بسبب جرائم الحرب.. شبح الملاحقة القضائية يطارد قادة إسرائيل

صور 1 إجماع للأحزاب اليهودية بالكنيست على رفض قرار المدعية الدولية.
قرار المحكمة الجنائية بوجود أساس للتحقيق في ارتكاب جرائم حرب بفلسطين أثار مخاوف كبار الساسة في إسرائيل (الصحافة الإسرائيلية)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

 
بينما فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة للمرة الثانية خلال عام، يواجه هو وعشرات من القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين الإسرائيليين سيناريو الملاحقة القضائية واحتمال تقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" بأن عشرات المسؤولين الإسرائيليين من عسكريين وسياسيين وأمنيين في الخدمة أو الاحتياط -وفي مقدمتهم نتنياهو- باتوا الآن أمام احتمالية الملاحقة القضائية الدولية والاعتقال إذا سافروا إلى 120 دولة، إن فتح تحقيق دولي بشبهات ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتجمع التقديرات أن نتنياهو ليس وحده من يواجه مخاوف الملاحقة والوقوف في قفص الاتهام الدولي، عقب قرار المدعية في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أن هناك أساسا لفتح تحقيق دولي في شبهات ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وإلى جانب نتنياهو، يخيم شبح الملاحقة القضائية على كل من وزير الدفاع الحالي نفتالي بينيت، ووزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، ورئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، والوزير موشيه يعالون، ومن كان عضوا بالمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) خلال الحملات العسكرية على قطاع غزة.

قائمة الملاحقة القضائية تشمل أيضا كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية (الجزيرة)
قائمة الملاحقة القضائية تشمل أيضا كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية (الجزيرة)

كبار الضباط
ولا تقتصر القائمة على القيادات السياسية، بل تشمل كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية، وفي مقدمتهم رئيس أركان الجيش الحالي أفيف كوخافي، وسابقه غادي آيزنكوت، ورئيس تحالف "أزرق-أبيض" بيني غانتس، ورئيس جهاز الأمن العام (شاباك) نداف أرغمان، ومن سبقه بالمنصب يورام كوهين ويوفال ديكسن.

وأشرف نتنياهو أثناء توليه رئاسة الوزراء على ثلاث حروب على قطاع غزة، كما جرت في عهده عشر جولات قتالية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل الفلسطينية منذ بدء مسيرات العودة في مارس/آذار 2018.

وخلال الحروب والحملات العسكرية على القطاع، قتل الجيش الإسرائيلي بأوامر من القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب، آلاف المدنيين الفلسطينيين. كما تم اغتيال العديد من قادة فصائل المقاومة، بينما تم تدمير عشرات آلاف الوحدات السكنية وتشريد قاطنيها، وهي الحالات التي ترتقي إلى جرائم حرب، حسب القانون الدولي.

ولتجنب توجيه لوائح اتهام من المحكمة الجنائية أو إمكانية ملاحقة قادة إسرائيل، أجرى نتنياهو سلسلة مشاورات مع الوزراء في الحكومة الانتقالية، وكذلك مع المسؤولين في المؤسسة العسكرية والجهاز القضائي، لبحث السبل لمواجهة قرار المدعية العامة الدولية.

وسعيا منه للمراوغة والتستر على عمق الأزمة التي تواجهها إسرائيل في المحافل الدولية بعد قرار المدعية العامة، أصدر نتنياهو تعليماته للمسؤولين بالتكتم على فحوى المشاورات وعدم الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام بشأن الإجراءات الإسرائيلية المتوقعة.

ورغم أزمة الحكم في إسرائيل والتي تتجه إلى إجراء انتخابات ثالثة، والسجال السياسي حيال تهم الفساد التي تواجه نتنياهو، فإن مختلف قيادات الأحزاب اليهودية بمعسكري اليمين والمركز، حتى تلك التي تطالب بتنحي نتنياهو، أجمعت على رفضها قرار المدعية العامة، والتأكيد أنه ليس ملزما لتل أبيب التي أعلنت عزمها مواجهته بمختلف الطرق والأساليب.

وخلافا للانتقادات التي أبدتها القيادات السياسية والقانونية والتي طعنت في قرار المدعية العامة، بزعم أن محكمة لاهاي لا تملك صلاحية إجراء تحقيق في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية لأنها ليست دولة، يجمع محللون أن إسرائيل لديها مصلحة للتعاون مع التحقيق بشأن الصلاحية القضائية للمحكمة، في محاولة للتأثير على محتويات لائحة الاتهام في حال تقديمها.

وتعتقد مراسلة الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" نوعا لاندو أنه سيتعين على المحكمة الجنائية الدولية أولا أن تبت في اختصاصها ومدى صلاحياتها في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وفي هذه المرحلة سيتعين على إسرائيل أن تقرر إن كانت مزايا التعاون تفوق العيوب والشوائب.

جيش الاحتلال متهم بارتكاب ممارسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ترقى إلى جرائم الحرب (الصحافة الإسرائيلية)
جيش الاحتلال متهم بارتكاب ممارسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ترقى إلى جرائم الحرب (الصحافة الإسرائيلية)

جلسات استماع
وقال المحامي لدى المحكمة الجنائية الدولية نيك كوفمان الذي كان يشغل مناصب عليا في مكتب المدعي العام الإسرائيلي، إنه يُتوقع أن تدعو المحكمة في الأيام المقبلة جميع الأطراف ذوي الصلة -بما فيها دولة إسرائيل- إلى جلسات استماع بشأن اختصاص المحكمة.

وسيتعين على إسرائيل -وفقا لكوفمان- أن تقرر إن كانت ستشارك في هذا التقاضي، علما بأن خسارة هذا المسار في القضاء سيسبب أضرارا دبلوماسية وسيكون له تداعيات سياسية خطيرة على إسرائيل، مشيرا إلى أن دولتين -هما ميانمار والولايات المتحدة- فضلتا عدم المشاركة في جلسات التقاضي خشية الخسارة.

من جانبه، أوضح البروفيسور إيال غروس من كلية الحقوق بجامعة تل أبيب، أن المبادرات القانونية وآليات التدقيق والفحص في إسرائيل ستكون حاسمة بالنسبة لمسألة الصلاحية القضائية للمحكمة الجنائية.

كما أوضح أن المدعية العامة الدولية ترى أن إسرائيل لم تستنفد التحقيقات كما يجب في الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وخاصة في مسيرات العودة وقتل المدنيين، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على مسألة الصلاحية القضائية للمحكمة.

المصدر : الجزيرة