هل من الحكمة أن يسيطر جيش مصر على معظم اقتصاد البلاد؟

تصميم تخيلي للنهر الأخضر في قلب العاصمة الإدارية الجديدة عرضته الحكومة على وسائل الإعلام
تصميم تخيلي للنهر الأخضر في قلب العاصمة الإدارية الجديدة (مواقع التواصل)

تساءل باحث بمركز كارنيغي للشرق الأوسط عن حكمة تسلط جيش مصر على معظم اقتصاد البلاد.

وذكر يزيد الصايغ في مقال بموقع ميدل إيست آي أن الجيش المصري لعقود سمح له بالانخراط في الأنشطة الاقتصادية كطريقة لتقليل موازنة الدفاع، وأضاف أن الاقتصاد العسكري يسمح أيضا بتعويض كبار الضباط مقابل الرواتب المنخفضة والمعاشات التقاعدية، وذلك بمنحهم الفرصة للحصول على دخل ومزايا إضافية.

وأشار الصايغ إلى أن الحجم الكلي لمثل هذه الأنشطة الاقتصادية كان متواضعا نسبيا حتى عام 2011، عندما أجبر الرئيس السابق حسني مبارك على ترك السلطة، ولكن منذ عام 2013، عندما استولى الجيش على السلطة تغير الوضع لأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح رئيسا في 2014، اعتمد على الجيش لتولى إدارة الاقتصاد، وحل فعليا محل الحكومة في منح العقود وإدارة البنية التحتية العامة للبلاد.

لكن هذا النهج، كما يرى الباحث، يتجاهل المشاكل الهيكلية الحقيقية في الاقتصاد المصري، بما في ذلك انخفاض الإنتاجية والاستثمار في جميع القطاعات باستثناء الطاقة والعقارات وانخفاض القيمة المضافة، خاصة في القطاعات المعتمدة على التكنولوجيا.

ويضيف الصايغ أن مساهمة الجيش الإجمالية في البنية التحتية العامة كانت محدودة إلى حد ما حتى عام 2011 عندما أطاحت الثورة بمبارك، ومنذ ذلك الحين كان هناك تحول كبير، حيث يدير الجيش الآن نحو ربع إجمالي الإنفاق الحكومي على الإسكان والبنية التحتية العامة، ما يقدر بحوالي 370 مليار جنيه مصري (23 مليار دولار)، وهو ما قد لا يبدو كثيرا مقارنة بالميزانيات الحكومية في الولايات المتحدة أو أوروبا، لكن في مصر هو مبلغ ضخم.

ازدراء الأجهزة المدنية
وهذا هو السبب في أن الحكومة المصرية مثقلة بالديون، مما يعطي فكرة عن حجم عمل الجيش مقارنة بالإنفاق الحكومي الشامل على البنية التحتية العامة.

وذكر الباحث أن السيسي أظهر ازدراء علنيا للأجهزة المدنية في دولته وأنه يشعر بأنه يستطيع الثقة في الجيش فقط للقيام بأي مهمة في الوقت المحدد في حدود الميزانية، يرى الباحث في ذلك أن السيسي لا يمتلك رؤية اقتصادية ولا يفهم كيفية إيجاد الوظائف أو النمو أو زيادة الإيرادات بطريقة مستدامة. والأمر كله أن الجيش يتبع الأوامر حتى أنه إذا طلب منهم الذهاب لبناء مدينة جديدة في الرمال في مكان ما فهذا ما يحدث.

وقال إن الجيش بهذه الطريقة يغرق كميات ضخمة من رأس المال في مشروعات غير منتجة، غالبا ما تضر العلاقات مع القطاع الخاص، لأنه يتولى الإدارة والدخل من هذه المشروعات.

وخلص الباحث إلى أنه لكي يتغير هذا الوضع يتعين أن يكون الرئيس الذي يشغل منصبه في مصر أن يدرك الحاجة إلى تفكيك أجزاء من الاقتصاد العسكري، وللقيام بذلك سيتعين على الرئيس الجديد أن يحدد بدقة أجزاء الاقتصاد التي يمكن التراجع عنها، مع إثارة أقل مقاومة من الجيش، وستكون هناك حاجة إلى دعم عسكري لذلك.

وفي الوقت نفسه سيتعين على الرئيس الجديد تعويض الجيش عن المصالح والمزايا التي يخسرها التي قد تتعلق بالرواتب والمعاشات التقاعدية، لأن تلك المزايا هي التي دفعت الجيش في البداية إلى المشاركة في الاقتصاد.

المصدر : ميدل إيست آي