بديل عبد المهدي.. الشعب يحدد الملامح وقوى سياسية تخشى المستقبل

People celebrate after Iraqi PM announces resignation- - BAGHDAD, IRAQ - NOVEMBER 29: People celebrate after Iraqi Prime Minister Adil Abdul-Mahdi said he would submit his resignation to parliament within the ongoing anti-government protests in Baghdad, Iraq on November 29, 2019. Iraq has been rocked by mass protests since early October against poor living conditions and corruption. Protesters’ demands later spiraled into calls for dissolving the government of Abdul-Mah
ساحة التحرير و"جبل أحد" مركز الاحتجاجات في بغداد (الأناضول)
علي الرسولي-بغداد
 
بعد يومين من إعلان رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي عزمه تقديم استقالته، صوّت مجلس النواب على قبولها، وذلك في أعقاب طلب المرجعية الدينية الشيعية العليا في البلاد منه سحب الثقة من الحكومة، إثر شهرين من موجة احتجاجات أسفرت عن مقتل نحو 432 شخصا وجرح قرابة 19 ألفا آخرين.
 
موافقة البرلمان العراقي على استقالة عبد المهدي، أطلقت إشارة البدء بحرب نفسية بين القوى السياسية من خلال تسريب أسماء بديلة مرشحة لخلافته، إما بهدف حرقها أمام الشارع المنتفض وإما لاختبار رد فعل الأخير على طرحها.
 
شروط الانتفاضة
ولكن يبدو المتظاهر العراقي اليوم أكثر دراية من السابق، فبعد أن تحقق مراده الأول باستقالة الحكومة، شدد المحتجون في بغداد والمحافظات الجنوبية المنتفضة، على ضرورة إدامة زخم التظاهر حتى تحقيق جميع المطالب ومن بينها الخلاص من الأحزاب الفاسدة وإنهاء كل وجود للمحاصصة في العملية السياسية، وإقرار قانون انتخابات عادل ومفوضية نزيهة.
 
المتظاهر حميد جاسم، أوضح للجزيرة نت، أن "ثورة أكتوبر تواصل الصمود والمسير تجاه تحقيق كامل أهدافها نحو الخلاص من منظومة المحاصصة الطائفية والعرقية".
 
وعن شروط المحتجين لرئيس الوزراء المقبل، بين جاسم أنها وردت في بيان صدر أخيرا تضمن ما يلي:

1- أن يكون شخصية وطنية ومستقلة ونزيهة لا تنتمي لأي جهة دولية أو إقليمية، ولم تتسلم أي منصب خلال الفترة الماضية.
2- يحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير وينزل إلى الشارع مثل أي مواطن.
3- لديه إمكانية إدارية ويعمل على حل مشكلات مؤسسات الدولة المختلفة.
4- أن يكون شجاعا في محاسبة حيتان الفساد وتقديمهم للقانون ويعمل على إعادة الأموال المنهوبة.
5- يتعهد بملاحقة القتلة والمجرمين ممن تلطخت أيديهم بدماء المنتفضين، وفي مقدمتهم الطرف الثالث.
6- أولوياته القضاء على الدولة العميقة وحصر السلاح بيد الدولة.
7- يقف بصورة متساوية أمام جميع المترشحين في الانتخابات المبكرة ولا يرشح لها ولا يؤسس حزبا سياسيا.
 
رفض الإملاءات
أساتذة الجامعات المشاركون في الاحتجاجات، أكدوا ضرورة عدم تشكيل أي حكومة إلا عبر مباحثات في المطعم التركي (جبل أحد)، ورفض أي اقتراح أو إملاء من خارج الثوار.
 
وطالب أساتذة الجامعات في بيان لهم -اطلعت الجزيرة نت على نسخة منه- بـ"اختيار رئيس وأعضاء الحكومة بموافقة الثوار جميعا وبتصويت شعبي داخل ساحات الثوار، وأن يكونوا مستقلين منفردي الجنسية، مشهودا لهم بالوطنية والنزاهة، متنازلين عن جميع امتيازاتهم".
 
