الفلسطينيون بالخليل يتصدون للمستوطنين بعد خروج البعثة الدولية

صور متطوعين من لجان الكفاح للحمايبة والتوثيق يردون ذات الزي الأزرق الذي كان يرتديه أعضاء البعثة الدولية وهم يفصلون المواطنين ويقدمون الخدمات لهم ويحمونهم من المستوطنين وجنود الاحتلال| البلدة القديمة من الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة
متطوعون من لجان الكفاح للحماية والتوثيق بملابس تماثل ملابس أعضاء البعثة الدولية بالبلدة القديمة بالخليل (الجزيرة)

فادي العصا-الخليل

تصدح مكبرات الصوت فجأة بشعار "الموت للعرب" ويعم الضجيج أزقة البلدة القديمة بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، ليتبين أنه هجوم للمستوطنين بحماية جيش الاحتلال، ويسارع الفلسطينيون للرد بالتكبير والتهليل بأعلى أصواتهم وعبر مكبرات الصوت اليدوية والخاصة بالمساجد، ويصدوا الهجوم الذي استهدف 25 منزلا.

تعتبر هذه الهجمة الأكبر على الفلسطينيين منذ انسحاب البعثة الدولية التي كانت تراقب وتوثق انتهاكات جيش الاحتلال والمستوطنين في الخليل، منذ نهاية الشهر الماضي بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وهذا ما دفع الناشطين في الخليل لإنشاء لجان حماية للمواطنين أسموها "الكفاح للحماية والتوثيق" والمكونة من 25 متطوعا فلسطينيا، يرتدون بزات زرقاء بذات لون ملابس البعثة الدولية، ويسعون لجمع 64 متطوعا وهو عدد أعضاء البعثة الدولية، والتي كانت تغطي كل المناطق المستهدفة، بالتصوير وتوثيق الانتهاكات.

يصف محمد الزغير الناطق باسم منظمة شباب ضد الاستيطان -التي أسست بالتعاون مع أهالي البلدة القديمة في الخليل هذه اللجان- عملهم بالصعب، رغم خبرتهم في التوثيق سابقا بمساندة أعضاء البعثة الدولية، فهجمات المستوطنين كبيرة ومتعددة بحماية قوات جيش الاحتلال، ولكن وجود الكاميرا والتوثيق، وتجمع الفلسطينيين ما زال يخيفهم.

ويرى الناطق باسم المنظمة -في حديث للجزيرة نت- أن الهجمات ستتصاعد في الأيام المقبلة، لكن انتشار المتطوعين ويقظة الأهالي يصد الهجمات، رغم الانتشار الكبير والقبضة العسكرية الحديدية من قبل قوات الاحتلال في محيط شارع الشهداء وتل رميدة ومناطق أخرى في البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي الشريف.

‪مستوطنون يحاولون منع المتطوعين من العمل في البلدة القديمة بالخليل‬ مستوطنون يحاولون منع المتطوعين من العمل في البلدة القديمة بالخليل (الجزيرة)
‪مستوطنون يحاولون منع المتطوعين من العمل في البلدة القديمة بالخليل‬ مستوطنون يحاولون منع المتطوعين من العمل في البلدة القديمة بالخليل (الجزيرة)

 خوف من الكاميرا
ويتوقع المصور الصحفي مصعب شاور أن تزداد هجمات المستوطنين بعد انسحاب البعثة الدولية، فالمستوطنون هاجموه وعددا من الصحفيين عندما كانوا يقومون بالتغطية الصحفية لتوزيع بعض المأكولات والمشروبات من قبل الأهالي على المتطوعين بعد أيام قليلة من تشكيل هذه اللجان.

ويجبر الاحتلال والمستوطنون المصورين على إغلاق كاميراتهم، وقد يصل الأمر للاعتداء الجسدي عليهم، خشية توثيق الانتهاك الذي يقومون به، ويقول شاور إن المستوطنين وجنود الاحتلال يخشون الكاميرا، لذا هم من ضغطوا على حكومتهم لسحب أعضاء البعثة الدولية.

واضطر الحاج الخمسيني بسام أبو عيشة منذ انسحاب البعثة الدولية أن يصطحب أحفاده، وكذلك كل أبناء البلدة القديمة إلى المدرسة ذهابا وإيابا لحمايتهم من المستوطنين وقوات الاحتلال، فالبلدة القديمة تمتد تقريبا لقرابة الكيلومتر، وأنشأ جيش الاحتلال فيها خمسة حواجز عسكرية.

ويؤكد أبو عيشة -وهو مسؤول اللجنة الأهلية في تل رميدة، للجزيرة نت- أن مواطني البلدة القديمة لن يتركوها، رغم مغادرة 25 عائلة بسبب التضييقات المستمرة منذ مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، إلا أن 250 عائلة ما زالت موجودة، بينما يسعى المواطنون إلى جلب سكان جدد للمنازل الفارغة حتى لا يسيطر عليها المستوطنون.

ويسكن هذا المواطن في منزل يبعد عشرة أمتار فقط عن معسكر لجيش الاحتلال، ويتردد عليه ما يقارب خمسمئة جندي يشنون كل أشكال التنكيل بحق مواطني الخليل ويحمون المستوطنين الذين لا يتجاوز عددهم ستين مستوطنا.

‪مستوطنون يعتدون على شاور أمام جنود الاحتلال‬ مستوطنون يعتدون على شاور أمام جنود الاحتلال (الجزيرة)
‪مستوطنون يعتدون على شاور أمام جنود الاحتلال‬ مستوطنون يعتدون على شاور أمام جنود الاحتلال (الجزيرة)

 عشرة شهداء
واستشهد أمام منزل أبو عيشة عشرة مواطنين على الأقل، يقول إنه شاهدهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، ويطالب المواطن بتوظيف شبان البلدة القديمة على حساب الحكومة الفلسطينية، ليستمروا بالوجود في منازلهم، ويقوموا بحماية المواطنين وتوثيق الانتهاكات.

واستطاع أبو عيشة مع أهالي الحي في وقت سابق الاعتصام عدة أيام وإغلاق الطريق الرئيس في البلدة القديمة لكسر الحصار على المنطقة التي كان الاحتلال يسمح فقط لمن يسكنون فيها بالدخول إليها، بعد التأكد من أسمائهم وأرقام بطاقاتهم الشخصية على الحواجز.

وبهذا الاعتصام انتزعوا قرارا يسمح لأي شخص بالدخول إلى المنطقة، لذا يرى أبو عيشة أن وجود المواطنين والمتضامنين سيُضيع على الاحتلال فرصة سرقة المنازل وإخلاء البلدة القديمة من سكانها.

المصدر : الجزيرة