ما دلالات إعلان مدن ليبية حالة النفير لإنهاء معركة طرابلس؟

قوات حكومة الوفاق الوطني جنوب طرابلس تتصدى لمسلحي حفتر
عناصر تابعة لحكومة الوفاق الوطني في جبهات القتال جنوبي طرابلس (الجزيرة)
محمود محمد-طرابلس

أعلنت مدن ليبية الاثنين حالة النفير القصوى وإرسال تعزيزات عسكرية للمشاركة في عمليات حسم معركة طرابلس ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأعلنت مجالس بلدية وعسكرية في مدن غرب ليبيا من بينها زليتن والزاوية وكاباو والرحيبات والخمس ومسلاتة، حالة الطوارئ وتسخير كافة الإمكانيات تحت تصرف الدولة لحسم معركة طرابلس ودحر مليشيات حفتر والتمسك بخيار الدولة المدنية ورفض حكم الفرد.

وبعد اجتماع مشترك ضم المجلس البلدي لمصراتة ومجلس الأعيان والمصالحة بالمدينة والمنطقة العسكرية الوسطى وأعضاء عن مجلس النواب ورجال أعمال، تقرر تشكيل "غرفة طوارئ" لرد ما وصف بالعدوان على العاصمة.

تعزيزات عسكرية
وأرسلت المنطقة العسكرية الوسطى من مصراتة وزليتن تعزيزات عسكرية جديدة إلى محاور القتال في طرابلس، تنفيذا لإعلانها حالة الطوارئ ودعم القوات العسكرية المتواجدة جنوب العاصمة الليبية.

وتعد كتائب مصراتة القوة الضاربة والعمود الفقري الذي تعتمد عليه حكومة الوفاق في خط دفاعها عن العاصمة جنوب طرابلس حيث تدور الاشتباكات المسلحة، كما تتمركز هذه الكتائب قرب مدينة بني وليد وفي مدينة سرت التي خاضت فيها معارك طاحنة للقضاء على معقل تنظيم الدولة في ليبيا.

وقد كانت الكتائب المسلحة المنتمية إلى مصراتة أولى طلائع القوات المتصدية لرتل حفتر عند هجومه على طرابلس في الرابع من أبريل/نيسان الماضي.

وخسرت قوات حفتر منذ هجومها على العاصمة طرابلس مواقع مهمة، من بينها مدن ومناطق العزيزية والرملة والساعدية، فيما تعد كبرى خسائرها في مدينة غريان جنوب غرب العاصمة.

وتتركز الاشتباكات حاليا في عدة محاور هي الزطارنة ووادي الربيع وعين زارة والخلة واليرموك وطريق النهر والخلاطات والتوغار والطويشة والساعدية والهيرة، جنوب وجنوب غرب طرابلس.

وقد اعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز أن ما صدر عن مدن المنطقة الغربية محل ترحيب من الأوساط الداعمة لقيام الدولة المدنية ومناصري ثورة من 17 فبراير.

وبشأن إعلان حالة النفير في هذا التوقيت، يرى دبرز أن "تفاقم المعاناة الإنسانية في طرابلس وطول أمد الأزمة هو أحد الأسباب الرئيسية لهذا الإعلان".

ويضيف أن التجاوزات المتكررة من مصر التي تتدخل سلبيا في الشأن الليبي الداخلي وتحاول ممارسة دور الوصاية، تتطلب وقفة جادة من جميع الليبيين لقطع الطريق على أطماع دول "محور الشر".

رصّ الصفوف
وأوضح دبرز أن تحشيد حفتر وجلبه المرتزقة من دول مختلفة مؤخرا جعل من المدن المناصرة للثورة الليبية -ومن بينها مصراتة- سباقة لرص الصفوف وتوحيد الجهود واستشعار الخطر حرصا على الدولة والثورة.

واعتبر المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي أن حكومة الوفاق تنوي اتخاذ خطوات مهمة، وكانت تحتاج إلى سماع أصوات المواطنين بمختلف توجهاتهم لاستكمال درب حسم معركة طرابلس وبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي.

وأردف قائلا "قوات الاحتياط في المدن مطالبة بالنفير بكامل قواتها، وقد تتطلب هذه الخطوة تعطيل بعض مؤسسات الدولة وتأثر الحياة اليومية، لكنها خطوة لا بد منها".

وأكد المجعي أن مصراتة من المكونات الليبية الرافضة لحكم الفرد المستبد والمطالبة بدولة مدنية ديمقراطية تحمي حقوق الإنسان، وقد سخرت المدينة ثقلها لصد العدوان على طرابلس.

وأوضح أن إعلان عدة مدن حالة الطوارئ مؤشر إيجابي ودفعة معنوية كبيرة لأبطال عملية "بركان الغضب"، مشيرا إلى رغبة الليبيين في حسم المعركة من أجل دولة مستقرة وقطع الطريق على الدول المتدخلة في الشأن الليبي.

فيما يرى الخبير الإستراتيجي عادل عبد الكافي أن إعلان حالة النفير مهم في هذا التوقيت للتعبئة العامة وتسخير القوة السياسية والعسكرية والمالية لدعم جبهات القتال والتقدم لإنهاء المعركة ميدانيا.

ثلاث مناسبات
وينبه عبد الكافي إلى أن مصراتة لم تعلن حالة النفير إلا في ثلاث مناسبات: في الثورة الليبية عام 2011، وعندما واجهت تنظيم الدولة في سرت عام 2016، والآن تعلنه من جديد لمواجهة مليشيات حفتر.

ويرى أن موازين المعركة سوف تتغير قريبا مع دخول قوات جديدة إلى محاور القتال لإنهاء حالة الجمود الميداني الناتج عن محاولات بعض الدول إطالة أمد المعركة وحل الأزمة بطرق سياسية.

وأردف قائلا "لا شك أن حكومة الوفاق توصلت إلى أن حل الأزمة عبر الطرق السياسية هدفه المناورة من دول تدعم حفتر، ولذلك تفكر الحكومة الآن بشكل جدي في إنهاء معركة طرابلس".

وأوضح عبد الكافي أن حسم المعركة يتطلب الانقضاض على أهم معاقل حفتر في مدينة ترهونة لإسقاط مشروعه في المنطقة الغربية والانتقال بالمواجهات إلى شرق ليبيا لملاحقة مليشياته التي ارتكبت جرائم حرب في عدة مدن، بحسب تعبيره.

المصدر : الجزيرة