لبنان.. سباق بين التوتر الأمني والاحتواء السياسي للأزمة

الرئيس الحريري اشترط لترؤس الحكومة المقبلة ان تكون خالية من الوجوه السياسية
الحريري اشترط لترؤس الحكومة المقبلة أن تكون خالية من الوجوه السياسية (الجزيرة)

وسيم الزهيري-بيروت

لحظات صعبة عاشها اللبنانيون في الأيام القليلة الماضية بفعل الأحداث الأمنية المتنقلة. ورغم بقائها محدودة ومحصورة، فإن هذه الأحداث رفعت منسوب القلق من احتمال انزلاق البلاد نحو انفجار أكبر.

وما عزز مثل هذه الاحتمالات هو انسداد الأفق السياسي وتعثر الاتصالات والمشاورات للخروج من الأزمة، وذلك بعد أكثر من أربعين يوما على انطلاق الحراك الشعبي في وجه الطبقة السياسية احتجاجا على تفشي الفساد وتفاقم الأزمة المعيشية.

غير أن مفصلا جديدا دخلته الأزمة في الساعات الأخيرة مع إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عدم رغبته في تشكيل الحكومة الجديدة، مشددا على أنه يعمل على قاعدة "ليس أنا بل أحد آخر".

ويأمل الحريري أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد بتشكيل الحكومة.

وقالت مصادر القصر الرئاسي إن الرئيس عون سيدعو لبدء الاستشارات النيابية غدا الخميس.

خطوة الحريري سبقتها توترات أمنية على الأرض أثناء تحركات مناصرين لحزب الله وحركة أمل في شوارع بيروت عبر مواكب لدراجات نارية، وذلك احتجاجا على إقفال ناشطي الحراك الشعبي للطرقات.

وقد توجهت هذه المواكب إلى ساحة اعتصام ناشطي الحراك الشعبي وسط العاصمة، مما أدى إلى مواجهات بين الجانبين، تخللها تحطيم بعض الخيم التي أقامها الناشطون منذ بدء الاحتجاجات الشعبية الشهر الماضي.

وفي مدينة صور جنوبي البلاد، هاجم مناصرو حركة أمل وحزب الله ساحة اعتصام ناشطي الحراك وأحرقوا عددا من الخيم. كما عمدوا إلى التجمع مقابل ساحة اعتصام ناشطي الحراك في مدينة بعلبك شمال شرقي البلاد وطالبوهم بإنهاء اعتصامهم، بينما عملت القوى الأمنية على الفصل بين الطرفين.

‪مراقبون يرون أن التوترات الأمنية المتنقلة تشكل تبادل رسائل بين القوى السياسية‬ (الجزيرة)
‪مراقبون يرون أن التوترات الأمنية المتنقلة تشكل تبادل رسائل بين القوى السياسية‬ (الجزيرة)

مفصل جديد
يقول الكاتب الصحفي أمين قمورية إن الحريري أوحى منذ أيام بأنه لا يريد العودة إلى رئاسة الحكومة لأن شروطه لتشكيل حكومة أخصائيين مع صلاحيات استثنائية لم تلق قبول الفرقاء الآخرين.

وأضاف قمورية للجزيرة نت أن لبنان أمام مفصل جديد، معتبرا أن قرار الحريري الأخير قد تكون له تداعيات إيجابية إذا جاء ضمن اتفاق مع باقي الفرقاء حول شخصية رئيس الوزراء المقبل.

ولفت إلى وجود احتمال آخر وهو تشكيل حكومة من لون واحد بدون التوافق مع الحريري، ورأى أن الباب لم يقفل بالكامل، معتبرا أن إعلان الحريري يفتح الباب أمام شخصية أخرى لتولي هذا المنصب.

من جهته اعتبر المحلل السياسي توفيق شومان أن خطوة الحريري جاءت في إطار اتفاق، معتبرا أنها فتحت الأبواب لبدء الاستشارات وبالتالي التوصل إلى حل.

وقال شومان للجزيرة نت إن الحكومة المقبلة ستكون حكومة أخصائيين مطعمة بوزراء سياسيين غير معروفين، مستبعدا مشاركة رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل.

ورأى أن الأمور ذاهبة نحو التهدئة مبدئيا، وأن الوضع مقبل على مرحلة التقاط أنفاس، معتبرا أن وجود وجوه موثوقة في الحكومة الجديدة سيريح الشارع.

مخاطر استمرار الأزمة
تداعيات الأزمة لم تقتصر على الشق الأمني، بل إن المخاوف تصاعدت نتيجة المؤشرات الاقتصادية والمالية المقلقة في ضوء ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في الأسواق الموازية، وذلك في وقت قررت فيه الهيئات الاقتصادية اللبنانية الدعوة إلى تنفيذ إضراب عام لكل المؤسسات الخاصة أيام الخميس والجمعة والسبت من الأسبوع الجاري احتجاجا على التأخر في تأليف حكومة. وقالت الهيئات الاقتصادية إن آلاف المؤسسات باتت مهددة بالإقفال، وإن عشرات آلاف الموظفين مهددون بفقدان وظائفهم.

وبالتزامن، جدد وزير الصحة اللبناني جميل جبق تحذيره من أن القطاع الاستشفائي في البلاد دخل مرحلة خطرة للغاية، مشيرا إلى أن المستشفيات تعاني من نقص في المعدات والمستلزمات الطبية.

المصدر : الجزيرة