وأبدوا رفضهم القاطع لـ أي تدخل خارجي أو داخلي يحابي جهات خارج نطاق حركة الاحتجاج، داعين إلى سن قانون بمدة الحكومة المختارة، على ألا تتجاوز سنة واحدة لتقييم عملها ومدى تطبيق مطالب الثوار.
 
عجز سياسي
وعلى صعيد آخر، لعل ما يجري خلف الأبواب المغلقة، يكشف حجم العجز السياسي الذي تعانيه الطبقة السياسية الحالية، وذلك يبدو واضحا عندما يتعلق الأمر بمن سيخلف عبد المهدي ويحقق مطالب الشارع للخروج من الأزمة الراهنة؟
 
تحالف "سائرون" -الكتلة الأكبر وفقا لنتائج الانتخابات التشريعية 2018 المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر- تنازل عن ترشيح شخصية بديلة لعبد المهدي، إلى الرئيس برهم صالح، واضعا هذا الاستحقاق بيد المتظاهرين.
 
النائب عن الكتلة بدر الزيادي، أشار للجزيرة نت، إلى أن هذا القرار يأتي تماشيا مع المطالبات بإنهاء المحاصصة الحزبية والطائفية، مؤكدا أن الشعب هو صاحب القرار، ومرشح الشعب هو خيار الكتلة لذا يجب مراعاته من قبل رئيس الجمهورية.
 
ولفت الزيادي، إلى عدم إمكانية رئيس الجمهورية التفرد بالسلطة، لكون هذه الحكومة هي تصريف أعمال لـ 45 يوما، وبالتالي في حال لم توفق سيتم حل البرلمان وسيكون رئيس الجمهورية فاقدا لشرعيته، والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
 
وقلل من إمكانية ابتزاز الكتل السياسية لرئيس الوزراء الجديد، بالقول "رئيس الحكومة الجديد يختلف عن كل الذين سبقوه، هذه المرة سيستمد قوته من الشعب، وهو اليوم أقوى من جميع القوى السياسية، وبالتالي فإن دعمه لرئيس الوزراء سيجعل منه قويا قادرا على مواجهة من يريد ابتزازه".
 

إدامة زخم المظاهرات بعد قبول البرلمان استقالة عبد المهدي (الجزيرة)
إدامة زخم المظاهرات بعد قبول البرلمان استقالة عبد المهدي (الجزيرة)
مخاض عسير
وبما أن الضغوط ستزداد على رئاسة الجمهورية لـ15 يوما مقبلة، والجدل سيستمر حول مواصفات رئيس الوزراء فالجميع يريده حسب هواه، وهذا يعني أن البلاد أمام فترة خصبة من النقاش والحوار حتى إيجاد ما يرضي الشارع العراقي.
 
القاضي والنائب السابق وائل عبد اللطيف بين للجزيرة نت، أن موافقة البرلمان على استقالة عبد المهدي، تعني العودة إلى الكتلة الأكبر لحسم ترشيح البديل.
 
وأوضح أن رئيس الجمهورية سيطلب من الكتلة الأكبر ترشيح البديل ليتم تكليفه من قبله ومن ثم يمنح البرلمان الثقة لحكومته، متوقعا انبثاق كتلة نيابية جديدة تكون الأكبر عددا لترشيح رئيس جديد للوزراء، بعد تنازل "سائرون"، وتردد تحالف الفتح.
 
ومع احتدام الأزمة داخليا جراء انعدام الثقة بين الشعب والقادة السياسيين الحاليين، يبدو أن استقالة عبد المهدي لن تضع نهاية للوضع الراهن، إذ يصر المحتجون على رحيل كل مكونات الطبقة السياسية الحاكمة منذ 2003 وحتى الآن. 
المصدر : الجزيرة