحلف الأميركي السعودي المعروف على حماية أميركا للمملكة المترامية التي ليس لديها جيش قادر على ذلك، وفي المقابل تحصل واشنطن على النفط إن لم نقل تتحكم فيه.
 
وبحسب رينار، ظل هذا الحلف مستمرا ومتماسكا منذ عقده في منتصف الأربعينيبات حتى يومنا هذا، والدليل على أن هذا الحلف يعمل جيدا حرب الخليج الأولى حين استنجدت المملكة بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن البلدين كان لديهما في تلك الفترة عدو مشترك هو الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، العلماني الاشتراكي بالنسبة للسعودية وحليف الروس وعدو إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة.
 
وشبه الكاتب حرب اليمن في الستينيات حين كانت السعودية تحارب عبد الناصر هناك مدعومة من قبل الولايات المتحدة، بحرب اليمن الحالية، حيث تحارب السعودية مدعومة أيضا من واشنطن عدوهما المشترك إيران، التي تخاصم أميركا منذ الثورة وترى فيها السعودية تمددا للمذهب الشيعي.
 
ورأى رينار أن ما يحدث في اليمن يمكن أن يطبق على ما يحدث في سوريا، حيث الأسد المدعوم من قبل إيران يحارب المعارضة المدعومة من قبل السعودية، مؤكدا أن كل ذلك يدل على أن الحلف السعودي الأميركي ما زال يعمل جيدا.
تناقضات
أما التناقض في هذا التحالف، حسب رينار، فهو يعود إلى أن السعودية تعتنق المذهب الوهابي الذي وصفه بأنه الأكثر راديكالية وتطرفا في الإسلام، والذي بدأت تنشره منذ الستينيات بفضل ثروتها الطائلة تحت عنوان السلفية في كل بقاع العالم الإسلامي.
 
وقال رينار "إن هذا الإسلام السلفي الذي يختلف عن الإسلام كما كان معروفا من قبل هو الذي غذى النزعات الجهادية والإسلاموية، وهو الذي تحميه السعودية المحمية بدورها من قبل الولايات المتحدة، في تناقض غريب".
 
وهذا الإسلام الذي تدافع عنه السعودية، يقول رينار "هو الذي فاجأ نيويورك ضحى الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 بتفجيرات دامية، ويا لهول المفاجأة حين علمت واشنطن أن معظم الفاعلين سعوديون".
 
ويرى رينار أن السعودية اليوم لا تحترم حقوق الإنسان، فالمرأة فيها مسلوبة الحقوق والإعدام وقطع الأيدي ممارسة مستمرة، ومع ذلك تواصل الولايات المتحدة دعمها لها رغم ادعائها أنها تدافع عن الحريات وحقوق الإنسان.
 
ومع أن الكثير من الأميركيين يطالبون اليوم بالتخلي عن الدفاع عن هذا البلد المناقض لمبادئهم وقيمهم، فإن ترامب ما زال يعض بالنواجذ على الحلف بين واشنطن والرياض.
المصدر : الصحافة الفرنسية