نيويورك تايمز: من الرئيس الأميركي الذي يشبه ترامب في سلوكه؟

U.S. President Donald Trump listens during a meeting with Bahrain Crown Prince Salman bin Hamad Al Khalifa in the Oval Office of the White House in Washington, U.S., September 16, 2019. REUTERS/Al Drago
الكاتبة: ترامب أظهر عدم أهليته للرئاسة بشكل واضح حتى قبل توليه المنصب (رويترز)

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا مطولا للكاتبة الأميركية من أصل هندي مانيشا سينها، تناولت فيه بالمقارنة أوجه الشبه الكبير بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الـ17 للولايات المتحدة أندرو جونسون.

وقالت إن هناك من الأمور ما يربط بين الرئيسين أكثر بكثير من تعرض الاثنين لإجراءات تطعن بأهليتهما للحكم، مشيرة إلى أن ما من أحد كان يتوقع أن أيا منهما سيدخل البيت البيض رئيسا للبلاد.

فكل من جونسون وترامب بدأ ولايته الرئاسية بنفحة من عدم شرعية حامت حول شخصيتيهما. فجونسون أصبح رئيسا عقب اغتيال سلفه إبراهام لينكولن، وترامب اعتلى سدة الحكم بفوزه بأصوات أغلبية أعضاء المجمع الانتخابي، رغم أن الأصوات التي جمعها من التصويت الشعبي كانت تقل بثلاثة ملايين صوت عما حصلت عليه منافسته عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، وهو ما اعتبرته سينها أكبر هامش خسارة يتكبدها رئيس فائز بالانتخابات.

ورأت الكاتبة أن حجم الفارق بين ما حصل عليه ترامب وما جمعته كلينتون من أصوات الناخبين لا تبشر بخير للديمقراطية الأميركية.

تشابه كبير
وتقول الكاتبة إنه نادرا ما يكون "التماثل التاريخي" في مثل هذه الأحوال بتلك البساطة، لكنه قد يحدث عندما يفطن المؤرخون إلى أنماط وأوجه التشابه الكبير بين اللحظة الراهنة والماضي.

ورغم أن كثيرا من الرجال غير المعصومين تولوا رئاسة الولايات المتحدة، فإن قليلا منهم فقط غضوا الطرف عن يمين القسم الذي أدوه، مما جعل تصرفاتهم تستوفي المعايير الدستورية التي تستوجب العزل.

وأشارت سينها -وهي مؤلفة كتاب "قضية الرقيق: تاريخ الإلغاء"- إلى أن أول رئيس خضع لإجراءات العزل كان جون تايلر الذي تولى زمام السلطة بعد وفاة الرئيس ويليام هنري جونسون المفاجئة تماما مثل أندرو جونسون.

وتميز جون تايلر -وهو الرئيس العاشر للولايات المتحدة- بأنه كان مؤيدا للعبودية، كما أنه كان أول رئيس يرتكب خيانة ضد وطنه، بأن صوّت لصالح انفصال ولاية فيرجينيا عن الاتحاد الأميركي.

تصرفات ترامب
وتضيف الكاتبة أنه على العكس من تايلر، كان جونسون العضو الوحيد داخل مجلس الشيوخ من الولايات الكونفدرالية الذي لم يستقل من منصبه عندما علم بانفصال ولايته. ولهذا السبب عينه الرئيس لينكولن حينها حاكما عسكريا على تينيسي بعد إعادة أغلب أراضيها للاتحاد، ثم كافأه بعد ذلك بترشيحه لمنصب نائب الرئيس.

وبعد توليه الرئاسة إثر اغتيال الرئيس إبراهام لينكولن في 14 أبريل/نيسان 1865، كاد جونسون يُعزل من منصبه بعد أن سقط اقتراحه إدانته بصوت واحد عن أغلبية الثلثين التي يحتاجها قرار الإطاحة به داخل الكونغرس.

وإذا كان لجلسات الاستماع داخل مجلس النواب من فضل في كشف أي شيء، فقد أظهرت أن تصرفات ترامب ترقى بوضوح للمعايير الواردة في بند العزل بالدستور التي تتمثل في "الخيانة أو الرشوة أو الجرائم والجنح الصارخة".

ومع أن "إجرام" ترامب على شاكلة ما اقترفه الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون بمحاولته التدخل في انتخابات رئاسية، فقد أظهر -مثل أندرو جونسون- سلوكا ينم عن افتقار للباقة والأدب.

سيرة حياة
وتمضي سينها في مقارنتها إلى القول إن سيرة حياة كل من ترامب وجونسون لا تختلف كثيرا عن بعضهما، إلا أن افتقارهما لآداب السلوك "الرئاسي" كان جليا منذ البداية.

غير أن جونسون وترامب كليهما أظهرا عدم أهليتهما للرئاسة بشكل واضح حتى قبل توليهما المنصب. فقد أفرط جونسون في تناول الكحول عندما كان يؤدي يمين القسم عند توليه منصب نائب الرئيس، وبدا مترنحا ومخمورا أثناء إلقائه كلمته مما أحرج كل الحضور.

ورغم أن ترامب لا يتعاطى المسكرات، فإنه أدار حملته الانتخابية بطريقة اتسمت في جلها بالإهانات والسخرية والاستهزاء والأكاذيب والابتذال، على حد تعبير مانيشا سينها.

ولعل تصريحات ترامب "الفظة والقاسية" التي ظل يطلقها منذ توليه الرئاسة أكثر من أن تحصى، برأي الكاتبة.

جنس أبيض
غير أن الأهم من كل ذلك، أن كلا الرجلين -جونسون وترامب- صنعا من فكرة تفوق الجنس الأبيض "بطولة غير مخفية"، وتفننا في استخدام سياسة "التفرقة العنصرية".

فقد روج جونسون لفرية عنصرية مفادها أن البيض في الولايات الجنوبية وقعوا ضحية تحرر العبيد واكتسابهم الجنسية الأميركية، ويبدو أن ترامب قد راقت له هذه الفرية تماما إذ وصف التماثيل والصروح التي تمجد حقبة الكونفدرالية بالجميلة.

وقد شهدت تلك الحقبة الحرب الأهلية الأميركية التي انتهت بفوز مناصري الاتحاد على ولايات "الرقيق" الجنوبية التي أعلنت انفصالها عن الولايات المتحدة.

وخلصت سينها إلى وصف أندرو جونسون ودونالد ترامب بأن كليهما من الزعماء "الدهماء"، وهددا "أطول تجربة في نظام الحكم الجمهوري الديمقراطي في العالم".

ونصحت الكاتبة في ختام مقالها أعضاء الحزب الديمقراطي بضرورة إقناع الشعب الأميركي بمدى الخطورة الفعلية التي يمثلها استمرار ترامب في المنصب على جمهورية الولايات المتحدة، وليس التركيز على جرائمه فقط.

المصدر : الجزيرة + نيويورك تايمز