وزير دفاع المعارضة السورية للجزيرة نت: التصعيد الروسي في إدلب رد على دعم تركيا لليبيا

اللواء سليم ادريس وزير الدفاع في الحكومة السورية الموقتة.
اللواء إدريس لفت إلى أن الوضع الإنساني بإدلب سيئ للغاية وهناك أكثر من 600 ألف مهجر (الجزيرة)

حاوره/ عبد الحميد قطب

أكد وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة اللواء الدكتور سليم إدريس أن روسيا ترتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين السوريين وتهجرهم من ديارهم، مستغلة الظروف الجوية الصعبة للغاية.

وكشف اللواء إدريس في حواره مع "الجزيرة نت" أن قيادة الجيش الوطني شكلت "خلية أزمة" في حالة انعقاد دائم، لاتخاذ القرارات اللازمة لدعم وتعزيز جبهات إدلب.

وأشار إلى وجود علاقة بين الموقف التركي من الملف الليبي وما يجري في إدلب، مؤكدًا أن روسيا تضغط على تركيا في ليبيا من خلال التصعيد في إدلب.

ولفت إدريس إلى أن الوضع الإنساني في إدلب سيئ للغاية، وهناك أكثر من 600 ألف مهجر، وأن الحملة الجارية زادت الوضع سوءا، وأجبرت آلاف العائلات على النزوح إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في ظروف جوية قاسية.

وفيما يلي نص الحوار:

بداية، ما الذي أدى إلى التصعيد في إدلب في هذا التوقيت؟

– التصعيد كان متوقعا، فقبل الحملة الهمجية الأخيرة كانت الجبهات والقرى والبلدات تتعرض يوميا للغارات الجوية والقصف المدفعي والرمايات من كافة أنواع الأسلحة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، وفرض حالة من الرعب والإرهاب الدائم على سكان المنطقة لدفعهم إلى مغادرتها كي تأتي القوات الغازية والمحتلون الروس والإيرانيون ويسيطرون عليها، كما حصل في باقي مناطق سوريا.

فالتصعيد الروسي بهذا الشكل الهمجي ليس له مبرر على الإطلاق، ونحن نعتبر أن روسيا ترتكب مجددا أبشع الجرائم بحق أهلنا المدنيين العزل وتهجرهم من ديارهم، مستغلة الظروف الجوية الصعبة للغاية.

وكثيرة هي التساؤلات: لماذا الآن بالضبط؟ والجواب بسيط وهو أن الإجرام الروسي لم يتوقف حتى نتساءل لماذا تم استئنافه الآن، لأنه كان موجودا، ولكن همجيته وبربريته زادت بسبب حقده على صمود أبطالنا، وعلى ثبات وصبر شعبنا.

ولا شك أن أسباب الحملة تتعلق بمشاركة الجيش الوطني في معارك شرق الفرات والانتصارات التي حققها هناك، كما تتعلق بالموقف التركي من الملف الليبي، فأوراق الأزمة السورية اختلطت كثيرا وتداخلت إلى حد بعيد.

وليس بعيدا عن الأسباب التي دعت إلى تصعيد الحملة ما يدور من لقاءات ومفاوضات بخصوص الدستور، بغض النظر عما إذا كانت هذه المفاوضات ستؤول إلى اتفاق أو لا، لأن روسيا تريد أن تفرض الحل الذي تريده هي، ومن خلال التصعيد على جبهات إدلب توجه رسائل عديدة لكل الأطراف المتداخلة في الملف السوري، وتستولي على مساحات جديدة من الأرض، لتضغط على مسار التفاوض في جنيف وعلى مسار أستانا وتفرض ما تريده في أستانا وتخلط الأوراق في جنيف.

إذًا، تعتبرون تصعيد النظام وروسيا انتهاكا ونقضا لمسار جنيف واتفاق أستانا الموقع بين الروس والأتراك والإيرانيين؟

– نعم، وهذا يؤكد أن روسيا وحلفاء النظام لم يحترموا يوما اتفاقات أستانا، فكلهم لا عهد لهم ولا ذمة، وكل ما جرى في أستانا هو بالنسبة لهم كسب للوقت، وهم يضمرون الغدر وخرق الاتفاقات، وهذا ما يراه كل السوريين والمجتمع الدولي.

أعلنتم حشد ألف مقاتل من الجيش الوطني للدفاع عن إدلب، هل هذا العدد كاف لصد عدوان بهذا الحجم على إدلب؟

– لدينا قوات كبيرة من الجيش السوري الوطني تدافع في جبهات إدلب، وهذه القوات هي تشكيلات الجبهة الوطنية للتحرير، وكان هناك اجتماع لقيادة الجيش الوطني لمناقشة الإجراءات اللازمة لدعم ومؤازرة المدافعين على الجبهات. وقد تقرر في هذا الاجتماع إرسال مؤازرة عاجلة.. حوالي 1000 مقاتل، وهذا لا يعني أن من يقاتلون على الجبهات هم فقط 1000 مقاتل.

