رداءة الطرق وانعدام وسائل الإنقاذ.. قصة حادث سير مروع في موريتانيا

عملية انقاذ الحافلة المحطمة على طريق نواذيبو نواكشوط في موريتانيا (الجزيرة نت)
عملية إنقاذ ضحايا الحافلة المنكوبة على طريق نواذيبو-نواكشوط

السالك زيد-نواذيبو

 
في محطة للنقل بالعاصمة الاقتصادية لموريتانيا نواذيبو، سجل 15 شخصا أنفسهم في رحلة ستتجه إلى العاصمة نواكشوط في تمام الساعة السادسة من صباح يوم الأربعاء. ومن بين المسجلين نساء ورجال وأطفال.

لكن رحلتهم انتهت في حدود الثامنة صباحا وقبل منتصف الطريق عندما اصطدمت الحافلة التي تقل الركاب بشاحنة عند الكيلومتر 130 من نواذيبو التي تبعد 450 كلم من نواكشوط العاصمة، حيث تحطمت الحافلة تحت الشاحنة وتوفي 12 من ركابها.

محمد معط شاب يعمل في شركة تازيازت تصادف مروره على الطريق الذي وقع فيه الحادث وشاهد المشهد المروع بأم عينه، ووصف الحادث للجزيرة نت قائلا "فجأة أوقفنا رجل على الطريق.. كان يجري بلا حذاء ولا يرتدي قميصا.. توقفنا له فإذا به يسأل عن أغطية.. عندما سألناه عما يريد بها وما به، اكتشفنا أمر الحادث.. كان الرجل يريد شيئا يستر به عورة الضحايا ويلف به بعض الجثث".

الحادث مروع بكل معنى الكلمة
الحادث مروع بكل معنى الكلمة

عجز السلطات
عندما وصل محمد معط إلى مكان الحادث كان فيه حاكم بولنوار وسيارة أخرى على شكل سيارة إسعاف، لكن لا حاكم بولنوار كان يمكن أن يتدخل ولا السيارة أيضا جاهزة للإنقاذ.

ووسط عجز الجهات الأمنية عن التدخل من أجل إسعاف وإنقاذ الضحايا، تدخلت شركة تازيازت بآليات إنقاذ بعد عدة اتصالات، واستطاعت فصل الحافلة عن الشاحنة وتقديم الإسعاف لمن نجوا.

يقول محمد معط للجزيرة نت إن عملية الإنقاذ كانت شاقة، فالشباب الذين أشرفوا عليها -وهم أصدقاؤه- لم يتمالكوا أنفسهم بسبب المشهد المروع. ومما زادهم ضعفا، العثور على طفل يبلغ من العمر أربع سنوات، تحطمت رقبته تحت مقعد، وكانت فوقه سيدة، حيث انهاروا من هول المشهد كما يقول محمد الذي انهار معهم.

ويؤكد أنه لم يشهد تدخل أي جهة حكومية في الحادث رغم مرور ساعات عديدة عليه، حيث وقع الحادث في الثامنة صباحا وهو تصادف مروره في حدود الرابعة عصرا.

وأضاف أن الآليات التي تدخلت بها شركة تازيازت بسيطة وغير مكلفة، ويمكن أن تشتريها الدولة لاستخدامها في مثل هذه الحالات، مستغربا من حضور المسؤولين في المنطقة إلى عين المكان دون أن يكون لديهم ما يقدمونه.

المشهد في نواذيبو
في نواذيبو كان الحزن يخيم على المدينة، فقد تجمهر ذوو ضحايا الحادث أمام المسجد لتسلم الجثث والصلاة عليهم، وللوقوف مع الجرحى الذين كانت إصاباتهم بالغة.

مسؤول الإعلام في حركة "إيرا" مصطفى نزيه بلال الذي زار المستشفى مع رئيس الحركة بيرام الداه اعبيد للاطلاع على حالة الجرحى، يقول "لقد زرنا مستشفى إسبانيا في نواذيبو وصلينا في المسجد على بعض من قضوا في الحادث.. كان هناك هيجان شعبي، فنواذيبو خرجت إلى الشارع من هول الصدمة".

ويضيف بلال في حديثه للجزيرة نت أن المستشفى لم تكن طاقته الاستيعابية تسمح باستقبال الجميع، فمستوى العناية كان منخفضا جدا، حتى إن أحد الضحايا عند وصولنا كان يتكئ على بلاط المستشفى ملطخا بدمائه، قبل أن يؤخذ إلى إحدى الغرف.

‪المشهد أمام مستشفى نواذيبو بعد الحادث المروع لحافلة الركاب‬ المشهد أمام مستشفى نواذيبو بعد الحادث المروع لحافلة الركاب
‪المشهد أمام مستشفى نواذيبو بعد الحادث المروع لحافلة الركاب‬ المشهد أمام مستشفى نواذيبو بعد الحادث المروع لحافلة الركاب

غضب شعبي
وقد أشعل عجز الجهات الأمنية في نواذيبو والمناطق المجاورة لها عن التدخل من أجل إنقاذ ضحايا الحادث، غضب رواد التواصل الاجتماعي فكتبوا كثيرا عن الموضوع على صفحاتهم.

محمد ولد خلف اعتبر في منشور على موقع الفيسبوك أن البلد يعيش أزمة مؤسسات حادة، جعلت المؤسسات غير قادرة على القيام بعملها، مضيفا أنه من غير المعقول أن تتدخل شركة أجنبية تبعد 3 ساعات عن مكان الحادث وتقطع طريقا غير معبد، في حين تعجز السلطات التي وقع الحادث في حيزها الجغرافي أن تقوم بأي شيء.

من جهته كتب سلاك سويدي على صفحته أنه يعتقد بأن البلد ما يزال يهمل سلامة البشر، وأكد أن العوامل التي تتسبب في حوادث السير ما تزال موجودة، مثل رداءة الطرق واستهتار السائقين وغياب دوريات المراقبة والسرعة المفرطة وعدم وجود سيارات إسعاف ووسائل إنقاذ.

واعتبرت آمنة زيدان في تغريدة لها أن حادث نواذيبو أعاد التساؤل حول جدوى الخطط الحكومية من أجل الحد من حوادث السير، خاصة أن رئيس الحكومة أشرف قبل أسابيع على تدشين حملة للسلامة على طريق الأمل.

من جانبها، عزت رئاسة الجمهورية في بيان لها ذوي الضحايا، وتعهدت بالعمل مع القطاعات الوصية على تحسين الطرق من أجل الحد من حوادث السير.

تجدر الإشارة إلى أن موريتانيا حلت في تقرير للملتقى الاقتصادي العالمي حول جودة الطرق، في المرتبة الأخيرة من أصل 137 دولة شملها التقرير.

المصدر : الجزيرة