بريطانيا.. إضراب الأكاديميين في الجامعات بمرمى السباق الانتخابي

إضراب الأكاديميين البريطانيين في مرمى السباق الانتخابي
جانب من المسيرة الطلابية الاحتجاجية في جامعة برمنغهام تضامنا مع مطالب الأكاديميين (الجزيرة)

محمد بدوي-لندن

اختتمت اليوم موجة الإضرابات التي قادها اتحاد الجامعات والكليات في بريطانيا، والتي أربكت الروتين الجامعي طيلة أسبوع ونصف على مستوى البلاد، ورفع المضربون مطالب متعلقة بسوء نظام التعاقدات، بالإضافة إلى تحقيق العدالة في صرف الرواتب على مستوى الجنسين والأقليات العرقية، فضلا عن الدعوة لإصلاح نظام المعاشات.

وقد اختتمت أنشطة اليوم في جامعة برمنغهام بمسيرة طلابية تضامنية بدعم من منظمات إقليمية مثل حركة "التمرد ضد الانقراض"، والجناح الطلابي لحزب العمال المعارض.

وتفيد المعلومات التي استند إليها اتحاد الجامعات والكليات بأن مرتبات الأكاديميين تجمد عند الوضع الذي كانت عليه منذ عام 2009، دون أن تطرأ عليه زيادة طردية تتناسب ومعدلات التضخم، مما يشكل خسارة واقعية تعادل إجمالا 20% بحسب المصدر.

أعباء الأكاديميين
وفي المقابل، يتكبد الأكاديميون أعباء عمل أثقل مما جرى التعاقد عليه، مع غياب الضوابط بسبب لجوء الموظِّفين إلى العقود غير المثبتة، التي بحد ذاتها تثير قلق الأكاديميين الشباب وبالأخص الإناث. إضافة إلى ذلك، فإن مرتبات الرؤساء التنفيذيين للجامعات باتت في تزايد، فعلى سبيل المثال، وصل الراتب السنوي للرئيس التنفيذي لجامعة برمنغهام ديفيد إيستوود إلى 420 ألف جنيه إسترليني.

وبخصوص ملف المعاشات، فقد جاء الاحتجاج جراء تجاهل الموظفين لخلاصات اللجنة المحايدة بشأن هيكلة نظام صندوق المعاشات بعد مفاوضات جرت العام الماضي، ويقول اتحاد الجامعات والكليات أن نسبة ما يقتطع لفائدة صندوق المعاشات قد يرتفع من 8.8% إلى 11.1% بحلول 2021، ما لم تتخذ أية إجراءات مناسبة.

‪جانب من الشعارات التي رفعها الأكاديميون في الجامعات البريطانية المتعلقة بتحسين الرواتب ومعاشات التقاعد‬ (الجزيرة)
‪جانب من الشعارات التي رفعها الأكاديميون في الجامعات البريطانية المتعلقة بتحسين الرواتب ومعاشات التقاعد‬ (الجزيرة)

وقد تنوعت أساليب احتجاج المضربين، وتراوحت بين وقفات على بوابات جامعة برمنغهام أثناء ساعات الدوام الأولى بهدف تحريض الجمهور على الدخول، كما نظمت وقفة جماعية أمام محطة قطار الجامعة.

وألقى بعض الأساتذة محاضرات مفتوحة في حانات محيطة بالحرم الجامعي، التي تُرى فيها فرصة "للتعبير عن رأيهم الحقيقي في اختصاصاتهم خارج نطاق الفصل الدراسي" كما يشير إلى ذلك أستاذ القانون الدستوري في الجامعة آلان غرين.

مرمى السياسة
ومع قرب موعد الانتخابات البرلمانية البريطانية المقرر في 12 ديسمبر/كانون الأول الحالي، تحولت إضرابات الأكاديميين إلى حلقات نقاش سياسي يغلب عليها الطابع اليساري، إذ ألقى أستاذ القانون الدولي بجامعة برمنغهام خافيير إسكورياتزا باللائمة على الليبرالية الحديثة "التي كرست الأنا، وشهوة جمع المال في صفوف الأفراد، وأثنتهم عن أخذ المطالب الجماعية بعين الاعتبار".

وفي الوقفات الجماعية، تعالت الهتافات المناهضة لسياسات حزب المحافظين الحاكم وزعيمه رئيس الوزراء بوريس جونسون، كما تلقت إدارة جامعة برمنغهام انتقادا لاذعا لفتحها فرعا في دبي، وذلك نظرا لما اعتبره المحتجون "سجلا أسود" لدولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان.

بالمقابل، استغل حزب العمال -أكبر أحزاب المعارضة- الواقع الاحتجاجي في الجامعات لصالح حملته الانتخابية، إذ حضر بعض نواب الحزب للوقفات مجددين عهودهم التي يقودها زعيم الحزب جيريمي كوربن، الذي كان قد تعهد بإصلاحات شاملة تحقق العدالة الاجتماعية، وتقضي على أوجه التمييز العنصرية والجنسية، إضافة إلى وعده الجريء بإلغاء المصروفات الدراسية الخاصة بالمرحلة الجامعية.

استشراف وتصعيد
وإجابة عن سؤال "ماذا بعد الإضراب؟"، فقد تحدث الأساتذة بنبرة تفاؤل حذر ممزوج بتوقع موجة تصعيد جديدة خلال العام الحالي، فرغم تشكيل لجان مفاوضات بشأن نظام المعاشات وصرف الرواتب، فإن "رواد البيروقراطية سيفعلون كل ما بوسعهم من أجل قتل المطالب عن طريق التأجيل"، كما تقول بذلك فيونا دي لوندراس، المختصة في الدراسات القانونية العالمية بجامعة برمنغهام.

ويتوقع الأستاذ غرين اندلاع موجة تصعيد جديدة في أي وقت من العام الدراسي الحالي إذا تجاهل المعنيون المطالب، وقد حثت الأستاذة المتخصصة في النظرية القانونية النسوية ميريد إنرايت الطلاب على الضغط على الرئيس التنفيذي لجامعة برمنغهام من أجل اتخاذ خطوات جادة لحل الأزمة.

كما دعت إنرايت الطلاب إلى مخاطبة رئيس الجامعة بهدف استرداد جزئي للمصروفات الدراسية على إثر الإضراب، وقد رفعت شعارات في المسيرة الطلابية تدعو لاستقالة رئيس الجامعة إيستوود.

وبالتزامن مع انتهاء الاحتجاجات، اهتزت مؤشرات استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات المقبلة، إذ تشير استطلاعات موقع "يو غوف" إلى تقدم نسبي لحزب العمال، مقلصا الفارق بينه وبين حزب المحافظين المتقدم بأريحية ملحوظة.

وفي ظل الموجة العالمية المناهضة للمؤسسات الحاكمة، فقد يحقق أي حزب مفاجآت في الانتخابات أو التحالفات، مع تنبؤ مراقبين بتحالف بين حزب العمال والحزب القومي الإسكتلندي.

المصدر : الجزيرة