وقد تم تشكيل خلية أزمة، وهي في حالة اجتماع دائم، وهذه الخلية مخولة باتخاذ القرارات اللازمة لدعم وتعزيز جبهات إدلب.

هل هيئة تحرير الشام تتحمل جزءا من مسؤولية تصعيد النظام ضد إدلب؟

– لا يخفى على أحد أن روسيا تطالب دوما بإخراج هيئة تحرير الشام من المنطقة، وتتذرع بوجودها لتبرير عمليات قصف المدنيين بالطيران وتدمير المشافي والمدارس والبنى التحتية بذريعة وجود قوى متطرفة.

وحقيقة الأمر أن روسيا وقوات النظام المتهالكة وقوات الاحتلال الإيراني كلها لا تهاجم أماكن تواجد مقاتلي هيئة تحرير الشام التي أصبحت مثل مسمار جحا لهذه الجهات، بل تهاجم السكان المدنيين ومواقع قوات الجيش الوطني السوري.

ذكرتم أن دعم تركيا لحكومة الوفاق الليبية أزعج روسيا الداعمة لحفتر، هل يعني ذلك أن التصعيد الروسي جاء ردًّا على هذا الدعم التركي؟

– بالتأكيد هناك علاقة بين الموقف التركي من الملف الليبي وما يجري في إدلب، فروسيا تريد من خلال تصعيد الهجمات على جبهات إدلب الضغط على تركيا التي يمكن أن يكون لموقفها تجاه ليبيا تأثير مباشر على المصالح الروسية هناك.

هل تهدف حملة النظام وروسيا على إدلب إلى إضعاف الجيش الوطني والتغطية على نجاحه في عملية "نبع السلام" وتحقيق أهدافها؟

– لا شك أن نجاح الجيش الوطني مع الحليف التركي أزعج النظام وقوات الاحتلال الروسي كثيرا، فالجيش الوطني ساهم في هذه المعركة بطرد المليشيات الإرهابية الانفصالية من المنطقة الممتدة بين تل أبيض ورأس العين ودمر مشروع العصابات الإرهابية الانفصالي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الروح المعنوية للمقاتلين وللحاضنة الشعبية للجيش الوطني السوري.

وفي تقديري، فإن معارك جبهات إدلب التي تدور اليوم تهدف إلى إضعاف الجيش الوطني وتدمير معنوياته وتشكيك الحاضنة الشعبية في قدرته على حماية المناطق المحررة.

إلى أي مدى انعكس تصعيد النظام على الوضع الإنساني في إدلب؟ وما أعداد القتلى والجرحى والنازحين حتى الآن؟

– الوضع الإنساني في إدلب سيئ للغاية حتى قبل التصعيد الروسي الأخير، وكان هناك أكثر من 600 ألف مهجر يعيشون في الحقول وبين أشجار الزيتون في وضع لا يطاق، في ظل غياب الاهتمام الدولي والتعامي عن الجرائم الروسية.

ومن المؤكد أن الحملة الحالية زادت الوضع سوءا، وأجبرت آلاف العائلات على النزوح إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون المكتظة أصلا بالنازحين، ولم تعد قادرة على استيعاب وافدين ومهجرين جدد بسبب عدم توفر المساكن وانهيار البنية التحتية بعد 9 سنوات من الحرب والتدمير وانعدام مشاريع الترميم وإعادة الإعمار.

وهناك آلاف العائلات تأتي يوميا إلى البلدات في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في ظروف جوية قاسية بلا مأوى، ولا يملكون إلا ثيابهم وبعضا من متاع لا يرد عنهم حرا ولا قرا، وبالله وحده المستعان.

أخيرًا، ما مستقبل العملية السياسية التي بدأت بتشكيل اللجنة الدستورية. وهل ينسفها هذا التصعيد؟

– النظام كان وما يزال يحاول تعطيل كافة أنواع المفاوضات، وأنا شخصيا على يقين بأن نظام بشار الخائن الذي دمر وأحرق البلاد وشرد ما يزيد عن ثلثي الشعب السوري؛ مستمر في نفس خط الإجرام ولن يقدم أي شيء في المفاوضات، طالما أن المحتلين الروس والإيرانيين يدعمونه.

وفي تقديري، فإن المعارضة لن تحصل من النظام على أي شيء في المفاوضات، والطريق الوحيد لتحقيق أهداف الثورة ومطالب الشعب هي حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد ضد بشار الأسد وطغمة الاستبداد والمحتلين الروس والإيرانيين.

المصدر : الجزيرة