لوموند: هل تحول الساحل إلى فخ للقوات الفرنسية؟

French soldiers from Operation Barkhane patrol north of Timbuktu November 6, 2014. If the French army and its allies are to keep al Qaeda at bay in the desert of northern Mali they must stop them seizing the biggest prizes in the sea of white sand - the wells. So this month a column of soldiers from France, Burkina Faso and Mali, in armoured vehicles and pick-up trucks, churned toward a village north of Timbuktu where herders water camels and goats. They were looking fo
القوات الفرنسية بالساحل قوامها 4500 عنصر (رويترز)
أثار مقتل 13 جنديا فرنسيا خلال عملية قتالية في مالي أسئلة حول الأهداف التي تسعى باريس لتحقيقها والإستراتيجية التي اعتمدتها في الساحل، بعد ما يقرب من سبع سنوات من بدء العملية التي انطلقت في يناير/كانون الثاني عام 2013.

وفي افتتاحيتها، قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن هذا التدخل الخارجي حظي بدعم سياسي واسع في بدايته، وبدا كأن الانتصار محقق وقريب، وهتفت الجماهير بصورة غير متوقعة في عاصمة مالي باماكو ابتهاجا بالقوة العسكرية الاستعمارية السابقة.

ولئن رأت الصحيفة أن الصدمة الناجمة عن مقتل الجنود ليست أفضل لحظة للتشكيك في مزايا عملية "برخان" التي شاركوا فيها، فإنها مع ذلك، رأت فيها مناسبة لإثارة الأسئلة حول الأهداف التي تسعى فرنسا إلى تحقيقها والإستراتيجية المتبعة للوصول إليها.

وإذا كان الهدف -كما وصفه رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب- هو تحقيق "الاستقرار السياسي والاقتصادي" في المنطقة، فإن وجود 4500 جندي فرنسي لا يمكن أن يحققه وحده، فالجماعات الجهادية -وإن لم تستول على السلطة في باماكو- قد انتشرت في أرجاء المنطقة، من النيجر إلى بوركينا فاسو إلى حدود كوت ديفوار، في قلب أفريقيا الناطقة بالفرنسية، وقد تضرر منها الآلاف من المدنيين والعسكريين هناك، حسب لوموند.

تحديات ضخمة

موت الجنود الفرنسيين الـ13 يمنح فرصة مأساوية للرئيس إيمانويل ماكرون لإعادة فتح النقاش حول سياسة باريس في الساحل وتوضيح الأهداف المنشودة منها لكل من الفرنسيين وسكان هذه المنطقة،

وقالت الصحيفة إن خطاب "الجهاديين" الطهوري الواعد بالحماية والتمويل يحظى بصدى حقيقي بين السكان المهمشين في هذه المنطقة، مقابل حكومات ينخرها الفساد، عاجزة عن تلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، وجيوش غير فعالة وعديمة الأخلاق. وهذا ما سمح "للإسلاميين" المسلحين بأن يتجذروا في الساحل ويستغلوا الخصومات القديمة لتحويلها إلى كراهية انتقامية، كما تقول الصحيفة.

وأوضحت افتتاحية لوموند أن التدهور الأمني رغم وجود آلاف الجنود الأجانب، ووعود التمويل الدولي التي لا تصل، وعجز القادة عن ممارسة سلطتهم على كامل بلادهم، أمور جعلت بعض الآراء المحلية تتذمر علنا مما تقوم به فرنسا.

ورأت الصحيفة أن الانتصار الوحيد المحتمل لا يمكن أن يتحقق دون إعادة بناء هذه الدول -مثل مالي وبوركينا فاسو- التي تواجه تحديات هائلة، كانهيار مواردها المالية وإرساء الديمقراطية الذي أدى إلى تفاقم الصراعات بين الطوائف، وكانتشار الأسلحة والاحتباس الحراري الذي قلل من الأراضي الصالحة للزراعة وزاد من حدة الصراع عليها.

ولا يمكن تحقيق الاستقرار دون عودة الأمن -كما تقول الصحيفة- ولكن الجنود الفرنسيين وحدهم لا يستطيعون استعادته، لا لأنهم يمثلون المستعمر السابق في نظر الناس فقط، ولكن لأنهم لا يستطيعون التعويض إلى الأبد عن الغياب الفعلي للدول صاحبة الشأن.

ولهذا، يجب أن يصبح الاتحاد الأوروبي الذي يتعرض أمنه للخطر، أكثر انخراطا مع فرنسا، لا من الناحية العسكرية فقط، ولكن أيضا للضغط على الفساد وسوء التسيير، كما تقول الصحيفة، مع أنه لا شيء ممكنا من دون دول المنطقة.

وختمت الصحيفة بأن موت الجنود الفرنسيين الـ13 يمنح فرصة مأساوية للرئيس إيمانويل ماكرون لإعادة فتح النقاش حول سياسة باريس في الساحل وتوضيح الأهداف المنشودة منها لكل من الفرنسيين وسكان هذه المنطقة، وإطلاعهم على الوسائل العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية المبذولة لها، وأيضا على المخاطر التي يمكن أن تجلبها.

وأكدت الصحيفة أن هذا ضروري إذا كان ماكرون لا يريد -بعد سبع سنوات- أن يتحول المأزق الحالي إلى واحدة من تلك المصائد التي وقعت فيها فرنسا أحيانا خلال تاريخها الأفريقي الطويل.

المصدر : لوموند