انتخابات ثالثة بإسرائيل.. هل بدأت نهاية نتنياهو؟

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

في الوقت الذي صدّق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى من أصل ثلاث على حل نفسه والتوجه لانتخابات برلمانية ثالثة في أقل من عام، أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان أنه لن ينضم إلا لحكومة وحدة وطنية شاملة، متهما حزب الليكود وتحالف أزرق أبيض بجر إسرائيل لانتخابات ثالثة بغضون عام.

وكانت المهلة الرسمية لتشكيل حكومة في إسرائيل قد انتهت دون أن ينجح أي طرف في تشكيل الحكومة.

وسيواصل الكنيست في الساعات القليلة المقبلة مناقشة مشروع قانون حل نفسه، ليصبح نافذا بعد التصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة.

يأتي هذا بعد أن وصلت مساعي تشكيل حكومة في إسرائيل إلى طريق مسدود، حيث تراشق قادة الأحزاب بالاتهامات بمسؤولية كل طرف عما آلت إليه أزمة الحكم في إسرائيل.

وفي محاولة منه للإبقاء على نفسه رئيسا للوزراء دون الذهاب لانتخابات ثالثة، بحث بنيامين نتنياهو إمكانية التنازل عن الحصانة في حال شكلت حكومة وحدة وطنية شاملة، على أن يكون أولا بالتناوب مثلما اقترح رئيس الدولة رؤوفين ريفلين.

ورأت صحيفة "هآرتس" أن ذلك بمثابة خدعة من نتنياهو للضغط على تحالف أزرق أبيض للقبول بشروطه، والتنصل من مسؤولية جر إسرائيل لانتخابات ثالثة واتهام ليبرمان وزعيم أزرق أبيض بيني غانتس بذلك. 

الكنيست صدّق بالقراءة التمهيدية الأولى على مشروع قانون لحل نفسه والتوجه لانتخابات جديدة (الجزيرة نت)
الكنيست صدّق بالقراءة التمهيدية الأولى على مشروع قانون لحل نفسه والتوجه لانتخابات جديدة (الجزيرة نت)

ويخوض نتنياهو معركة على رئاسة حزب الليكود، حيث ستجري انتخابات في 26 ديسمبر/كانون الأول الحالي، وذلك بعد أن أعلن الوزير الأسبق جدعون ساعر التنافس على رئاسة الحزب.

ودعا ساعر نتنياهو إلى التنحي واعتزال الحياة السياسية ومواجهة الفساد في أروقة المحاكم، وهي الدعوة التي قوبلت بتحريض من قبل أعضاء الليكود ضد ساعر.

وتشير التقديرات إلى أن نتنياهو قد يتمكن من حسم المعركة الداخلية والبقاء في رئاسة الليكود، لكن الاعتقاد يتعزز وفقا لمحللين وسياسيين باستحالة نجاحه في تشكيل الحكومة حتى بعد حسم انتخابات الكنيست الثالثة، وذلك بسبب توصيات المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو بتهم فساد ورشى وخيانة الأمانة.

ويواجه نتنياهو تحديات بشأن مستقبله السياسي، بدءا من ملفات الفساد ولوائح الاتهام التي ستقدم ضده للمحكمة المركزية بالقدس، وتلويح قادة أحزاب اليمين بتفكيك كتلة اليمين، مع تعزيز مكانة وقوة تحالف أزرق أبيض بزعامة غانتس، حسب قول المحلل السياسي للقناة 13 الإسرائيلية، رفيف دروكر.

الحاخامات وأحزاب الحريديم تعلن دعم نتنياهو وتجدد الثقة به (الجزيرة نت)
الحاخامات وأحزاب الحريديم تعلن دعم نتنياهو وتجدد الثقة به (الجزيرة نت)

تناوب وتحالف
ويجزم دروكر أن تنازل رئيس "يش عتيد" يائير لابيد عن اتفاق التناوب على رئاسة الحكومة مع غانتس، يأتي لتدعيم تحالف أزرق أبيض وتمكينه من حسم الانتخابات الثالثة وتعزيز فرص تشكيل الحكومة المقبلة لتجمع بين العلمانيين والمتدينين، من خلال ضم الائتلاف الحكومي، وحتى أحزاب الحريديم التي شكلت حجر الأساس للكتلة الداعمة لنتنياهو رغم ملفات الفساد ضده.

وأوضح المحلل السياسي أن نتنياهو تمكن -رغم التوصية بتقديمه للمحاكمة- من الإبقاء على ذاته وسط المشهد السياسي الإسرائيلي بإقامة كتلة اليمين المؤلفة من 55 عضوا، والتي منحته الحصانة وحيز المناورة، لكن دون أن ينجح وللمرة الثانية في تشكيل حكومة لليمين.

انتخاب ومحاكمة
ويرى محلل الشؤون الحزبية والبرلمانية يوسي فيرتر أن نتنياهو يسعى لرسم الخريطة السياسية والتحالف بين أحزاب اليمين والصهيونية الدينية لضمان تمثيلها بالكنيست، وبالتالي تشكيل حكومة ضيقة ومتطرفة.

وقال فيرتر إنه في ظل توازن القوى بين اليمين والمركز وموقف ليبرمان الداعي لحكومة وحدة وطنية شاملة، سيكون من الصعب الإطاحة بنتنياهو عبر صندوق الاقتراع، وسيبقى المسار القضائي هو الأكثر فعالية لحجب نتنياهو عن المشهد السياسي بإسرائيل.

52% من الناخبين لا يرون نتنياهو الشخص المناسب لمنصب رئاسة الحكومة وفق استطلاع للإذاعة الإسرائيلية الرسمية
52% من الناخبين لا يرون نتنياهو الشخص المناسب لمنصب رئاسة الحكومة وفق استطلاع للإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" (وكالة الأنباء الأوروبية)

صراع وإطاحة
ووسط الصراعات الداخلية لمنع تصدع الليكود وفشل نتنياهو من تشكيل حكومة والتجهيز لتقديم لائحة اتهام ضده في يناير/كانون الثاني المقبل، ثمة صراع آخر يخوضه نتنياهو الملقب بـ "ملك إسرائيل" وهو تراجع شعبيته التي حظيت بدعم 65% من المجتمع الإسرائيلي في السابق.

فقد أظهر استطلاع للإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان"، أمس الأربعاء، أن 52% من الناخبين لا يجدون نتنياهو الشخص المناسب لمنصب رئاسة الحكومة.

ويرى المحلل السياسي عكيفا الدار أن انتخابات ثالثة مع تقديم نتنياهو للمحاكمة بمثابة امتحان حقيقي للديمقراطية الإسرائيلية، لافتا إلى أن الناخب عجز عن الإطاحة بنتنياهو عبر صناديق الاقتراع، كما أن المسار القضائي بطيء جدا مقارنة مع ملفات سابقة لرؤساء حكومات ووزراء وأعضاء كنيست وحاخامات بإسرائيل.

وبين الدار أن نتنياهو بحاجة إلى تدعيم كتلة اليمين بستة مقاعد ليس من أجل تشكيل حكومة وحسب، وإنما لتشريع قانون لتحصينه وإلغاء لوائح الاتهام ضده، مؤكدا أنه على هذا الأساس دفع رئيس الوزراء إسرائيل لانتخابات ثالثة قد تكون بداية نهاية حقبة نتنياهو والتوجه إلى قفص الاتهام.

المصدر : الجزيرة